ثورة مصر

ولادة جديدة

null
بشير مفتي
ترى ما هي الأسئلة الجديدة التي سنطرحها على أنفسنا نحن العرب بعد ثورة الياسمين مع أنها كلفت التونسيين مئة قتيل من أجل حريتهم وانتقالهم الى عصر الحرية الجديد؟ مصر بدورها تعيش هذه الأيام انتفاضتها، مصر التي تمثل المركز العربي الذي حمل آمالنا وآلامنا لفترة طويلة. ما هي الاسئلة التي يجب طرحها الآن على الكتاب والمثقفين العرب؟ ما هي اللغة التي سندبج بها خطاباتنا الجديدة؟ وما هي الرؤى التي سنقترب بها من لحظة تاريخية جديدة، أعادت فجأة العرب إلى واجهة التاريخ من جديد؟
لا شك أنه عصر مبهج هذا الذي يشهد ولادة «الصراخ العربي»، الصراخ الذي يحمل أكثر من صرخة بدوره، أي أكثر من دلالة، فهو احتجاج عن قهر، هو نداء لفجر، هو انتظار لإشراق شمس، هو وعي، صراخ يريد أن يشق الطريق نحو ولادة جديدة، ولادة تفتح الأمل على ما فقدناه طوال عقود من أمل.
لقد وجدنا أنفسنا فجأة أمام لحظة ليس لها عنوان محدد، مع أنننا يمكننا أن نختار / نخترع لها عناوين كثيرة، كلها تصب في نهر تاريخ جديد ميزته الثورة، والشعوب، والرغبة في الحرية.
هل حقاً ما يحدث، يحدث في أرض العروبة؟
إن غالبية الكتاب والمفكرين العرب الذين أصابهم اليأس من الوضع العربي الراهن ومن درجة الدمار النفسي للشعوب العربية لم يصدقوا ما كانوا يرونه يحدث على شاشات التلفزيون، حتى أن بعضهم راح يسارع في التشكيك من أن هناك خطة جاهزة من الغرب وبالضبط من الولايات المتحدة الأميركية لتغيير المنطقة العربية. أما أكثرهم حماسة فراحوا ينظرون الى المشهد المتحول بسرعة البرق كما لو أنه شيء يحدث في مكان آخر من هذا العالم، وليس في دول عربية معروفة بالاسم والجغرافيا.
هل نتوقف ونعلن نهاية تاريخ وبداية تاريخ آخر لهذه المنطقة التي شذت عن القاعدة لفترة طويلة بينما عرف العالم بأسره تحولات كبيرة وكثيفة وها هي تعود للمجرى الذي يسير فيه الجميع من دون تأخر؟.
هل هي اللحظة التي ستحمل معها مصيراً آخر لهاته الشعوب التي قهرتها أوضاعها المغلقة والمزرية والتي خلقت حالة من الشلل العام والتوقف عن الحركة؟
إننا نتساءل لأننا لا نعرف ماذا نقول غير أن نحاول في داخل موجة مغناطيسية لا تشدنا نحن فقط بجاذبية ساحرة إليها ولكن أنظار المعمورة بأكملها.
أخيراً ها هي الشعوب تتكلم، ها هي الشعوب تصرخ، ها هي اللحظة التي انتظرها كتاب عرب كبار أفنوا حياتهم في الكتابة عن التخاذل والقمع والظلم والاستبداد ورحلوا من دون أن يروا في سماء بلدانهم أي بارقة أمل. ها هو الأمل يأتي، ومن جيل جديد وضع دائماً في الهامش وركن على الحافة، جيل اكتشف في عالم افتراضي واقعه الحقيقي، وعبر شبكة الانترنت وجوده الواقعي. جيل يريد لا أن يصرخ فقط ولكن أن يغير … فطوبى للتغيير، طوبى لـ «الكوجيتو» العربي الجديد: أنا ثائر أنا موجود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى