إن الحمار من الإشارة لا يفهم
و لأقطع على السادة الزوار أي لبس بمن أعني ” بالحمار ” و لكي لا يتحول الأمر إلى مثار شك و جدل و تخمينات و تحليلات و اخذ و رد ، أعني به السيد عفواً الحمار الذي تقرؤون سطوره الآن ، و قد كتبها بكامل قواه الحمارية و بصم عليها بحوافره !
أنا و أعوذ به من كلمة أنا سأبلغ الثلاثين من عمري بعد سبعة أيام من الآن ، مواطن سوري من أم و أب سورية ، ضيعتنا التي تدعى رأس كتان سبعة عشر كيلومتراً شمال شرق مدينة طرطوس ، على طريق عام الشيخ بدر ، تظللها غابة سنديان تضج بأرواح الموتى الذين عاشوا و ماتوا و ضحوا لتبقى كريمة عزيزة طاهرة تشع بالمحبة و الألفة و التعاون ، و تمتلئ بأناس أشراف يحلف على شرفهم كل من عاشرهم أو عرفهم أو انتسب إليهم .
فلترقد الأرواح بسلام
أنا لست عميلاً أو جاسوساً أو مخبراً لأي كان ، و لم و لن أنتسب إلى أي حزب أو جماعة أو فصيل يحمل أفكاراً مشبوهة تدعو إلى زعزعة الاستقرار أو الأمن أو تعمل على ذلك ، لم أحمل السلاح يوماً رغم أنه زينة الرجال ، أعاني قصراً في النظر ثلاثة درجات في كل عين و انحرافاً درجة واحدة و قد صارت النظارة رفيقتي ، و لكن هذا لا يعني بأي حال أني أعاني قصراً في البصيرة و انحرافاً في الرؤيا ، أحب هذه الأرض حباً جماً و لا أريد من ربي إلا أن أدفن فيها في ظل سنديانة أو زيتونة ، أحب وطني و أعمل له و لا أحتاج شهادة من أحد في هذه الدنيا ، و قد اخترت أن أكون حماراً بملء إرادتي لأن الحمار يعرف درب البيت جيداً .
لست أدعي البطولة و لا أحب هذا النوع من البطولات الفارغة ، لأن الأبطال الحقيقيين يعملون بصمت ، و لا ينتظرون نصيراً و لا معينا ، يبنون الأوطان بحب و إخلاص و لا يريدون شكراً ، يبذلون أغلى ما ملكت أيمانهم ثم لا يشكون و لا يتذمرون ، يا ليتني كنت منديلاً أمسح العرق عن جباههم الشامخة أو فرشاة تذيل غبار أحذيتهم المتعبة ، فإني لهم و بهم أتشرف .
http://www.nawarshash.com