وزير الإعلام السوري غاضب ودقيقته بمليون ليرة
معن عاقل
وزير الإعلام السوري غاضب على ما يبدو…
د. بلال، الرجل القوي، غاضب لأنني نشرت مادة “لا لحكومة عطري” انتقدت فيها أداءه وتصريحاته، أو الأصح شذرات فقط من أدائه وتصريحاته، ويبدو أنه يفكر جدياً بتصفيتي مهنياً، أو الأصح يفكر باستكمال ما بدأه منذ عام ونيف عندما اعتقلني أمن الدولة بسبب فقط وفقط سؤال صحفي، وظل هو صامتاً، لأكتشف فيما بعد أن الوزير القوي جداً أوعز بفصلي من عملي، وكان يعرف مسبقاً باعتقالي حسب معلومات من صديق لي في القيادة القطرية.
إذاً، د.بلال، الغاضب رغم قوته، هو من قال للزميل يعرب العيسى على الملأ أنه عدو للوطن ولآل الأسد، متناسياً أنه وجه إساءة كبرى لسورية وللسيد رئيس الجمهورية، لأن سورية دولة مؤسسات ولا تحكمها أسرة أو عائلة، إنما يحكمها رئيس منتخب، ولا أدري لماذا لم يحاسبه مجلس الشعب أو أي جهة أخرى على إساءته للوطن الذي يواليه.
د.بلال، الغاصب جداً رغم فرط قوته، هو من أقسم على احترام الدستور الذي يكفل الحريات الإعلامية وحريات الرأي والتعبير، وهو نفسه من يستحق جائزة أفضل وزير إعلام يخالف قسمه ويحاصر الحريات الإعلامية السائرة تحت سقف الوطن وتحت سقف السيد رئيس الجمهورية وتحت سقف حزب البعث وتحت سقف المؤسسات، هو من أمعن منعاً وإقصاءً للصحف الخاصة والمواقع الإلكترونية ولأتفه الأسباب، وغالباً بلا أسباب، ووصل به الأمر إلى حد السكوت عن إزالة كافة المواد الصحفية التي كتبتها في جريدة الثورة عن موقعها الإلكتروني دون أن يحرك ساكناً أو يرف له جفن كما لو أنه يتعامل مع حشرة أو فيروس دخل إلى الموقع، لكنه نسي في غمرة غضبه أن يزيل المواد الصحفية التي كتبتها بأسماء بعض الزملاء وسأذكره بواحدة منها فقط، تناولت تقرير ميلس.
د.بلال، الذي يعرف حق المعرفة أنه ليس الشديد بالصرعة إنما من يملك نفسه وقت الغضب، هو نفسه من منع جريدة الخبر لأنها نشرت تحقيقاً عن الجمارك وآمر الضابطة الجمركية السابق، ليضطر بعد ذلك معاونه السيد طالب قاضي أمين للاعتذار من الجريدة بعد أن اكتشفت الحكومة فجأة، وعلى حين غرة، وبأفواه مفتوحة، أن الآمر العام فاسد.
د. بلال، الحانق جداً، قال لي بعد سنوات من محاولاتي لمقابلته، إن دقيقته بمليون ليرة، وذلك عندما تعمدت مصادفته أمام مصعد جريدة الثورة وهو خارج من اجتماع مجلس الإدارة وطلبت منه أن يسمعني لمدة دقيقة واحدة، تصوروا مدى حرص هذا الوزير على الإعلام والإعلاميين، تصوروا إلا يستطيع صحفي أن يتحدث عن مشكلته المتعلقة بسؤال صحفي اعتقل إثره لمدة ثلاثة أشهر بتهمة الثرثرة وأقصي عن عمله المهني دون سبب وجيه، لا إلى وزيره ولا إلى أمن الدولة ولا إلى مكتب الأمن القومي، الوحيد الذي استمع هاتفياً إلى المشكلة ووعد خيراً هو السيد أبو سليم دعبول فقط، لأن وزيره مشغول على ما يبدو برفد خزينة الدولة بدقائقه بالتعاون مع السيد وزير المالية.
د. بلال، الحانق إلى درجة الغيظ، لا يعرف ما يقوله عنه الإعلاميون في الأروقة المغلقة، ولا يريد أن يسمع إلا إلى أولئك الذين يمرون به ويتأوهون إعجاباً “يا الله ما أجمل حصانك” وهم يرونه راكباً قصبة، ليعودوا إلى أروقتهم ويتحدثوا عن قصبته بسخرية مفجعة.
د. بلال، الذي لا حدود اليوم لغضبه وقوته، يفكر جدياً ربما بالعمل على اعتقالي أو ايقافي نهائياً عن العمل وربما فصلي من اتحادي الصحفيين والكتاب العرب، أقول لك وبكل شجاعة وجرأة لأنني اعتبر نفسي رجلاً:
لقد أشعلت عربة خضار في تونس أعظم ثورتين في تاريخنا المعاصر، لذلك عليك أن تعيد النظر بنفسك كوزير وبنفسك كغضب وبروحك كقوة.
أنا مواطن سوري وصحفي، ولا يحق لك حرماني من ممارسة مهنتي في صحيفتي التي أحببتها وأحبها، وواجبك كوزير وإنسان أن تدافع عني وأن تسمعني رغم عداد الملايين في دقائق وقتك الثمين.
ولا تدرجني تحت يافطة المعارضة، فلست خجلاً أو جباناً من موقفي، فأنا لا أشتري المعارضة السورية بفلس واحد، كتنظيمات وأحزاب ومجموعات، وإن كنت أحترم أفراداً منها بحكم عِشرة السجون، وبهذه المناسبة لا أخجل أيضاً من تذكيرك بأنني سبق وأعلنت موقفي السياسي وتأييدي للسيد الرئيس بشار الأسد وخصوصاً لخطاب القسم.
أنا مواطن سوري وصحفي سوري وباعتزاز سأظل أصرخ مطالباً بحقوقي الدستورية والقانونية، فأنت راحل كوزير وأنا باق كصحفي.
وفكر فيها، إن كان الغضب يسمح لك بهذا الفعل الإنساني العميق: لو أنك استقبلتني لمدة خمس دقائق، أي خمسة ملايين ليرة في قاموسك خلال العام الذي لاحقتك فيه، أما كان أشرف لك ولمنصبك ولموقعك والأهم لقسمك الدستوري؟ أم أن فرط قوتك تحولت إلى نقطة عمياء فيك؟
وفكر في هذا أيضاً: أنت تركب قصبة وليس حصاناً، وإن كان الزملاء لا يستطيعون مصارحتك بالحقيقة، فأنا أستطيع، وأحلى ما في قصباتك اركبه.
وفكر أكثر، لعل مسحة حياء تضل طريقها إلى وجهك، إن قالت قناة الجزيرة أنها ستحرر القدس فسيصدقها الناس من المحيط إلى الخليج حتى لو بثت من قاعدة أمريكية، في حين سيكذب الناس ذلك لو صدر عن الرؤساء والملوك والسلاطين العرب، الوطنيون منهم والمعتدلون والخونة، بعد أن يجمعوا جيوشهم وأجهزة أمنهم، حتى لو أعلنوا ذلك في جميع وسائل إعلامهم من قلب مؤتمر يعقدونه على خطوط المواجهة وقد أعدوا لهم ما استطاعوا من قوة.
عاشت الثورتان المصرية والتونسية وعقبال السعودية… افهم يا رجل واستح…!!!
كلنا شركاء