صفحات سورية

استبعاد وصولها إلى دمشق قريباً لا يعني إسقاط الاحتمال

null
روزانا بومنصف
عدوى الانتفاضات العربية: عين لبنان على سوريا
في ظل القلق والارباك اللذين اصابا الدول الغربية نتيجة التطورات غير المتوقعة في تونس مصر ثم في ليبيا، تظهر عواصم غربية اهتماما كبيرا بمحاولة استطلاع الوضع في سوريا وما اذا كان ثمة تطورات منتظرة يجب توقعها او التحسب لها هناك الى جانب محاولة استطلاع امكان تأثر لبنان بالتطورات في سوريا في حال حصولها، على رغم ان لبنان ليس راهنا على قائمة اولويات اي عاصمة مؤثرة، في ضوء الانشغال بما يجري في دول اخرى. حتى ان مصادر متعددة تعتبر ان تأخير تأليف الحكومة في لبنان مرده الى ان دمشق التي قامت بما يعتبر بنصف او ثلاثة ارباع انقلاب سياسي في لبنان من خلال اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري واقامة اكثرية جديدة قاعدتها الرئيسية “حزب الله”، لا تزال تبحث عن تغطية بعض الدول، كتركيا او فرنسا، من اجل الا تتحمل مسؤولية حكومة اللون الواحد في لبنان او مقايضة بعض هذا الانقلاب بالحصول على وصاية جديدة على القرار اللبناني ولا تجد استجابة حتى الآن من هذه الدول.
اما اسباب الاستطلاع الغربي للوضع السوري وحقيقة ما  يجري، اذا كان ثمة ما يجري، فانما يعود الى ان المفاجأة التي تعرضت لها العواصم الغربية بالتحولات في بعض العواصم العربية تسببت باحراج كبير نجم عن عدم استيعاب ما يجري في الدرجة الاولى ثم في كيفية التعامل معه الى حد ظهرت معه هذه الدول متناقضة في التعبير عما تراه مناسبا بين علاقات تربطها بها علاقات مصالح قوية وثورات شعبية ترغب في اقتلاع زعماء الدول العربية المعنية. ولذلك تحاول هذه العواصم السعي الى استباق اي مفاجأة اخرى من خلال محاولة معرفة مدى قرب النظام السوري من انتفاضة مماثلة محتملة لما يحدث في دول الجوار من اجل تحضير طريقة التعاطي معها، علما ان سوريا من الدول التي قد لا تجد دول غربية عدة حرجا في دفع الامور فيها قدما، ما دامت هذه العواصم قامت بذلك مع دول عربية حليفة كتونس ومصر وهي تفعل ذلك مع ليبيا راهنا على رغم المصالح النفطية الكبيرة لهذه الدول مع نظام الرئيس الليبي معمر القذافي الذي يقمع شعبه بقوة السلاح. ومع ان دمشق شهدت اخيرا زيارات لمسؤولين غربيين على مستويات مختلفة استطلعوا الوضع عن كثب في ضوء ما اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد من خطوات انفتاح نسبية على وسائل الاتصال التي كانت ممنوعة، فان ثمة تقارير مختلفة لا يمكن العواصم المعنية تجاهلها، خصوصا مع انتقال عدوى الانتفاضات على نحو لا يمكن معه الجزم ببقاء اي دولة مماثلة لتلك التي تسقط زعاماتها في منأى عما يحصل.
وتلتقي مصادر متابعة في بيروت ممن تم استطلاعها الوضع في سوريا وامكان تأثيره على لبنان، واخرى على تواصل مع العاصمة السورية، على ان لبنان لا يبدو متاثرا بما يحدث في المنطقة باعتبار ان لكل دولة خصائصها وظروفها الخاصة التي ايقظت الانتفاضة فيها على رغم وجود نقاط سياسية عدة مشتركة في ما بينها قد يكون ابرزها الحكم غير الديموقراطي وقوانين الطوارئ المعمول بها منذ عقود اضافة الى التضييق على الحريات والاوضاع الاقتصادية الصعبة. ولذلك لا يبدو لبنان معنيا بالاوضاع الداخلية ولو انه اعتاد تلقي كل تأثيرات ما يحصل في المنطقة على رغم محاولات للافرقاء السياسيين لتسجيل المتغيرات العربية في مصلحة او خانة هذا الفريق او ذاك على غرار المهرجان الذي نظمته قوى 8 آذار لمواكبة الانتفاضة في مصر وركوب موجتها في محاولة لاستثمارها، في حين لم تلبث ان ظهرت مجددا التظاهرات في ايران والقمع الايراني للمعارضة في ظل تشجيع ايراني وادانة لقمع التحركات في العالم العربي بما كشف اللعبة ولجم الى حد ما محاولات توظيفها او استثمارها في الداخل اللبناني. علما ان انتقال الانتفاضات الى دول اخرى غير مصر جعل الافرقاء اللبنانيين يتهيبون هذه اللعبة ومحاولات توظيفها مع وعي ضمني لإمكان ان تصل عدوى الانتفاضات الجارية الى سوريا مما سيوقع الافرقاء اللبنانيين في تناقض كبير بين دعم النظام السوري او دعم الانتفاضة في حال حصولها كون سوريا مجاورة للبنان ومؤثرة على نحو كبير فيه سياسيا ولها حلفاء فيه احكمت من خلالهم قبضتها السياسية على القرار اللبناني مجددا. الا ان المصادر المعنية تخشى ان يكون لبنان شديد التأثر بأي حركة يمكن ان تحصل في سوريا على غير ما هو الوضع راهنا مع ما يحصل في الدول العربية، علما انها لا ترى ذلك محتملا في المدى القريب جدا في سوريا، ولاعتقادها ان التغيير سيسلك طريقا آخر هناك. لكن لبنان سيكون حساسا على نحو قد لا يبقي الوضع الحالي قائما من دون التوسع في التحليل او الاغراق فيه في هذه المرحلة خصوصا في غياب اي مؤشرات جدية على اي تغيير في سوريا حتى الآن علما ان اي فريق لبناني يحاذر الخوض في احتمال من هذا النوع لإدراك الجميع المترتبات الفوضوية الخطيرة التي يمكن ان يعانيها لبنان في حال ورود مثل هذا الاحتمال.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى