بيان اعلان دمشق الأخير لا يرقى الى مستوى الحدث
كامل عباس
والحدث هو نزول الجماهير العربية الى الشارع تتحدى حكامها المستبدين في انتفاضات عارمة , وتتلقى رصاص أجهزتها الأمنية بصدورها من اجل استرجاع كرامتها المهدورة . يكاد يكون هذا الحدث هو الثاني من حيث الأهمية في التاريخ العربي الذي يحاول قطع سرة مجتمعاتنا عن الاستبداد الشرقي.
الحدث الأول هو دعوة الرسول العربي الكريم التي كان يراد منها انهاء حكم السلالات المرزول واستبداله بالشورى , وبالرغم من أن الاستبداديين تكيفوا أخيرا مع الحدث وعاد الإسلام على يدهم ليدعم حكم السلالات بشكل أكثر سوءا من السابق , فان الجماهير العربية تكّن مودة خاصة لتلك الدعوة لما كان فيها من مساهمة في صنع تاريخ بشري أكثر سعادة وأقل بؤسا .
اما الحدث الثاني فيؤمل منه دفع مجتمعاتنا للخروج من هذا المستنقع ومغادرته الى الأبد والمساهمة من جديد في صنع حضارة الجنس البشري بقوة كما كان الأمر عليه أيام الإسلام الأول .
معركة الجماهير العربية مع المستبدين ليست سهلة أبدا , ولكن بدايتها واعدة وتبشر بالخير ودليلنا على ذلك هو الوعي المتجسد بشعاراتها التي تنسجم مع روح العصر وتعترف بالآخر وتقبل المساعدة ممن يرغب بذلك( لم ار لافتة واحدة رفعت شعار الموت لأمريكا او الغرب ) .
كنت أظن ان أول من سيواكب هذه الانتفاضات هو اعلان دمشق لكونه يحمل تلك التطلعات منذ نشأته , لكن البيان الأخير الصادر عنه في 25/2 /2011 خيّب آمالي , وارجوا ان تكون كبوته الأخيرة . بدلا من مراجعة حساباتنا وقراءة واقعنا على ضوء تلك الانتفاضات نراوح في مكاننا – لابل رأيت بالبيان خطوة الى الوراء –
أنا اعتقد أن الدعوة لانتقال هادئ وسلمي وتدريجي او الى مؤتمر وطني شامل أصبح من الماضي . الأنكى من هذا , الدعوة الى لجنة تنسيق وطنية كانت قائمة قبل ولادة الإعلان .وهذه اللجنة لو تمت فستكون عودة من جديد للتناحر بين جناحين داخل المعارضة السورية احدها يقول : إن التناقض الرئيسي مع الاستبداد :والثاني يقول : انه مع الامبريالية . ومن يظن ان الانتفاضات قد غيّرت من تفكير اليسار السوري يشقية الشيوعي والقومي فهو واهم ومن لا يصدق نحيله الى بيان المثقفين السوريين الذي يتحدث عن قطع التبعية لمركز السيطرة العالمية . او الى ملتقى اليسار العربي المنعقد في بيروت هذا الشهر والذي يرى أن الانتفاضات العربية أسقطت المشروع الأمريكي في منطقتنا وما علينا سوى شحن الهمم ياتجاه مزيد من المقاومة للمشاريع الامبريالية , والحقيقة المرة ان اليسار العربي التقليدي أصبح عيئا على التطور الاجتماعي
يقول البيان :
(إن الاستمرار في المكابرة والوقوف في وجه التغيير يحمل في طياته مخاطر جدية على مستقبل سورية. يؤثر سلباً على الوحدة الوطنية، ويثير تفجرات مختلفة، تضعف مناعة البلاد وقدرتها على مواجهة الاستحقاقات المطلوبة.) .
على من تقرع مزاميرك ياداوود !!
قبل خمس سنوات شاركت في اعتصام أمام مجلس الشعب في الثامن من آذار دعت اليه لجان الدفاع عن الحريات في سوريا . تّم اعتقال أكثر من ثمانين شخصا في ذلك اليوم ومنهم أنا .
وجّه المحق الي السؤال التالي
– ما الداعي الى مشاركتك في الاعتصام ؟
– بند في بيان لجان الدفاع يطالب الدولة بإعادة المجردين مدنيا الى وظائفهم اسوة برفاقهم الذين لم يتم تجريدهم *
أطلق سراحنا في نفس اليوم . وفي اليوم التالي صدرت جريدة البعث بافتتاحية نارية كان كاتبها من كنت اسميه وزير الاصلاح الترقيعي في الحكومة السورية مهدي دخل الله بعنوان – الضغط تهويلا – وهو يرى ان عدد المعتصمين لم يتجاوز الخمسة وعشرين ليصحوا – على يدا الإعلام الغربي الحاقد على مواقف سوريا القومية – آلافا , رديت عليه في نشر ة كلنا شركاء بمقال حمل العنوان التالي- الضغط من أسفل عندما ينعدم التجاوب من أعلى –
الأمر ازداد سوءا في سوريا حتى بعد انتفاضة تونس والدليل على ذلك ( على سبيل المثال لا الحصر) حكم الناشط عباس عباس بسبعة سنوات ونصف وطل الملوحي بخمسة سنوات.
الانتفاضات تقول الضغط من أسفل هو المجدي مع أنظمتنا , اما بيان الأصدقاء فهو يدعو الى وحدة وطنية على أرضية أخلاقية أكثر مما هي واقعية
ما رأيكم دام عزكم يا مكتب أمانة الإعلان ؟
* اللاذقية
…………………………………………………..
* لم يعد أحد من المجردين مدنيا في سوريا الى وظيفته منذ ذلك اليوم وحتى الآن بل ورفدوا بأعداد جديدة !!