صفحات العالم

حلال على المالكي.. حرام على سواه!

عبد الزهرة الركابي
بداية في القول: ان كتابتي هذه تأتي من باب الافتراض مقاربة، بيد أنها في الوقت نفسه تشكل رجعا حقيقيا وليس بعيدا لمرحلة المعارضة العراقية السابقة عندما كانت تقيم في دمشق. هذا أولا. وثانيا ان كاتب السطور مقيم في دمشق منذ عشرين عاما على وجه التقريب، لكني والحق يُقال، لم ألتق أو أتعرف إلى مسؤول سياسي سوري واحد طيلة الإقامة هذه، ليس لأني لا أود ذلك، بل لأن السوريين لم يقدموا على هذه الخطوة. وأعزو هذا الأمر الى عدم وجود ارتباط تنظيمي لي مع أحزاب المعارضة العراقية السابقة واللاحقة، على الرغم من كوني ناشطا إعلاميا وسياسيا، وبالتالي فأنا لست مهماً من الناحية السياسية من وجهة نظري لأصحاب القرار في سوريا.
وثالثا لم أتعود الدفاع عن النظم السياسية في الوطن العربي، فهذه ليست من سجيتي ومهمتي، ثم ان هذه النظم لها طبالون ورداحون ومستنفعون، وكاتب السطور ليس واحدا من هؤلاء. ورابعا لم تكن علاقتي جيدة يوما ما بالبعثيين العراقيين وتحديدا لا مع هذا الجناح أو ذاك، فقد كنت وما زلت مستقلا وبعيدا عن أصحاب الدكاكين السياسية، من الذين يعرضون بضاعتهم للبيع وأدوارهم للإيجار تحت مسميات المصالح المتبادلة والمشتركة.
أسوق هذه المقدمة على صدى الأزمة الناشبة بين سوريا وحكومة المالكي في العراق المحتل على خلفية تفجيرات الأربعاء الدموية، حيث اتهمت حكومة المالكي عضوين من حزب البعث بالوقوف وراءها، وهما سطام فرحان الكعود ومحمد يونس الأحمد، اللذان يقيمان في سوريا، حسبما تؤكد حكومة المالكي، وهي من هذه الإقامة تطلب من سوريا تسليمهما الى بغداد بغرض محاكمتهما، استنادا الى شهادة ضابط شرطة سابق أدلى بها من على شاشة التلفزيون العراقي، ويدعى المتهم (وسام علي كاظم) الذي هو أحد أعضاء حزب البعث وفقا لرواية حكومة المالكي اليتيمة هذه.
ففي الوقت الذي تقول فيه مصادر حكومة المالكي إن اثنين من الانتحاريين الذين نفذوا هذه التفجيرات كانا معتقلين في سجن (بوكا) الأميركي، وقد أطلق سراحهما من هذا السجن في وقت قريب، وهذا ما أعلنه عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية في محطة (الحرة) الأميركية عندما قال: كلّنا يعلم اليوم أن تنظيم (القاعدة) أعلن مسؤوليته عن هذين التفجيرين، وتم التعرّف إلى الانتحاريين، وكما أظهرت المعلومات، فهما كانا من معتقلي سجن بوكا، كما قامت شبكة من الإرهابيين بهذا العمل.
وفي الوقت نفسه هذا يقول وزير الدفاع عبد القادر العبيدي، إن الأسلحة التي استعملت في الهجمات هي إيرانية الصنع، وهذا يعني أن الانتحاريين لم يأتوا من سوريا أو من خارج الحدود، كما أن المتفجرات المستخدمة في هذه العمليات جاءت من إيران، وبغض النظر عن الطريقة التي وصلت بها الى هذين الانتحاريين، ناهيك عن التواطؤ اللوجستي الذي قدمه عناصر الأمن في حكومة المالكي، والذي واكب مسار السيارات المفخخة التي اجتازت حواجز التفتيش بسهولة وبلا تعقيدات، وفقا للمشاهد التي عرضتها (محطة الديار التلفازية) لإحدى الشاحنات المستخدمة في التفجيرات حتى وصولها الى الهدف.
لا شك بأن أجهزة الأمن في حكومة المالكي كانت مساهمة في هذه التفجيرات، وأقل هذه المساهمة هو التواطؤ المكشوف الذي أبدته عناصر الأمن واعتمادا على تصريحات مسؤولين رسميين في حكومة المالكي، حيث كشف مجلس محافظة بغداد في اجتماع استثنائي عن ملابسات حادث وزارة الخارجية الذي أودى بحياة العشرات والمئات من الجرحى، حيث نفى المجلس تصريحات الناطق الرسمي لخطة (فرض القانون) اللواء قاسم عطا، الذي أكد ان السيارة كانت مركونة في الكراج قبل ليلة من وقت التفجير، في حين أظهر الفيلم الذي عرضه مجلس المحافظة بواسطة الكاميرات المنصوبة في الشوارع أن السيارة كانت تسير قرب منطقة العلاوي بحرية دون وجود أية رقابة، حتى وصلت الى قرب وزارة الخارجية، ومن ثم قام الشخص الذي يقودها بتفجيرها.
وبيّن رئيس مجلس محافظة بغداد (كامل الزيدي) أن الفيلم الموجود بحوزة المجلس يبين تناقض تصريحات عطا، مستغربا في الوقت نفسه عن عدم امتلاك خطة (فرض القانون) لكاميرات كهذه في حين ان المجلس يمتلكها، مما جعله يكتشف السيارة الثانية التي كانت تسير باتجاه مستشفى ابن البيطار وبمواصفات السيارة الاولى نفسها التي انفجرت وبالتالي تبليغ الأجهزة الأمنية بها. وقال نحن من اكتشفها وليس صحيحا ما قالته الأجهزة الأمنية انها تمكنت من العثور عليها. ويضيف هذه السيارة بحسب توقفها كانت متجهة نحو وزارة العدل ولكن السائق تركها وهرب بعد النداء الذي أطلقه مجلس المحافظة، وأكد أن هناك من يوصل المعلومات، وإلا كيف تمكن السائق من الهرب بعد إطلاق النداء ان هذه السيارة مفخخة؟
وعلى كل حال، المالكي يطالب السوريين بتسليم اللاجئين السياسيين سطام فرحان الكعود ومحمد يونس الأحمد الى حكومته، متناسيا أنه كان لاجئا سياسيا في سوريا لمدة ناهزت الربع قرن، وكان منزله يقع في المنطقة الصناعية في دمشق، ومقر حزبه (الدعوة) أيضا يقع في المنطقة المذكورة نفسها، والسؤال البديهي هل المالكي كان أحد العقول المدبرة للعمليات التفجيرية سابقاً؟
([) كاتب من العراق
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى