صفحات سورية

ساركوزي يخالف معاهدة برشلونة ويتخلى عن سياسة حقوق الانسان

null
ايمانويل اسبانيول* وبياتريس باتري**
يرسم استقبال باريس الرئيس الليبي وزيارة الرئيس الفرنسي الى تونس مرتين على التوالي في خلال ثمانية أشهر، ودعوة الرئيس السوري الى احتفالات 14 تموز (يوليو) بباريس، معالم اتفاق شراكة المتوسط بريشة الاليزيه. ويخالف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الاوروبيين واتفاق برشلونة في الرأي حول صيغة حقوق الانسان الواردة في المعاهدة الاوروبية. وفي النسبة الى الاوروبيين، التقارب بين ضفتي المتوسط والانفتاح  الاقتصادي بينهما هو رهن بلوغ أهداف معاهدة برشلونة والتزام معاييرها. وعلى رغم عيوب السياسة الاوروبية، أفضت الفلسفة الاوروبية الى خطوات عملية. فالاتحاد الاوروبي يموّل المساعدات الانسانية في قطاع غزة. وهو من فرض اتفاق وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل في 2006، ومن ندد بالتلاعب في الانتخابات بمصر، ومن يرسل مندوبين لمراقبة محاكمة المعارضين بسورية. وساندت فرنسا عصبة حقوق الانسان التونسية في وجه القمع البوليسي.
ويبدو أن ساركوزي ترك العمل بوحي الفلسفة الاوروبية. فهو هزئ بهذه الفلسفة في تونس، وقال أن الخيار المتاح أمامه هو بين الانظمة القائمة و»طالبان المغرب». وتقرّب من الرئيس الليبي، ورحب بالرئيس السوري. ويضفي نهج ساركوزي شرعية على سياسات قمع حقوق الانسان واعلان «حالة الطوارئ وتطبيق الاحكام العسكرية»، وتقييد حرية الرأي. وتقوض هذه السياسات أسس المجتمعات المدنية المتوسطية، وتقمع التيارات المعتدلة والليبرالية والاشتراكية – الديموقراطية فيها. وتلحق الضرر بهذه المجتمعات أكثر مما تقمع الـ»طالبانيين» المفترضين. وسياسة ساركوزي تنذر بتقهقر الشراكة الاوروبية – المتوسطية، وبازدياد هامش تقييد الحريات. ففي ختام زيارات ساركوزي الرئاسية، شعر الناشطون التونسيون في حقوق الانسان بالعزلة، في حين أن اللبنانيين تخوفوا من أن يدفعوا ثمن خيانة فرنسا لهم، اثر انفتاحها على سورية.
ويؤجج خطاب ساركوزي مخاوف الفرنسيين. فهو يلوح بأخطار «داهمة»، على غرار وجود 400 مليون أفريقي في سن دون السابعة عشر، ويتذرع بها لتبرير سياساته ولنقل ملف المهاجرين الافارقة الى دول المغرب العربي. ويفصل ساركوزي مشروع الشراكة من اجل المتوسط عن السياسة، ويحوله الى مجموعة جغرافية خاوية الوفاض من مشاريع سياسية.
ويبدو أن ساركوزي يولي الاهتمام بالتقاط صورة له مع أصدقائه الرؤساء في 13 تموز، عوض الاكتراث بمصير العلاقات الاوروبية – المتوسطية  المشتركة، بعد عشرين عاماً.
*مؤرخ
**نائبة أوروبية اشتراكية
عن «ليبراسيون» الفرنسية، 26/6/2008
الحياة     – 02/07/08

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى