مقتل مغنية..!! هل يفتتح حرب النجوم..!؟
بدرالدين حسن قربي
في 14 شباط/فبراير 2005 غُيبت عن لبنان شخصية تميزت باهتمامها علماً وتعليماً، عمراناً وبناءً وتطويراً بعملية إرهابية إجراميةٍ معقدة ومروّعة تمثلت برئيس الوزراء اللبناني الأسبق/ رفيق الحريري مع ثلةٍ من أصحابه وحراسه وعددٍ من مواطنيه العابرين لحظة الجريمة. لحق بهذه العملية عمليات أقل منها في العدد، ولكنها في نفس الحرفية الإجرامية مع مؤشر وحيد يربط بينها جيمعاً أن أصحابها مجرمون متمرسون ومحترفون.
تقسّم اللبنانيون واختلفوا معارضةً وموالاة على أشخاص مرتكبي هذي الجرائم وفاعليها ومعهم عموم الناس عرباً وعجماً.
قالت المعارضة: الجرائم إسرائيلية، والفاعل إسرائيل، ولاأحد غيرها، لأنها وليس أحداً آخر صاحب مصلحة في هكذا جرائم إلاها..!!؟ وهم بهذا يؤكدون وعليه يحلفون.
وقال أوسطهم: إنما هي جرائم الفعل فيها مبني للمجهول.
وقالت الموالاة ومعها عامة الناس: ويحكم..!! بل هو فعل مبني للمعلوم، وتاريخه بقتل عشرات الآلاف من مواطنيه ومعارضيه، ومافعله في لبنان قرابة ثلاثين عاماً يشير إلى أن عتاولته – وليس غيرهم – هم الفاعلون.
وقال أوسطهم: صحيح أن النظام السوري المتهم ليس سويسرا وليس هولندا ولكنها تبقى تهماً سياسيةً تفتقد التحقيق والقضاء الذي يعاكسونه لئلا يفصل بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون.
وقال المؤمنون من أهل العلم والذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم من أهل اليقين: لتعلمنّ نبأه بعد حين، يوم يُحشر المجرمون إلى ساحات العدالة وقاعات القضاء مقرّنين في الأصفاد، وجوههم مسودّة وأفئدتهم هواء، والنداء محكمة..!! يملأ الخافقين أغنيةً تردد أصداءها السموات والأرض بإذن ربها، تثلج صدور أهل الحق بحقهم، وتأخذ أهل الإجرام بجريمتهم. ويومئذٍ يفرح لبنان وأهله بقيامته واستقلاله، ومعه كل محبيه وأصدقائه في مشارق الأرض ومغاربها. ويقولون متى هو..!! قل عسى أن يكون قريباً.
ثم كان مساء 12 شباط/ فبراير 2008 حيث غُيِّبَت فيه شخصية لبنانية لها ماكسبت وعليها مااكتسبت في منطقةٍ أمنيةٍ سـورية محفوظةً اصطلاحاً بما تستوجب من حراسات مشددة ومراقبات مستمرة على مدار الفيمتو ثانية. ورغم أن أمريكا وإسرائيل هما أعتى طالبي هذه الشخصية التي تعددت أسماؤها من عماد مغنية إلى سيد مهدي هاشمي إلى الحاج رضوان أو أي أسماء أخرى تَسمّى بها، فإن هذا لاينسينا أن اسمه كان على قائمة المطلوبين الدوليين للأنتربول وأنه كان المطلوب الأكبر قضائياً لأكثر من أربعين دولة في أصقاع الأرض في تهمٍ رحل عن دنيانا ولم نسمع لها نفياً منه ولا حتى تعقيباً مما عبّر عنه حزن فرنسي لمقتله دون أن يحاكم.
ورغم أن ماقيل عن مقتله جاءت فيه روايات متعددة ومتضاربة أحياناً فسببها أنها عملية أمنية ومعقدة أيضاً، فضلاً عن أن التحقيقات المزعومة التي تجريها السلطات الأمنية السورية لمعرفة من يقف وراء الاغتيال والمنفذين لا تزال قائمة ولم تظهر بعد نتائجها، والتي سيكون أحد أهم معالمها بلاشك أن الحاج علي نوري زاده كان موجوداً في دمشق بطريقةٍ ما ولكن دون علمٍ رسمي رغم اعتقادنا بأن مثل هذه النتائج السورية لن تكون ذات فائدة ترتجى في الحد من كثرة تحليلات الحدث وقراءته كلٌ على مذهبه ومدرسته.
مايهمنا الإشارة إليه – عن رجل يصفه شباب حزب الله أنه أحد جنود الإمام المهدي المخفيّين حين يقاربون المسألة من منظور عقدي شيعي – هو الطبيعة الأمنية لحركته وحياته وشدة الطلب عليه، وما عَمِلَه الزمن من تغييرات في ملامحه وندرة وجود صور له معروفة تجعل من العسير إن لم يكن مستحيلاً الوصول إليه بما قيل من الأخبار مالم يكن هنالك أكثر من جهة أمنية متعاونة يُشترط في إحداها معرفتها بالحاج رضوان بشكل جيد وطمأنينته لها. ومن ثمّ يؤكد البعض تحليله بأن عمليةً نوعية ومتقدمة من هذا الحجم و داخل إحدى قلاع الأمن السوري العتيد ماكان لها أن تتم إلا بعلم أهل الشأن منهم اتفاقاً أو اختراقاً، وفاقاً أو ارتزاقاً.
وكيفما كان التحليل توجهاً، فإن ماحدث بدا لجماهير الناس وكأنه صفعة قاسية للنظام السوري عموماً أذهلته، وضربة موجعة لأمنه خصوصاً أربكته، ولعل تأخر دمشق على غير عادتها في الإعلان عن عملية القتل لأكثر من عشرين ساعة رغم ذيوع الخبر وانتشاره في العالم هو من بعض الذهول والارتباك وإن بدا غير ذلك.
ولكن وبانتظار نتائج تحقيقات مهضمومة أو غير مهضومة لحزب الله وغيره سيكون لها مابعدها حتماً في قادمات الأيام، (وياخبر اليوم بفلوس غداً ببلاش)، فإن عملية استخباراتية بمثل هذا الثقل تسهدف رجلاً في الصف الأول من حزب الله ويرى فيها حسن نصرالله تغييراً في قواعد اللعبة مع إسرائيل فضلاً عن اتهامه لها بالعملية وتهديدها بحرب مفتوحة، كما قال في خطاب التشييع: ولئن كان دم الشيخ راغب حرب أخرجهم من بعض الأرض اللبنانية، ودم السيد عباس الموسوي أخرجهم من باقي الأرض اللبنانية، فان دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود إن شاء الله.
قالت المعارضة: الجريمة صهيونية والفاعلون هم الموساد، والدمار موعدهم والإخراج من الوجود مصيرهم.
وقالت الموالاة: قلتم بمثل هذا القول عن جريمة مقتل الحريري وصحبه ومَنْ كان بعده حتى العقيد الحاج والرائد عيد، ولكنكم لم تتهددوا ولم تتوعدوا وأبقيتم حربكم مغلقةً حتى جاءكم من كفرسوسة دمشق عن سيد مهدي هاشمي نبأ يقين، فكان التهديد والوعيد، وأعلنتم عن فتح المعركة وعالميتها..!!؟ ماذا يعني أن يكون لدم الموسـوي وحرب ومغنيّة كل هذا التأثير، ولايكون لدم الحريري وقد قلتم بوحدانية المجرم.!!؟ أم بات دمه ماءً لأنه أخرج القوات السورية من لبنان..!؟
قال أوسـطهم: تأكّد أن لبنان الصغير بساحته، المحررة أرضه، والمعقدة تركيبته، هو الأرض الطبيعية للمعركة والمواجهة والقتل وساحة لتصفية حسابات الغير وتلك هي قواعد اللعبة التي لايريدون لها أن تتغير. كما تأكد أن الجار السوري الكبير بساحته، المحتلة أرضه، والخرساء حدوده، والصامتة أسلحته، هو ليس الأرض الطبيعية للمواجهة والمعركة بل خارجها، وكأنه خارج الصراع فضلاً عن أن يكون طرفاً فيه. وهو ماقاله نصرالله في خطاب التشييع: لقد قتل الصهاينة الحاج عماد مغنية في دمشق على خارج أرض المواجهة، وخارج الأرض الطبيعية للمعركة، وقد اجتازوا الحدود.
أما الشيخ د. محمد حبش وعضو مجلس الشعب السوري تمنّى أن يدرك الجميع أن جهةً واحدة تقف وراء الاغتيالات التي حصلت في لبنان بما فيها التفجير الأخير الذي استهدف عماد مغنية في دمشق.
قلنا والعلم عند الله: أن آخرهم أبلغهم تأكيداً لوحدانية جهةٍ تقف وراء هذا القتل وهذه التصفيات، ولكن مَن يقتل مَن، ولحساب من..؟ وعلى الباغي تدور الدوائر.!!! أم أن مقتل الحاج علي نوري زادة سيكون أكبر من الاحتمال فينكشف باطل السحرة والمخادعين، وينزاح الستر عن القتلة والسفاحين..!!
مقتل مغنية يراد له فتح نيران حرب بقيت مغلقةً لمقتل الحريري ومن معه ومن بعده. وهو كلام عليه ماعليه، وفيه مافيه إلا إذا كان القاتل والمجرم في لبنان داخل الأرض هو غيره القاتل والمجرم في سورية خارج الأرض..!!
خاص – صفحات سورية –