سوريا وإسرائيل تهتمان بالمفاوضات ولا تعولان عليها
وديع عواودة-حيفا
كشفت دراسة إسرائيلية صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن إسرائيل وسوريا ترميان لتحقيق سلة أهداف من وراء مسيرة المفاوضات بينهما، وأن احتمالات التسوية ضئيلة جدا.
وتنوه الدراسة بعنوان “لقاء المصالح- شرط ضروري وغير كاف” إلى أن المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية في السلام مع سوريا ليست جديدة، وتقول إن سوريا في عهد الأسد الأب والابن تتمتع باستقرار وقوة لتطبيق اتفاقات بعكس السلطة الفلسطينية.
وتفيد بأن السلام مع دمشق سيستكمل دائرة التسويات مع دول الجوار العربي ويفتح الطريق البري نحو تركيا وأوروبا، ويقلل مخاطر الحرب الشاملة ويضعف قدرة الفلسطينيين على مساومة إسرائيل في مفاوضات الحل النهائي.
كما أن الاتفاق مع سوريا يبدو بحسب المعلق البارز ألوف بن، أكثر يسرا من المسار الفلسطيني المتعسر، كما يخلو المسار السوري من مشاكل حساسة وأيديولوجية معقدة كالقدس وعودة اللاجئين.
وتلفت الدراسة إلى أن المؤسسة العسكرية في إسرائيل هي التي دفعت نحو استئناف المحادثات مع سوريا بغية تحسين مكانتها الإستراتيجية على خلفية التوتر المتزايد مع إيران واستمرار المواجهة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.
وتستذكر الدراسة تقرير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في مطلع العام الذي أكد أن التهديد الأمني الجوهري لإسرائيل يكمن في تشكل التحالف العسكري بين إيران وسوريا وحزب الله وحماس بدعم خارجي من “الجهاد العالمي”.
الجولان أو إيران
وتقول الدراسة أن إسرائيل تعاني من ضائقة إستراتيجية عقب حرب لبنان الفاشلة، وتوثيق علاقات محور المقاومة، وتزايد قوته العسكرية.
كما ترى الدراسة أن الطريق الأجدى لفحص مدى جاهزية سوريا للابتعاد عن “التحالف المعادي” لإسرائيل تكون بطرح “الخيار/المعضلة” أمام الأسد، وهو الجولان أو إيران.
وتشير الدراسة لوجود زعمين أساسيين يناقضان التوجه المذكور، أولهما يقول إن التحالف المخضرم مع طهران هو مصلحة إستراتيجية لن تتنازل دمشق عنها مقابل وعود بالجولان، فيما يقلل الثاني من مخاطر هجوم مشترك من قبل تحالف إيراني/سوري ضد إسرائيل.
جبهتان سورية وفلسطينية
وعن عدم تحقيق السلام مع سوريا حتى الآن تقول الدراسة، إنه منذ بلوغ رابين الحكم عام 1992، يعي حكام إسرائيل أنهم لا يملكون القوة السياسية الكافية لانسحابات وتفكيك مستوطنات في الجبهتين السورية والفلسطينية معا.
وتؤكد الدراسة أن ستة رؤساء حكومات إسرائيليين فضلوا على التوالي المسار الفلسطيني رغم صعوبته، لأن ثمن الإبقاء على الوضع الراهن في الجولان يناهز الصفر، مقابل قيام الفلسطينيين باستنزاف إسرائيل بعمليات “إرهابية” متواصلة. وتضيف أن “الهدوء والطبيعة الخلابة وعدم وجود سكان معادين في الجولان كل ذلك ساهم في شعبية الجولان لدى الإسرائيليين”.
كذلك تشير الدراسة لتغير الأوضاع الإقليمية في السنوات الأخيرة بما لا يشجع على إعادة الجولان، ومنها خروج سوريا وإسرائيل من لبنان وتراجع قدرة الأولى في الضغط على حزب الله الذي تعاظمت قوته.
وتوضح الدراسة أنه بخلاف المؤسسة العسكرية تبدو صورة التسوية مع سوريا مختلفة لدى المستوى السياسي الذي يرسي سياساته على دعامتين هما المحافظة على تأييد الجمهور الإسرائيلي، وتأمين الدعم الأميركي من الخارج.
وتشدد الدراسة على غياب الضغط الدولي على إسرائيل لوقف احتلال الجولان بخلاف الحالة الفلسطينية، وتشير لسياسة الرئيس الأميركي الحالي المعادي لسوريا ولرفضه توصيات لجنة بيكر/هاملتون فيما يتصل بسوريا.
وتشير الدراسة إلى أن استئناف المحادثات الإسرائيلية والسورية يشكل بديلا لجهاز تنسيق إستراتيجي معلن بين دمشق وتل أبيب.
وتتضمن المفاوضات غير المباشرة الجارية بين البلدين بحسب الدراسة تبادل إشارات تفيد بإغلاق ملف الهجمة الجوية على دير الزور العام الماضي، والتفاهم على تقاسم مناطق نفوذ وتدخل في الشهور القريبة.
وترى الدراسة أن الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت يدركان جيدا الاعتبارات والظروف التي تقلل احتمالات نجاح المفاوضات وتشدد على “القيمة العليا” للمحادثات السياسية لا لنتائجها النهائية فقط.