حجب صحيفة الحياة في سورية
نشأت موجة غضب عارمة إثر حضور الرئيس السوري بشار الأسد اجتماع “الاتحاد من أجل المتوسط” في العاصمة الفرنسية باريس.
في 15 تموز/يوليو 2008، أفاد موقع إيلاف الالكتروني أن سوريا حجبت في هذا اليوم توزيع صحيفة الحياة السعودية في البلاد، بسبب مقال يرفضه السوريون.
المقال، بقلم الكاتب السعودي داود الشريان، اتهم الحكومة السورية بالخبث، بسبب الترويج لشعارات ثورية أولا، وثانيا لحضور المؤتمر والجلوس إلى الطاولة مع إسرائيل، بحسب ما جاء على موقع إيلاف.
في اليوم التالي، نشرت الصحيفة السورية الوطن مقالا يهاجم “بعض العرب” الذين يبحثون عن المواجهات مع سوريا.
وجاء في المقالين:
سوريا، بين الأمس واليوم
كتب داود الشريان في عدد 15 تموز/يوليو من صحيفة الحياة:
“خلال انعقاد الاجتماع التأسيسي لـ «الاتحاد من أجل المتوسط» في باريس، جلس الرئيس السوري بشار الأسد مبسماً وسعيداً مع رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت على الطاولة نفسها. لكنه استصعب لقاء الرئيس حسني مبارك فسلم عليه بخجل وفتور، وكأن مصر هي التي تحتل الجولان، رغم أنها قدمت آلاف الشهداء من اجل تحرير الأرض وكرامة العرب”.
“هذا التناقض المؤلم الذي جرى تصويره في شكل بروتوكولي بسيط كلفنا كثيراً. فقبل ثلاثة عقود جرى حديث عن مشروع مشابه لـ «الاتحاد من اجل المتوسط»، هدفه تغيير نظام جامعة الدول العربية لتصبح «جامعة الشرق الأوسط» ، لتضم إلى جانب الدول العربية، إسرائيل وتركيا وإيران. لكنه رفض بعنف باعتباره مشروعاً للاعتراف بوجود الدولة العبرية.
وكانت سورية في مقدم جبهة الصمود والتصدي لهذا المشروع الامبريالي الاستعماري الغاشم. وهاهي اليوم تمن علينا بأنها قبلت تركيا كوسيط لإقامة علاقات مع إسرائيل، وتقايض العرب من اجل النظر في علاقتها مع ايران، وتهرول للحصول على علاقة مع إسرائيل”.
“هل جاء هذا التنازل السوري النهم بسبب جهاد دمشق ونضالها ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم؟ هذا السؤال لا يحتاج إلى اجابة. فالحدود السورية – الإسرائيلية لم تشهد مرور نملة طوال ثلاثين سنة، ورغم الضجيج السوري في النضال والمقاومة والممانعة، كانت دمشق على الدوام تشبه حليفتها إيران في التعامل مع النضال ضد العدو الغاصب، تبيع النضال ولا تتعاطاه. فسورية انحازت الى تشتيت الفلسطينيين واللبنانيين وتعيير المصريين. فصارت تشبه بطل فيلم «ليلة القبض على فاطمة»، تخرج في تظاهرات غاضبة لكن يتضح في النهاية أنها تصب في مصلحة المحتل. ان مشوار النظام السياسي السوري الذي وصل الى ما وصل إليه حاليا على حساب كل الشعارات التي رفعها على مدى نصف قرن، أكبر دليل على أن النظم الثورية في العالم العربي كذبة كبيرة ومؤلمة”.
أما صحيفة الوطن الرسمية السورية، فقد نشرت مقالا بقلم عيسى الأيوبي يهاجم “العرب الذين يبحثون عن المواجهات مع سوريا”:
فالإعلام الفرنسي معظمه كما نعلم تحت الوصاية الصهيونية، وبعض الإعلام العربي، وجدها فرصة سانحة لتفريغ كل الأحقاد الشخصية…
“يمكن أن نفهم أن يعمل صقور الصهيونية الدولية لوقف أي تقارب بين أي عاصمة أوروبية وعاصمة عربية وخاصة دمشق ويجندوا كل الوسائل والأدوات ويختلقوا ملفات خلافية ويزوروا الذاكرة المزورة كما فعلوا ويفعلون”.
“يمكن أن نفهم أن ينزعج بعض الفرنسيين من رؤية الرئيس ساركوزي، الذي وضع نفسه في خانة الوصاية الأميركية وصنف نفسه صديقاً صدوقاً للإدارة الأميركية وإسرائيل، يسير باتجاه مصالحة تاريخية مع سورية أياً كان النظام السياسي الذي يديرها وأياً كان رئيسها وهم الذين عملوا لما يسمى الحق بالوصاية على العالم سياسة واقتصاداً وثقافة. وأن يجمع بين رئيسي لبنان وسورية إخوة لا أعداء بعد أن عملوا سنوات لإلغاء هذه الصورة من الذاكرة التاريخية للبنان وسورية”.
“رغم أنه ليس عصياً على فهم المراقبين أن يتصرف بعض العرب وإعلامهم بغباء ما يفعلونه في هذا المجال يذهب دائماً تكون نتائجه عكس ما أرادوا.
هؤلاء أرادوا ما أراد الفريق الصهيوني وما أراد معارضو الرئيس ساركوزي على قاعدة خلافهم مع الرئيس الأسد فضخوا كل أحقادهم وبخوا كل سمومهم دفعة واحدة وتلقفها الأعداء الإستراتيجيون فتحول بذلك الرئيس الأسد إلى نجم باريس والمتوسط وصار هو الحدث الحقيقي بلا منازع وسيبقى لفترة طويلة جداً جزءاً من الحدث السياسي الإقليمي وحتى المحلي في فرنسا”.
“فهل عودة سورية إلى المجتمع الدولي ولو في إطار نقاش حول دورها هو ما يريده بعض العرب المتخاصمين مع سورية والطامحين إلى تهميشها وعزلها على المستويين العربي والدولي؟
بالتأكيد لا. لكنه حصل بفعل تضامنهم مع اللوبي الإعلامي الصهيوني ومعارضي سياسة ساركوزي الداخليين”.
موقع جريدة الحياة