مقتل الجنرال السوري يقطع صلات “حزب الله”
جيمس هايدر
أدّى الاغتيال الغامض الذي حدث الأسبوع الماضي وأودى بحياة جنرال سوري رفيع ومعاون أساسي للرئيس السوري بشار الأسد، إلى تفجير موجة من التساؤلات حول احتمال وجود عداء وخصومات داخل جهازالمخابرات التابع للنظام.
إنّ سوريا تمرّ في مرحلة حسّاسة حيث تتابع محادثات السلام مع إسرائيل والتقرّب من الغرب في الوقت نفسه الذي تحاول فيه المحافظة على تحالفها الإقليمي الطويل الأمد مع إيران وميليشيا “حزب الله” الشيعيّة في لبنان.
لقد قتل الجنرال محمّد سليمان، أحد أكثر المقربين من الأسد، يوم الجمعة الماضي في شاليه يمتلكه في المنتجع البحري الفاخر “الرمال الذهبية” الذي يبعد 9 أميال شمال مدينة طرطوس على ساحل المتوسط. ويبدو أنّ قناصاً أطلق عليه النار من البحر فأصابه في رأسه ورقبته وبطنه، وأُعلن عن وفاته في أحد مستشفيات طرطوس.
نادراً ما تحدث عمليّات اغتيال لشخصيات قيادية في النظام السوري، وقد سارعت السلطات السورية جاهدةً لمنع تسريب خبر اغتيال سليمان. وما يؤجّج زوبعة التكهنات تلك هو كون الجنرال سليمان ينتمي إلى الطائفة العلويّة التي تنتمي إليها عائلة الأسد والتي تشكّل العمود الفقري للنظام العلماني الشكلي في دمشق.
هذا فيما واصل الأسد، الذي قيل إنّه مستاءٌ جداً من حادثة الاغتيال، جدول أعماله فسافر إلى طهران لإجراء محادثات مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد.
لقد بدأت علاقة الجنرال سليمان بالرئيس الأسد منذ أواسط التسعينات عندما عاد هذا الأخير من لندن إلى دمشق متخلياً عن دراسته طبّ العيون، إثر وفاة شقيقه الأكبر باسل عام 1994 الذي كان يُهيّأ لخلافة والده حافظ الأسد كرئيس للدولة.
كان الجنرال سليمان الملقّب “بالجنرال المستورد” نظراً لبشرته الشقراء ومظهره الغربي، المعاون العسكري الأوّل للأسد في أواخر التسعينات، بالإضافة إلى أنّه شغل مناصب مهمّة أخرى كالإشراف على بحوث السلاح وتطويره والتجنيد في الجيش، وغيرها من المهام.
بعد أن وصل الأسد إلى سدّة الرئاسة عام 2000، تولى الجنرال سليمان إدارة شؤونه الاستخباراتية، ويتم التداوال بأنّه تولّى عمليات نقل السلاح من سوريا إلى “حزب الله” في لبنان، واعتبر مصدرٌ سوري رفيع أنّ اغتيال الجنرال سليمان قد يكون مرتبطاً بالعلاقة مع “حزب الله”، مصرّحاً لـThe Times أنّ اغتيال سليمان قد يكون جاء كردّ انتقامي على إقالة ضبّاط رفيعي المستوى في المخابرات إثر اغتيال القائد العسكري في “حزب الله” عماد مغنية بعملية تفجير سيارته في إحدى ضواحي دمشق في شهر شباط.
ويشير المصدر إلى استبدال رؤساء وكالات استخباراتية سورية عدّة بآخرين بشكل سري، أو بتجريدهم من سلطاتهم بعد حادثة الاغتيال تلك، معتبراً أنّ “رؤساء المخابرات المُقالين قد يكونون اجتمعوا وقرّروا الانتقام”، وسواء أكانت عصبة مسؤولي المخابرات المُقالين هي المسؤولة عن اغتيال الجنرال سليمان أو لم تكن، فليس هناك أكثر من النظريات الأخرى حول اغتياله”.
إسرائيل، التي تقوم بأوّل محادثات غير مباشرة لها مع سوريا منذ ما يقارب العقد من الزمن، لم تعلّق على حادثة اغتيال سليمان. وهي كانت قد طلبت من سوريا قطع علاقاتها المقرّبة مع عدوّة الدولة اليهودية الأولى إيران، في حين تطالبها سوريا باستعادة مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل خلال حرب الستة أيام عام 1967.
ويقول مير جافندافار، الخبير بالمخابرات الإيرانية ، إنّ الجنرال سليمان كان ضابط الارتباط بين النظام السوري و”حزب الله”، مشيرًا إلى حادثة فرار نظير سليمان في إيران الجنرال الإيراني علي أصغري إلى الولايات المتحدّة والتحاقه بالمعسكر الأمريكي مما أدى إلى قطع صلات أساسية كانت تربط منظمة “حزب الله” اللبنانية بداعميها، وقال في هذا الصدد “إنّ حادثتي اغتيال سليمان ومغنية، وحادثة فرار الجنرال علي رضا أصغري وتغيير توجهّاته من شأنها توجيه رسالة عالية اللهجة، في المقام الأول والأهم، إلى “حزب الله”، وثانياً إلى حلفائه في إيران وسوريا بأنّ نشاطاتهم وعلاقاتهم مع “حزب الله” في لبنان تخضع للمراقبة، وهي تقول كذلك إنّ منظماتهم الاستخباراتية كانت في الغالب مخترقة، وإنّ أية مباشرة لهم بتجديد الصراع لن تصب في مصلحتهم، على الأقل عسكريّاً”.
ثمّة نظرية أخرى روّج لها أحد قادة المعارضة السورية، الشيخ عبد الله الراغب الحامد الذي صرّح للموقع الإخباري الإسرائيلي Ynet أنّ حادثة الاغتيال نُفذّت بأمر من رأس النظام السوري كجزء من عملية تغطية لإخفاء تورّط هذا الأخير بحادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، الذي كان خصماً لسوريا. وقد أدينت حينها سوريا على نطاق واسع واتُهمت بضلوعها في الحادثة التي فجّرت موجة من الغضب أجبرتها على سحب قوّاتها التي كانت قد تمركزت في لبنان منذ عام 1976.
وقال الشيخ الحامد، عضو التحالف الديمقراطي السوري “المنطقة التي قُتل فيها محاطة بمرافق عسكريّة حساسة تابعة لمخابرات الجيش السوري، وهي منطقة آمنة جداً، وإنّ حقيقة قيام قنّاص بقتله هي دليل إضافي على ضلوع النظام بعملية القتل هذه. إنّ هدف النظام هو التخلّص من أي شخص يمكن أن يصل إلى المحكمة الدولية ويجرّم الأسد”.
Times online