صفحات سورية

صلاحية مشرف

null
ساطع نور الدين
انتهت مدة صلاحية الجنرال برويز مشرف، فأصبح من الماضي، او هو على وشك ان يصبح كذلك. تركت الحرية له لكي يختار موعد خروجه من السلطة، ولكي يسلم الامانة الى المؤسسة العسكرية التي ينتمي اليها، والتي كانت وستبقى الوريث الوحيد للشرعية في ثاني اكبر بلد اسلامي في العالم، يقع على الجبهة الامامية للحرب بين الاسلام وبين الغرب.
اما كيف انتهت صلاحية الجنرال، فتلك قصة لا تروى هذه الايام، حيث تعيش باكستان في فرحة التخلص من ضابط قوي قادها طوال السنوات التسع الماضية، وفي وهم التثبت من ان الحكم المدني قد عاد مرة اخرى: عندما وصل الرئيس الاميركي جورج بوش الى البيت الابيض في العام ٢٠٠١ ، لم يكن يعرف اسم ذلك الحاكم العسكري، ولم يكن يعرف اين تقع باكستان. لكنه سرعان ما تحول الى احد رجالاته الاشداء في تلك الحرب التي اعلنها على الارهاب الاسلامي بعد هجمات ١١ ايلول من ذلك العام. وقد استطاع ان يضع بلاده في تصرف الحملة العسكرية الاميركية على حركة طالبان الافغانية وتنظيم القاعدة، ويقنع شعبه بالتخلي عن اولئك الحلفاء الاسلاميين، وعن ذلك »العمق الاستراتيجي« الذي كانت تمثله افغانستان… الى ان استوعبت طالبان الضربة قبل عامين واطلقت حملة مضادة وصلت مؤخرا الى العمق الباكستاني، وكادت تؤدي مرتين على الاقل الى اغتيال ذلك الجنرال، وها هي الان تقترب من نهايتها التي يمكن ان تؤدي الى طرد الاميركيين مثلما طرد السوفيات من قبل.
خاف الجنرال، الذي انهار زجاج مكتبه عليه في احدى محاولات الاغتيال، او لعله تردد بعض الشيء في الاستجابة لطلب الاميركيين بتكثيف الضربات على طالبان والقاعدة في اقليم وزيرستان الحدودي المضطرب، وشعر أن المعركة ستنتقل عاجلا او آجلا الى قلب المدن الباكستانية، فقرر الاحتفاظ بجيشه لتلك اللحظة، وتحفظ علنا على احتمال السماح بنشر قوات اميركية داخل الاراضي الباكستانية… فكانت نهايته التي شرع الاميركيون في تنظيمها عندما اكتشفوا ان الشعب الباكستاني بحاجة الى ديموقراطية وانتخابات تعيد المدنيين الى السلطة، فارسلوا دعوات الى قادتهم المنفيين للتوجه بسرعة الى اسلام اباد، وكانت السيدة بنازير بوتو من الحماس بحيث دفعت حياتها ثمنا لتلك الدعوة المثيرة للشك.
لكن الجنرال الذي ادرك في ذلك الحين ان ايامه في السلطة باتت معدودة، حاول اكثر من مرة ان يجدد اوراق اعتماده، سواء في هجومه الشهير العام الماضي على المسجد الاحمر الذي تحصن فيه اسلاميون خارجون عن اي سلطة، أو في دفع قواته الى المساهمة في صد الهجمات المتلاحقة لحركة طالبان في الأقاليم الحدودية… لكن من دون جدوى، لأن الأوان قد فات على الجنرال وعلى الرئيس الاميركي الذي اشعل تلك الحرب الحمقاء، ولن يستطيع الانتصار بها، حتى ولو كانت جيوش العالم كلها في صفه.
انتهت مدة الجنرال مشرف، وبدأت مدة خلفه الجنرال اشفق كياني، الذي سيتولى قيادة احدى جبهات تلك الحرب الخاسرة، مع الرئيس الاميركي المقبل، الذي قد لا يحتاج الى الكثير من الديموقراطية على الطريقة الباكستانية.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى