جمال البنا: التحول من الإسلام إلى اليهودية والمسيحية ليس كفرا
دبي – فراج اسماعيل
قال: إن القرآن يؤكد التعددية الدينية والتعايش بين الأديان
في بحث جديد، من المتوقع أن يثير ضجة كبيرة ورفضا عارما في العالم الإسلامي، أكد جمال البنا أن: “التحول من الإسلام إلى المسيحية أو اليهودية ليس خروجا من الإيمان إلى الكفر، وأن الإسلام لم ينسخ (يلغ) أيا من الديانتين، لكنه اشترط أن يظل المتحول معترفا بالإسلام كدين سماوي وبرسوله صلى الله عليه وسلم”.
جمال البنا وهو باحث ومفكر إسلامي شهير له عشرات الكتب التي يقابل بعضها برفض من بعض العلماء الإسلاميين؛ لكونه يدعو إلى تجديد الفقه، وتنقية الأحاديث النبوية الواردة في كتب الصحاح، وأبرزها في البخاري ومسلم، وهو الأخ الأصغر للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. وعندما سألته “العربية نت” عن ما يمكن أن تثيره نتائج هذا البحث من جدل ورفض، رد بأن ذلك لن يختصر على علماء المسلمين وحدهم، بل سيأتي أيضا من رجال الدين المسيحيين واليهود، نظرا لأنهم يكفرون من يخرج من دينهم إلى دين سماوي آخر، ولأنهم لا يؤمنون بالإسلام. واستطرد جمال البنا: “الذي يخرج من الإسلام إلى المسيحية أو اليهودية لم يخرج من الإيمان، لأنه انتقل من دين سماوي إلى دين سماوي آخر، وكلها تدعو إلى الإيمان بالله، وبالتالي فلا مجال للجدل المتكرر بخصوص الأسلمة أو التنصير”. وأضاف بأن ما يثار حول هذه القضية من آن لآخر هو “انتصار لرجال الدين وليس للدين ولا للإسلام ولا لله”، مؤكدا على “المساواة الكاملة بين الأديان السماوية، وأن الإسلام ليس ناسخا للديانتين اليهودية والمسيحية”. ووصف “الفكرة التي كان الرئيس المصري الراحل أنور السادات قد تبناها بإنشاء مجمع للأديان في سيناء بأنها فكرة إيجابية“.
وشرح قائلا: “في واقع الحال، تلك الأديان الثلاثة دين واحد، وهذا هو الإسلام في النهاية الذي يضم في تعاليمه الدينين السابقين ويعترف بأنبيائهما. لا يجب أن نطلق لفظ كافر على من ينتقل من دين إلى آخر من هذه الأديان، لأنه لا يزال في مجال الإيمان بالله، بشرط أن يظل مؤمنا بأن الدين الآخر سماوي ونبيه مرسل من الله وهو ما يشتمل عليه الإسلام”. وقال جمال البنا في بحثه “إنه ليس في الكتب المقدسة لليهودية والمسيحية نص يعترض على الإسلام الذي لم يكن قد ظهر بعد، وأن الإسلام يختلف عنهما بأن لا يعترف بمؤسسة دينية تقف بين الإنسان وربه، ويكون لها سلطة التحليل والتحريم وتقوم بدور المحامي عن الإسلام، بل إن القرآن حمل حملة شعواء على رجال الدين اليهود والمسيحيين واتهمهم بتحريف الكلم عن مواضعه”. واستنتج أنه “بانتفاء المؤسسة الدينية انتفت الهيئة التي كانت تغرس التفاضل الديني والقول بإن دينا معينا واحدا هو المنزل من السماء، وأن غيره من الأديان مزيف”. وأضاف أن الإسلام “استبعد هذه المؤسسة، لأنه يرى التعددية الدينية ويقرر التعايش السلمي بينها، ويستبعد فكرة نسخ الإسلام للأديان الأخرى”. واستعان البنا بـ11 دليلا على ذلك منها أن الله استبعد إيمان الناس جميعا بالإسلام، واستنكر إكراه الناس على أن يكونوا مؤمنين”. وحول تعبير “الكافرون” في السورة القرآنية التي تحمل نفس الاسم قال إنه: “يعني الذين لا يعترفون بالإسلام، ولم يكن القرآن ليعدد هؤلاء من مسيحيين أو يهود أو صابئة أو بوذيين، فالمسيحيون بالنسبة للمسلمين كفار لأنهم لا يؤمنون بالإسلام، والمسلمون بالنسبة للمسيحيين كفار لأنهم لا يؤمنون بالمسيحية”. واستطرد بأن سورة “الكافرون” قننت وأبدت التعددية الدينية، وأن “الإسلام يؤمن بالأنبياء لأنه يرى أنهم بلغوا رسالة الدين الحقة، ولكن هذه الرسالة تعرضت للتحريف على أيدي المؤسسة الدينية وخلال الترجمات“.
وأضاف أن الإسلام نص على تعدد الشرائع ويحرص على حرية الفكر والاعتقاد، وأن “القرآن ذكر الردة مرارًا ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية، كما أنه ارتد في حياة الرسول، كثيرون ولم يعاقبهم، إلا إذا اقترنت الردة بقتل وانضمام إلى الأعداء”. وأشار إلى أن ما يرتبه الفقهاء من عقوبات على الردة، أمر من «المؤسسة الدينية» التي حاولوا غرسها في الإسلام”. واستطرد البنا بقوله: ” الدين اللاحق لا ينسخ الدين السابق، فالإسلام لم ينسخ المسيحية، والمسيحية لم تنسخ اليهودية، ولم يأت دين ينسخ الإسلام، ولهذا فإن من الممكن للأديان الثلاثة (وغيرها أيضًا) أن تتعايش جنبًا إلى جنب، وفي سلام وتكامل”. وتناول في هذا الصدد عدة مبادئ قرآنية منها “الاعتراف بالتوراة والإنجيل ككتب منزلة، وكان تحفظ القرآن الوحيد ما تثبته الوقائع التاريخية والقرائن عن وجود اختلافات، نتيجة لعدم توثيقها عند نزولها إلا بعد ذلك بسنوات عدة سمحت بالخطأ أو النسيان”. وقال البنا: إن ذلك “حدث هذا في الإسلام بالنسبة للسُنة التي تأخر تدوينها، وكذلك للترجمات المتعددة أو للتوجهات الكنسية، وهي نقطة محسومة تاريخيًا، وهناك عشرات الكتب الخاصة بدراسة الأديان أثبتتها، ولا يعقل أن يوجد في الوصايا العشرة التي اعتبرتها اليهودية والمسيحية ميثاق الفضيلة “إن الرب إلهك إله غيور يفتقد الذنوب في الجيل الرابع من الأبناء»، باستثناء ذلك فقد اعترف القرآن بهذه الكتب وبسلامة أتباعها”. وبشأن القول: إن في القرآن بعض آيات توحي أن الإسلام هو الدين الوحيد، رد جمال البنا “هذا يعود إلى أن الإسلام يعتبر أن خصيصة الأديان الرئيسية هي إسلام الوجه والقلب لله وهو يرى أن هذا تحقق في اليهودية والمسيحية وفي أنبيائها، ومن ثم فإنه يرى أنهم جميعًا «مسلمون»، وأن إبراهيم «حَنِيفاً مُسْلِماً» وأن إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ كلهم مسلمون، وهذا فيما يرى هو ما أرادته الآية (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)”. وأضاف أن الآية “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ” قصد بها مجموعة ارتدت عن الإسلام وكفروا بعد إيمانهم، وطبيعي أن يكون رد الإسلام على من ارتد عنه أن لا «يُقْبَلَ مِنْهُ» مادام قد ارتد وابتغى آخرًا، ولا يتأتى أن يكون رفضًا لغير الإسلام من ناحية المبدأ، لأن الآيات التي توجب التسليم بكل ما أنزل على إبراهيم وإسماعيل قد سبقتها“.
العربية نت