عودة إلى قصة سطو تحت ستار أمني
حوار محي الدين عيسو
مداهمة ومصادرة أدوات كهربائية من مكتبة الأديب والمعارض السوري الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ
في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الخميس تاريخ 24 نيسان 2008 ,اقتحمت دورية أمنية في مدينة حمص وسط سورية, مكتبة أسيل حيث يعمل الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ، أمين عام حزب العمال الثوري العربي عضو قيادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض والعضو في تجمع إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي الوطني في سوريا ( يضم عدة أحزاب عربية وكردية وآشورية وشخصيات وطنية مستقلة )
وقامت عناصر من الدورية الأمنية بمصادرة الأجهزة الالكترونية المكتبية الموجودة في المكتبة، و لم يتم التعريف على أنفسهم ولا لأية جهة أمنية تابعين,وبدون أية مذكرة قضائية ودون توضيح الأسباب إلى ذلك.
وقد استنكرت عدة منظمات حقوقية هذا السلوك الأمني غير القانوني تجاه الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ, وطالبت بوقف جميع الممارسات والضغوطات التي يتعرض لها، و بإعادة جميع الأجهزة والأغراض التي تمت مصادرتها من مكتبة الأسيل، كما طالبت برفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية المعلنة في البلاد منذ عام 1963، واتخاذ الإجراءات الكفيلة والفعالة من أجل إصدار قانون للأحزاب يجيز للمواطنين بممارسة حقهم بالمشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد.
وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر من اعتقال هذه الأجهزة التي تعتبر من الملكية الفردية، وعدم إعادتها أو حتى الاعتراف بمصادرتها، كان هذا الحوار مع الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ الذي أراد البوح والمطالبة بإعادة حقوقه على الرغم من محاولاته المتكررة مراجعة الأجهزة الأمنية لاسترداد حقوقه لكن دون فائدة تذكر:
س: متى وكيف تمت مصادرة أدواتك الكهربائية ؟.
داهم أربعة أشخاص – ادعى أحدهم أنهم أمن – مكتبتي ” أسيل – حمص – طريق دمشق ” الوكيل المعتمد لدار الرضا للنشر والمعلوماتية ، في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الخميس الواقع في 24/4/2008
طلب الضابط – كما أعتقد – هويتي الشخصية ، فطلبت منه أن يعرِّف عن نفسه ويبرز هويته وموافقة النيابة العامة ، لكنه رفض تلبية طلبي .
فقدمت له صورةً عن الهوية ، طالباً منه أن يعرِّف عن نفسه وعن اسم الجهة الأمنية التي يتبع لها ، وان يبرز المهمة المكلف بها ، فأصر على الرفض ، متذرعاً بأن مطبوعاتٍ وزعت في المدينة ، وسيقومون بفحص الأجهزة وإعادتها مساءً
أعلنت أمامهم : أنا عبد الحفيظ الحافظ عضو قيادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض – حزب العمال الثوري العربي ، كما ترى نحن في المعارضة أصبحنا علنيين ، صرٍّحْ عن اسمكَ ورتبتك وعلى الأقل عن الفرع الأمني الذي تتبع له ؟. لكنه أجاب : فيما بعد .
كان برفقته داخل المكتبة ثلاث عناصر ، قاموا بإشرافه وبمساعدته بفك الكابلات والتوصيلات الكهربائية ، وحملوا الأجهزة خارج المكتبة وخارج العبارة التي تتواجد فيها المكتبة ، إلى سيارة بيك آب – عرفت ذلك بعد مغادرتهم – لها صندوق له شادر ومقاعد جلدية عليها بنادق العناصر الذين داهموا المكتبة ، وكان يحرس السيارة ثلاثة عناصر آخرون يحملون بنادق روسية مع جعب ذخيرة صدرية ، وقد تعرف بعض من رأى العناصر وشهد أنهم يتبعون إلى أحد الأجهزة الأمنية بحمص .
الأجهزة التي تمت مصادرتها :
1- جهاز حاسوب .
2- طابعة ليزرية .
3- طابعة ملونة .
4- آلة تصوير فوتوكوبي مع طاولتها .
5- كابلات وتوصيلات لوازم الأجهزة .
لقد حاولت لمدة أسبوع وبشكل يومي الاتصال هاتفياً ببعض مسؤولي الفرع الأمني الذي صادرها بدون جدوى ، بغية الاستفسار عن الأجهزة وعن أسباب المصادرة والطلب بإعادتها ، ومرَّ حتى الآن شهران ونصف ومازالت أجهزة مكتبتي رهن المصادرة والاعتقال ، وأنا عاطل عن العمل .
كما تقدمت في يوم مصادرتها بشكوى إلى أقرب قسم شرطة وأخرى إلى قسم للأمن الجنائي ، وقد استغرب مسؤولا القسمين الواقعة ، وغلبا أن يكون من قام بها فئة خارجة على القانون .
س: كيف تقيِّم هذا التصرف كصاحب مكتبة ، بغض النظر عن الجهة التي قامت به ؟.
بدايةً هذه الأجهزة ملكية فردية ، خاصة ، وهي من لوازم المكتبة في هذا العصر ، وهي أدوات عمل ورزق ، ضمن الدستور السوري المقر عام 1973 والمعدل بالقانون رقم /6/ لعام 2000 عدم التعدي على الملكية الخاصة ، وحفظ للمواطن حق العمل .
فالمادة /36/ تنص :
1- العمل حق لكل مواطن وواجب عليه ، وتعمل الدولة على توفيره لجميع المواطنين .
المادة /15/ :
1- لا تنزع الملكية الفردية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون .
2- لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي .
المادة /28/ :
1- كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم .
المادة/29/ : – لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني
استناداً إلى مواد الدستور التي أوردناها نقول :
– إن المصادرة التي قامت بها الدورية الأمنية والفرع الأمني الذي كلفها بالمصادرة ، هي فعلٍ مخالفٍ لنص الدستور ، بل هو تعدٍ على أبسط حقوقي كمواطن وعلى ملكيتي الشخصية ومصادرة لحقي في العمل
– المصادرة التي تمت لا تعبر عن اتخاذ الجهاز الأمني المذكور نفسه كجهة تحقيق وقضاء وضابطة عدلية وحرماني من أي حق دفاع وحسب ، بل تصرف فئة خارجة على القانون ، أمسكت بيدها كل السلطات في البلد ، وبنظرنا هذه إساءة إلى دولة الحق والقانون التي يطمح إليها المواطن السوري ، ويتناقض مع ما بشر به خطاب القسم الأول لرئيس الجمهورية ، وسيْرٌ بالخلف لتوصيات المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث ” إلغاء إعلان حالة الطوارئ ، إصدار قانون أحزاب ، إعادة النظر بقانون المطبوعات ، إصدار قانون انتخاب ..
س: أستاذ عبد الحفيظ الحافظ أنت أديب وبموقعك في المعارضة الديمقراطية السورية ، كيف تنظر إلى مصادرة الأجهزة من المكتبة ؟.
لقد أصدرت أربع مجموعات قصصية والخامسة قيد الطباعة ، وكناشط سياسي وبغض النظر عن موقعي في قيادة التجمع الوطني الديمقراطي وفي حزب العمال الثوري العربي وبعيداً عن ملكيتي الخاصة للمصادرات ، أعتقد أن الدستور السوري ضمن بمواده الحق في ممارسة الحرية للمواطن حقه التعبير والنشاط السياسي والاجتماع والتظاهر لكن القوانين التي أصدرتها السلطة عطلت هذه المواد ، وبالرغم من ذلك أتعامل مع الواقع على أنني أعيش بدولة حق وقانون ، وبالتالي أمارس نشاطي السياسي كحق مطلق لي ، وبالعودة إلى الدستور الذي هو الوطن :
فالمادة /25/ تنص :
1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم .
2- سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة .
المادة / 38/:
– لكل موطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى ، وأن يسهم في الرقابة والنقد البناء ..
– لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك .
قراءة بسيطة لهذه المواد نجد أن الدستور السوري في معظم مواده ضمن حرية التعبير والرأي والاجتماع والحق في الإسهام في الحياة السياسية .
إن مصادرة الأجهزة من مكتبتي تعد سافر على ملكيتي الخاصة ، وقطع لوسائل رزقي وعيشي المشروع والكريم ، وهو رد تسلطي أمني على ممارستي لحريتي في المشاركة السياسية التي كفلها الدستور .
س: هل ترغب أستاذ الحافظ أن تضيف شيئاً آخر ؟.
إنني ممنوع من السفر منذ سنوات ، وأتعرض يومياً لمراقبة أمنية لصيقة منذ عامين ونيف من أحد فروع الأمن بحمص ، وكان العنصر المكلف بمراقبتي وقت المداهمة بالقرب من المكتبة .
أضيف أن ما أتعرض له كمواطن سوري ليس حالة خاصة ، بل هي حالة عامة طاولت عدداً من كوادر المعارضة الديمقراطية بكل أطيافها وتعبيرات المجتمع المدني ، والمثقفين والمبدعين والمستقلين ، وبعضهم نزيل السجون مع المجرمين ، وبتهم وبأحكامٍ ظالمة ، وهذا لا يليق بسورية الحضارة والتاريخ ، ولا بمثقفيها ومناضليها كعارف دليلة وميشيل كيلو ومحمود عيسى وياسر العيتي وأكرم البني ومحمد حجي درويش وطلال أبو دان وفداء الحوراني وجبر الشوفي وأحمد طعمة وأنور البني ووليد البني وعلي العبد الله وفايز سارة ومروان العش ورياض سيف وغيرهم وغيرهم. ..