ساركوزي وزيارة “المهمة الصعبة”
محمد شمس الدين
تترقب الدوائر السياسية الغربية والعربية نتائج زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد بعدما لمست فرنسا أنها حققت بعض الايجابيات من خلال السياسة التي اتبعتها مع العاصمة السورية في الشهر المنصرم. وقد توالت اللقاءات الفرنسية – السورية لمتابعة مقررات قمة ساركوزي – الأسد الأولى في باريس، والتي شارك في وقائعها لبنان الذي اعتبر المدخل لتصحيح العلاقات المضطربة بين البلدين، منذ عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
وتقول مصادر ديبلوماسية فرنسية إن مسيرة فرنسا مع سوريا ستكون طويلة ولن تكون سهلة إذ إن ما تسعى باريس الى تحقيقه لم يستطع العالم أن يحققه معها من خلال التهديد والترهيب على مدى خمس سنوات كانت نتيجتها إخلالا في التوازن حتى على المستوى الدولي بعدما احتكرت الولايات المتحدة التحركات السياسية والديبلوماسية خدمة لمشروع كانت تعتقد أنها قادرة على فرضه بعد احتلالها للعراق.
وتضيف المصادر الديبلوماسية أن البراغماتية التي يتحلى بها الرئيس الفرنسي ساعدته على انتزاع تفويض من الأميركيين للتحرك على الخط السوري في محاولة لاستمالتها أو على الأقل تحييدها من النزاع القائم مع إيران حول ملفها النووي والذي تتصل به العديد من العوامل المقلقة “أمنيا” لإسرائيل بالدرجة الأولى، و”اقتصاديا” للمجتمع الدولي بالدرجة الثانية.
وتشير المصادر الى أن فرنسا قد حصلت على دعم أوروبي أيضا، تحت شعار قدرتها على إقناع دمشق بالتخلي عن حلفها الاستراتيجي مع إيران، مقابل تقديم كل الضمانات السياسية وتوفير الحد الأقصى من الدعم الاقتصادي من خلال مشاريع استثمارية سيوقع على العديد منها خلال زيارة ساركوزي الحالية.
وتنفي المصادر الديبلوماسية الفرنسية وجود تحفظات لدى بعض الدول العربية على التحرك الفرنسي معتبرة أنه اذا ما نجح في الوصول الى تحقيق الغاية منه، فإنه سيكون مفيدا لكثير من تلك الدول التي تعيش أزمات كبرى مع سوريا في الوقت الراهن. وتعتقد المصادر أن الدول العربية تلك ستساهم في دعم المشروع الفرنسي في سوريا بكل طاقاتها ما يساعد دمشق أيضا في الحصول على مزيد من الفرص الاستثمارية العربية، مشيرة الى أنه جرى التداول معها في هذه الخطوة مسبقا.
وحول الموضوع اللبناني فإن المصادر الديبلوماسية الفرنسية تعتبر أن نجاح قطر في إدارة الملف منذ أيار الماضي سيتيح لها مواصلة جهودها التي تلتقي مع الجهود الفرنسية حيال دمشق وبيروت مشيرة الى أن مشاركة أمير قطر في القمة الرباعية في دمشق يأتي في هذا الاطار. وكشفت المصادر أن زيارة الأمير القطري الى طهران في الآونة الأخيرة كانت تهدف الى التقليل من “الهواجس” الايرانية حيال التحرك الغربي باتجاه سوريا. الا أن المصادر توقفت عند الكلام الذي يردده الرئيس السوري بشار الأسد عن ارتياحه لعلاقة بلاده مع إيران واعتباره أنها استراتيجية وأن هذه العلاقة قد أمنت حماية المنطقة.
وفي حين تقر المصادر بالمصلحة المباشرة لفرنسا من عودة العلاقات مع سوريا سياسيا واقتصاديا وأنها اختارت المدخل الأكبر الى الشرق الأوسط، تعترف أيضا بأن تحركها هذا محفوف بالمخاطر ومهدد بالفشل، لكنها تعتبر أن المحاولة ضرورية في ظل أجواء الاحتقان الكبيرة التي تعيشها المنطقة بعد الأحداث الأخيرة التي عصفت بها.