صفحات الناس

اللاذقية تدخل التاريخ

null
عصام خوري
شهدت اللاذقية حدثا هاما ولربما يكون الحدث الثاني من نوعه في تاريخ سوريا الحديثة بعد استقالة رئيس الجمهورية شكري القوتلي زمان الوحدة السورية المصرية، نعم استقال رئيس بلدية اللاذقية من منصبه.
سوريا بلد المناصب. وكل المواطنون السوريون يسعون للمناصب، حتى أبو محمد مستخدم إحدى المدارس يخبرني بسرية أن كرسي المدير تليق به.
تخيلوا أن رئيس بلدية اللاذقية “وبكامل إرادته” وقع كتاب استقالته مساء إحدى 28 الشهر الماضي، ولم يذكر هذا الحدث في كل وسائل الإعلام.
صحيح أن منصب رئيس بلدية مدينة هو منصب غير كبير ليركز عليه عالميا، لكن هذا الحدث يؤذن بثقافة سورية رسمية جديدة في الأيام القادمة.
فتخيلوا مثلا أن يستقيل كل مدراء سوريا دفعة واحدة “وبكامل إرادتهم”!!…
أو أن يستقيل كل رؤساء بلديات في المحافظات… والله هذا حدث عظيم.
قسومة الذي أثار لغطا كبيرا في مدينة اللاذقية جراء عدد من التحسينات في المدينة (تنظيف الشوارع بشكل يومي، دهن الشوارع بألوان مختلفة حسب كل حي، الإصرار على إجبار المهنيين على الإعمار في المنطقة الصناعية، الاهتمام بالحدائق والجزر الوسطية، اعتماد لباس موحد لعمال النظافة، منع البسطات في الشوارع، نزع الأكشاك الغير مرخصة، تزفيت الحفر بشكل مهني احترافي، نزع الملصقات من على جدران المنازل، الرش الدوري للمبيدات الحشرية في شوارع المدينة، تنظيف حي الرمل الفلسطيني، استخدام آليات التنظيف القديمة والحديثة بشكل جيد، غسل الشوارع الرئيسية ليلا منعا لعرقلة السير، تخطيط الشوارع، متابعة عمل لجان المخالفات ومنع تجاوزاتها…) قدم استقالته “وبكامل إرادته”…
من كان في اللاذقية يتصور أن قسومة سيقدم استقالته بعد كل انجازاته سالفة الذكر “وبكامل إرادته” .
قسومة لقد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، فاللاذقية الصغيرة من سوريا البلد الصغير، الكائنة في منطقة شرق أوسطية غنية بدول العالم الثالث الصغيرة، التي يتناطح زعمائها على أي منصب مهما كبر أو صغر، حضنت حدث استقالتك الجليل…
فهليلوليا لللاذقية فاستقالتك “وبكامل إرادتك” لن تجعلنا ننسى أنه وخلال فترة تسلمك المنصب “سبعة أشهر” قمت بأعمال يلموك عليها البعض: (فقد بيع الكورنيش الجنوبي لمستثمرين دون أن تقترح أنت متنفس واحد على البحر للمواطنين الفقراء وما أكثرهم في اللاذقية، لقد عمرت جدارا بلوك سخيف المنظر أمام البحر ليحرمنا نحن المواطنين من فنجان قهوة على البحر، لقد أقريت بيع حي بأكمله لشركة مستثمرة من اجل شاطئه “الرمل الفلسطيني”، كما أقريت بيع كل مسابح الطبقة الوسطى والفقيرة في منطقة الشاطئ باستثناء “مسبح أفاميا، ونادي الضباط”)…
نعم قسومة اللاذقية لن تنساك أبدا فأنت واحد من الشخصيات التي كرست الطبقية في أجمل مدن سوريا الفقيرة.
ملاحظة //خبر عاجل//: يوم 31/5/2008 عاد قسومة إلى منصبه “وبكامل إرادته”. ليكون الحدث التاريخي بالشكل التالي: استقلت بكامل إرادتي… لكن الجماهير طالبت بي فعدت مرغما لحاجتهم.
وبحق هذا حدث عظيم لم يحصل سوى مرة واحدة في المنطقة الشرق أوسطية، فقسومة والرئيس جمال عبد الناصر وحدهما فقط من عادا عن قرار استقالتهما.
مصر ليست أهم من سوريا، فعندهم الراحل عبد الناصر ونحن لدينا اللاحق قسومة!!…
بدون تعليق //المادة تصلح لبرنامج بقعة ضوء، أو لبرنامج “ما في أمل”//
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى