صفحات سورية

إسـلام أوبـاما

null
ساطع نور الدين
في كتابه »أحلام من والدي« الصادر في العام ،١٩٩٤ وصار الآن على لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في اميركا، يؤكد المرشح الديموقراطي باراك اوباما بما لا يدع مجالاً للشك انه ليست لديه جذور اسلامية عميقة، ويوحي بانه يشعر بالحرج او حتى بالخجل من صلاته العائلية والاجتماعية بالاسلام، التي لا يزال يكتنفها الكثير من الغموض، برغم ان بعض اشقائه وشقيقاته مسلمون، ويقيم اثنان منهم على الاقل في الولايات المتحدة حتى الآن.
ينفي اوباما في الكتاب ما هو شائع وراسخ في الاذهان اليوم عن ان والده الكيني الاصل مسلم ويدعى حسين، ويجزم في الصفحة ١٠٨ تحديداً أن جده لأبيه هو الذي كان مسلماً ويحمل اسم حسين، لكنه لم يكن يتحدر من اصول اسلامية، بل صدف، مثل الكثيرين من سكان البلدان الواقعة على السواحل الشرقية للقارة السوداء، انه اختار الاسلام ديناً، بعدما ساءته فكرة الغفران والتسامح في الديانة المسيحية التي كان يعتنقها ويطلق على نفسه اسم جوزف، عندما كان يعمل طباخاً عند الغزاة الانكليز، ثم صار فجأة من كبار ملاك الاراضي الزراعية الخصبة في كينيا.
اما عن والد باراك اوباما الذي كان يحمل الاسم نفسه، فان صلته بالاسلام لا أثر لها في الكتاب، الا ربما من الناحية المشينة، التي تكشف انه تزوج اربع نساء، وأنجب منهن جميعا أبناء وبنات استغرقوا سنوات عديدة لكي يتعرفوا على بعضهم بعضاً.. وكانت والدة اوباما البيضاء الاميركية هي الثانية بينهن، وقد عاش معها عامين عندما كان يدرس في جامعة هاواي، ثم التقى بها مرتين بعد انفصالهما، قبل ان يموت في حادث سيارة في كينيا، تاركاً وراءه اربع عائلات مفككة تعيش على حافة الجوع، على الرغم من انه كان في بداية حياته من النخبة الكينية التي درست في الجامعات الاميركية وعادت الى بلادها لتتولى مراكز مرموقة.
ليس في الكتاب الذي يروي فيه اوباما سيرته الذاتية، ويعود بها الى قبور أجداده وأقاربه في كينيا والى مواقع سكناهم القريبة من الضفاف الشرقية لبحيرة فيكتوريا، اي وقائع تفيد ان ابناء العائلة التي يفترض انها مسلمة يؤدون الصلاة او الصوم او الحج او الزكاة. كل ما هنالك اسماء اسلامية يحملها بعضهم وهي تختلط مع اسماء مسيحية، كما هي الحال في الكثير من القبائل والاسر الافريقية التي كانت ولا تزال تقيم علاقة خاصة مع الأديان التوحيدية الثلاثة.
اما الجزء الاميركي من علاقة اوباما وأسرته مع الاسلام، والذي يتمثل في وجود اخته مايا من والدته وزوجها الاندونيسي في كاليفورنيا حيث تساعده اليوم في استقطاب الناخبين الآسيويين، وفي وجود اخيه من ابيه جوي الذي اعتنق الاسلام اثناء اقامته في بوسطن، فإن الكتاب لا يرسم اي صورة ايجابية عن المسلمين الاميركيين، بل هو يثير الذهول عندما يوحي في أكثر من موقع ان تلك الديانة هي اشبه بآفة، مثلها مثل الجريمة والمخدرات، التي عانى منها معظم السود في اميركا.
الكتاب أسود بكل ما للكلمة من معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى