ديمة ونّوس
بيار أبي صعب
في كتابها الثاني «كرسي» (دار الآداب) لا تزال تجرّب… وربّ قائل إن هذا الأدب أليف ومكتوب في العربيّة على مرّ التجارب والعقود. لكن ديمة ونّوس (1982) تقيم مع السرد علاقات خاصة تشبهها، وتسلّط على الواقع نظرة هي لسان حال جيلها في بلد عند مفترق التحوّلات. في زمن الانفتاح يعاد النظر بالأفكار والقيم والكلمات. والكاتبة السوريّة الشابة التي تعود أكثر راديكاليّةً، تنتقي كلماتها وتشتغل على «التفاصيل» (عنوان باكورتها القصصيّة عن «المدى» قبل عام). تكتب بين زمنين: الأوّل يجد جذوره في تجربة جيل النكسة وما تلاها، والثاني غير مكتمل الملامح، يخصّها وحدها، ويبشّر بتجربة مختلفة ضمنها تندرج هذه القصّة الطويلة.
تلاحق ديمة شخصيّتها منذ رنين المنبّه إلى لحظة الحسم: موعد العشاء مع «معاليه» الذي لا يهمّها أن تعرف عنه شيئاً في النهاية. فالرحلة غالباً أهمّ من المحطّة التي نقصدها: بين السابعة صباحاً والسابعة مساءً، تعيش مع بطلها على إيقاع الأغنيات والتداعيات والمشاغل. تكتب بلغة نابضة، واقعيّة من دون تصنّع، فتتكوّن أمامنا أشياء الهامش: فضاء الرؤية بامتياز. إنّه يوم (غير) عادي في حياة درغام، الموظّف الذي يحلم بالارتقاء في بنية بيروقراطيّة محتضرة. تواصل ونّوس الابنة رصدها لآليات القمع وتركيبة السلطة. تفعل بنوع من الحياد الظاهري، مختبئة وراء السرد الرشيق، وشعريّة التفاصيل، وطرافة بالكاد تُظهر مرارتها. هكذا تروي لنا مثلاً الحياة الطويلة التي عاشتها زجاجة الـ«بلو ليبل»، قبل أن ترسو في فضاء وضيع لا يليق بها، هو بيت درغام «مدير القسم السياسي في الهيئة الاستشاريّة التابعة لوزارة تطوير الإعلام».