سياسة صناعة الإرهاب
جهاد صالح
الإرهاب بجميع أشكاله عمل وحشي وهمجي ومخالف لكل القيم الإنسانية والأعراف السماوية، بغض النظر عن مرتكبه وعلى من وقع عليه الإرهاب. فعملية الإرهاب سواء كانت من خلال زرع عبوات ناسفة أو من خلال عملية انتحارية مجنونة،أو الاغتيال الصامت، يمكننا أن نعتبره أنه أسمى أشكال الانهيار الخلقي لدى الإنسان وتحوله من مخلوق يتميز بالعقل والعاطفة والمثل القيمية الخيرة ،إلى مخلوق بشع يتجرد من إنسانيته وليكون خارجا عن الأفق الطبيعي وكينونته السماوية والاجتماعية، وهو أن الإنسان يمكنه أن يميز بين الخير والشر ويختار الأصلح له.
المؤسف أن الإرهاب لدى بعض النظم السياسية وخاصة في الشرق الأوسط أصبح حاجة استهلاكية لابد من وجودها في نظام الحكم وذلك بحق المواطنين من أبناء الوطن الواحد،أو خارج حدود الوطن، وكل ذلك لأجل إشباع المرض النفسي والفيزولوجي ضمن ثقافات الاستبداد والنظم الديكتاتورية المستشرية في مجتمعاتنا منذ عقود تكاد تصبح أبدية في حياتنا؟؟؟
انفجار في دمشق.. انفجار في طرابلس……………. لقد أصبحت مشاهد القتل روتينية في ظل هول المشهد الإنساني، وتحكم لغة السياسة في الحياة ولو في ابسط درجاتها.
الإرهاب هل يمكن أن يطال سوريا؟؟؟
سؤال يفرض نفسه علينا كسوريين، وأيضا على كل مراقب مهتم بالوضع السوري؟
إن من لم يعش داخل الأرض السورية يمكنه أن يقتنع أن الإرهاب سيطال سوريا كما غيرها من الدول والمجتمعات المستهدفة من الحركات الأصولية والتكفيرية، أو الجهات المجهولة التي تفجر وتخرب لأهدافها المتنوعة.
جريمة السيدة زينب عمل إجرامي وحاقد،ولا نستطيع إلا أن نبغضه ونحقد على كل من نفذ وأمر وصنع وخطط هذا المشهد الدموي القبيح، لكن في مجتمع سوري مخابراتي من حيث الغالب المسيطر، وتقويض الحياة السورية البسيطة جدا داخل مؤسسات أمنية شرهة لأجل ممارسة الاستبداد اليومي والإرهاب السلطوي والفردي بحق الفلاح والمعلم والمثقف والسياسي والناشط الحقوقي وبائع الخضرة والضابط والمحامي ووووو……. ظلم عادل وموزع في ميزان قوى القرار السوري داخل البيت الحاكم؟
سوريا محور شرّ… النظام السوري يشجع الإرهاب ويصدره إلى لبنان والعراق وفلسطين…. الأمن السوري يقتل متظاهرين سلميين….. عناوين هي صور لإرهاب صغير يجتمع معا ضمن أطر ومجاميع منهجية تشكل ما يسمى بصناعة الإرهاب الداخلي والخارجي، في سبيل الديمومة والأنا واستمرارية الفعل والحالة المتوارثة؟
ما يحصل في سوريا لا يمكن أبدا إلا أن نصنفه ضمن تأويلات سياسية ومناخات يعتبرها أذكياء السياسة السلطوية الحاكمة اسلوب جديد لكسب عطف القوى كلها دفعة واحدة. واستثمار العمل الإرهابي في وصفياته لمكاسب سياسية عالمية، وخاصة في ظل المحاربة العالمية للإرهاب، فلو تعاطفنا مع أصحاب نظرية أن الأجهزة الأمنية السورية قد اخترقت مخابراتيا، فهذا يعني انهيار المؤسسة الأمنية الحديدية في سوريا والتي ستجلب كوارث على الحكم قريبا،ولو حاولنا أن نقول أنها اخترقت من جهات تكفيرية وأصولية من خلال شراء الذمم بملايين الدولارات ( وهذا يمكن أن يحصل) ،أو انقلاب الأداة على صانعها، من منطلق أن الأجهزة الأمنية السورية كانت تروض وتدجن إسلاميين ضعفاء تحت شعارات محاربة أمريكا وعملائها وأعداء العروبة ، وتصفيتهم بالسجن أو الاغتيال بشكل سري حين الفشل في المهمة الإرهابية الموكولة إليهم وشواهد كثيرة( شاكر العبسي- العراق – فلسطين).
أما الفرضية الأخرى فهي وجود انشقاقات أمنية داخل الهرم المخابراتي من خلال صراع القوى على تركة الأسد الأب، والضبابية في مواقف الأسد الابن، ومحاولة الجهات المتصارعة إضعاف الأخر وإنهائه بأي شكل كان، حتى لو تطلب الأمر انفجارات داخل سوريا؟
النظرية الثالثة أن إحدى الجهات المخابراتية الإقليمية حاولت أن توصل رسالة لنظام الأسد أنه يمكننا أن نفجر ونعمل في قلب دمشق .
حقيقة هناك أحاديث كثيرة وصور متشابكة ( تصفية لقيادات أمنية مهمة داخل سوريا من قبل أصحاب القرار السوري و إنهاء شخصيات أمنية وسياسية قد تصبح مناهضة لآل بيت الحكم أو قد تفشي الأسرار المصيرية)
باختصار حين يحلل نظام دمشق لنفسه الحوار والتفاوض والتقرب والود مع إسرائيل وأمريكا وأوروبا تحت مناطيد الانفتاح، ويحرّم ذلك على السوريين ويطبق بحقهم نظرية المؤامرة والتخوين، وأيضا حين يزيل عن طريقه اقرب حلفائه ومريديه ، فإنه يصبح هدفا للغير سواء كان جهات مخابراتية أو أصولية أو حلفائه ،أو من الوسط الحاكم نفسه.
الإرهاب كان صفة ملازمة لسياسات النظام السوري بحق الشعب والوطن والآخرين ، ولا مشكلة أن يصنع هونفسه الإرهاب ويستثمره سياسيا، فهو يخلق الإرهاب وقد يصدّره، ويمكن أن يصبح عرضة لإرهاب مماثل بعد أن أصبحت قدماه موحلة داخل الحديقة الأوربية والإسرائيلية عبر تركيا وعلى الطريق إلى واشنطن.
ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها، والحفر القادمة كثيرة، وكل التوقعات في المستقبل قد تصيب؟
. بيروت
خاص – صفحات سورية –