مستشارو ماكين: عدائية تجاه المحادثات مع سوريا وعملية السلام ليست أولويّة
رون كامبيس
تصحيح: في رواية سابقة لهذه القصّة، اعتبر أعضاء حملة ماكين الإنتخابيّة أنّ هذا الأخير قد يعيق المحادثات الإسرائيليّة ــ السوريّة. في الحقيقة، في حين عبّر ماكس بوت عن شكّه في احتمال نجاح المحادثات، فهو يقول إنّه كان يتحدّث عن معارضته لالتزام الولايات المتحدة تجاه سوريا.
قد تعيق إدارة ماكين المحادثات الإسرائيليّة- السورية، ولا تضع عمليّة السلام الإسرائيلية ــ السورية على سلّم أولويّاتها.
تلك كانت الرسالة الجماعيّة التي عبّر عنها نهاية هذا الأسبوع مستشاران من مستشاري ماكين – هما ماكس بوت، العضو الرفيع في مجلس العلاقات الخارجيّة، وريتشارد ويليامسون، المبعوث الخاص لدى ادارة بوش الى السودان – خلال عطلتهما باستضافة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في منتجع لانسداون الواقع في ولاية فرجينيا الريفيّة.
وتعليقاً على ذلك، قال ريتشارد دانزيغ — أحد ممثلي باراك أوباما، وسكرتير لدى القوات البحريّة في إدارة كلينتون — إنّ مرشّح الحزب الديمقراطي قد يتبنى الرأي المعاكس لرأي ماكين في القضيتين.
وفي مقابلة أجرتها معه مجلة “Atlantic” خلال الصيف، أكّد السناتور الأميركي جون ماكين (عضو مجلس النواب عن ولاية أريزونا) أنّه سيتولى دور رئيس المفاوضين في عمليّة السلام. ولكن في العطلة الأخيرة، قال بوت إنّ الاتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يعتبر أولوية بالنسبة لإدارة ماكين، مضيفاً أنّ ثمة ما يقارب الثلاثين أزمة منتشرة في العالم تحتاج الى معالجة سريعة أكثر من سواها.
ووصف مستشار ماكين جهود إدارة بوش المتجدّدة لإنجاح المحادثات الإسرائيليّة- الفلسطينيّة بالخطأ. وهو كذلك اعتبر انفتاح أميركا على سوريا بمثابة خيانة الرهان الذي قامت به الولايات المتحدة من خلال دعمها للديمقراطية الهشّة في لبنان.
ولفت بوت الى أنّ قرار إسرائيل بالتخلي عن مرتفعات الجولان أو الاحتفاظ بها يعود لها، ولكنّه أضاف أنّ “جون ماكين لن يخون الحكومة اللبنانية الشرعيّة”. وفي مقابلة له مع JTA، قال بوت إنّه يشّك في امكانية نجاح المحادثات الحالية التي تجريها إسرائيل مع سوريا في إخراج هذه الأخيرة من منطقة النفوذ الإيراني.
وبدوره، يرى ويليامسون أن دور الولايات المتحدة لا يقضي بأن تملي على إسرائيل سياستها تجاه سوريا، ولكنّه أضاف أنّ إدارة ماكين قد تعمل على إقناع مسؤولي القدس.
وقال في هذا الصدد، متناولاً مسألة انزعاج الإسرائيليين وبعض الداعمين لإسرائيل في السنوات الأخيرة من ضغط إدارة بوش عليهم للإمتناع عن القيام بمثل هذه المفاوضات: “لا يجب أن نملي على إسرائيل شكل علاقتها بسوريا أو بلبنان. ولكننا نأمل أن يتعاونوا معنا على أساس أننا أصدقاء”.
إنّ تأييد ويليامسون لمثل هذه الآراء يدلّ على التحالف الوثيق بين حملة ماكين الانتخابيّة والمحافظين الجدد. ففي ظل ظروف أخرى، كان ليبدو ويليامسون، السياسي القديم في إدارة ريغن وإدارات بوش الأولى، أقرب في وجهات نظره من الجمهوريين “الواقعيين” الذين ابتعدوا عن ادعاءات المحافظين الجدد الكبيرة بقيام امبراطورية أميركية جديدة، في حين أنّه يكرّر الآن آراءهم في عدة مواضيع.
حتى العام الماضي، لم يكن ماكين قد اختار بين المعسكرين، الجمهوري ومعسكر المحافظين الجدد. ولكنّ يبدو أنّ المرشح الجمهوري للرئاسة اختار، أثناء تواجده في لانسداون، السياسات التي تدعمها إدارة بوش الراحلة ويضعها المحافظون الجدد الذين باتوا يخططون سياسته الخارجية.
غير أنّ مستشاري ماكين أصرّا أنّ مرشّحهما كان يعمل على تركيب صيغة تألف ما بين المعسكرين تكون “واقعية مثالية”. فقال بوت إنّ ماكين سيكون “قائداً يدفع تجاه حصول المزيد من التغييرات الديمقراطية والليبراليّة، وواقعياّ فيما يتعلّق بتوقعاته بنتائج العمل الديبلوماسي، وبشكل خاص حدوده”، وبذلك يكرّر ما أصبح لازماً بالنسبة للمحافظين الجدد: أي اعتماد سياسة خارجية قويّة مترافقة مع سعي لتعزيز الديمقراطية.
أما ممثّل أوباما، سناتور إلينوي، فأعاد التأكيد على تعهّدات الحزب الديمقراطي بمضاعفة جهود الولايات المتحدة الديبلوماسية. فاعتبر دانزيغ أنّ إدارة أوباما ستحيي فكرة إرسال مبعوث خاص للتوصّل الى عقد اتفاق سلام وقال “إنّ المستوى المناسب لمشاركة الولايات المتحدة يتطلّب منها تعيين شخص يعتني بشكل حصري وخاص بهذه المسألة”. مضيفاً أنّ شخصاً ما مثل طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي يقود اليوم حملة تسعى لبناء مجتمع فلسطيني مدني، قد يكون مناسباً لهذه المهمّة.
هذا ويبدو أنّ ممثلّين من الحملتين يوافقون على الحاجة لفرض المزيد من العزلة على إيران لحين تتخلّى عن متابعة رنامجها النووي، ويؤكّد الفريقان على أنّهما سيبقيان الخيار العسكري مطروحاً وسيزيدان من العقوبات.
يبدو أنّ كلي الحملتين كرّستا جزءًا كبيراً من اهتمامهما لهذه المسألة؛ فقد وقّع مسؤولون من المعسكرين هذا الصيف على ورقة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى التي تدعو الى المزيد من التنسيق فيما يتعلّق بالملف الإيراني، لقلقهم من توجّه إسرائيل لدراسة الخيار العسكري.
ووصف ويليامسون وريتشارد كلارك، المسؤول الكبير السابق المناهض للإرهاب في إدارة كلينتون وإدارة بوش الحالية، استحالة امكانية التخلّص من برنامج الأسلحة الذي يسود الإعتقاد بأنّه منتشر ومخبّأ في مراكز سكانيّة. وأضاف أنّه من الممكن القيام بعمل سري ضد إيران، دون أن يتحدّث عن تفاصيله – وهو سيكون البند الأوّل على جدول أعمال المرشحين.
الفارق الوحيد بين الفريقين هو التعهّد الذي قام به أوباما بعدم استبعاد احتمال لقائه بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي أنكر حصول المحرقة اليهودية “الهولوكوست”، وشرعيّة وجود إسرائيل.
وتصدّى له بوت سائلاً: “ما هو الإنجاز الذي قد ينتج عن مثل هذا اللقاء؟”. فأجاب دانزيغ أنّ من شأن ذلك أن يسهّل على أوباما حشد دعم عالمي لفرض العقوبات، قائلاً “هذه الأشياء تتطلّب التعاون بين عدة دول”.
يضع دانزيغ تشديد أوباما على اعتماد السبل الديبلوماسية وفرض العقوبات في إطار حماية أمن إسرائيل، محاولاً التأثير على معهد واشنطن ذي التوجه الداعم لإسرائيل. وقال إنّ “التهديدات والمخاطر هي اليوم أشد مما كانت عليه قبل ثماني سنوات”.
حاول مستشارو ماكين تحريف المقارنات بينه وبين بوش؛ فأشار بوت في محاولة منه لقلب هذه المقارنات واستغلالها لإضعاف حملة أوباما، أنّه قبل ثماني سنوات فضّل “مرشحاً آخر للرئاسة لا يتمتّع بخبرة في سياسة الأمن القومي”– هو جورج بوش– “وقد رأينا نتائج هذا الخيار”. رغم ذلك فإنّ فريق معهد واشنطن، ذات التوجهات العدائية فيما يتعلق بالسياسة الخارجيّة، والذي من المرجّح أن يفضّل خيار ماكين وسياسته، تسمح لممثلي ماكين بالتطرّق لمسألة الشخصيّة والخبرة.
وأحرج فراد لايفر، الرئيس الفخري للمعهد، بوت بسؤاله عن سبب اختيار ماكين لساره بالين حاكمة ولاية ألاسكا، التي لا تتمتع بخبرة في السياسة الخارجية، كشريكته في إدارة الأمن القومي إذا ما أوكل إليه. فأجاب بوت قائلاً “خبرتها في السياسة الخارجية لا تقل عن خبرة أوباما”، مثيراً زوبعة من الردود التي رفضت هذا القول واستغربته.
JTA ، الجمعة 26 أيلول 2008
الأخبار