شعر النساء البشتونيات
(1)
يا إله المنفيين الكبير
كم ستدوم الحياة فوق هذه الهضاب الجرداء
(2)
على وجنتي تتدحرج دمعات
كيف أنسى قمم جبال كابول المكللة بالثلج
(3)
تباعد جبال بيننا الآن
وحدها العصافير رُسلنا، وأنا شيدها الدليل.
(4)
اذا مات حبيبي، لأكن كفنه
هكذا نتزوج الرماد معا.
(5)
ماذا تستطيع ان تفعل الا القتال
لن تكون، اذا خضعت سوى عبد عبد.
(6)
الشهيد شهب يلمع ثم ينطفئ
الميت في أرضه لا يفعل شيئا سوى إتلاف الأسرّة.
(7)
ليس لك سوى الهباء، لن تأخذ فمي أبداً
لقد اختبأت حين ذهب الرجال الى المعركة.
(8)
لن يأت الموت اذا لم تحن الساعة
سيشتعل العالم، لا تخف أبدا يا حبيبي.
(9)
لو كنت أعرف ان زمن الفراق سيأتي
لأمسكت بيد حبيبي حتى ساحة المعركة.
(10)
إذهب وقاتل في كابول، يا حبيبي
من أجلك، سأحتفظ بفمي وجسدي طاهرين.
(11)
أيتها الارض ضريبتك كبيرة
تفترسين الشبيبة وتتركين الأسرّة قاحلة.
(12)
يا إلهي، لا تدع امرأة تموت في المنفى
ستنسى اسمك، وهي تلفظ أنفاسها الاخيرة
لن تفكر سوى بمسقط رأسها.
(13)
أيها القذر الصغير تناول بندقيتك واقتلني
فطالما أنا على قيد الحياة، لن أتخلى عن عشيقي أبدا.
(14)
يا إلهي، أحرق بيوت
الذي دمّر منزلي، الذي أهداني الموت.
(15)
في يدي وردة تذبل
فأنا لا أعرف لمن أعطيها في هذه الارض الغريبة.
(16)
ليؤذن الشيخ صلاته عند الفجر
لن أنهض ما دام حبيبي يريدني.
(17)
يا إلهي، لتضمني اليوم
لم أعد أرغب في رؤية الوجوه، لقد ذهب حبيبي.
(18)
لتقطف الورود ملء راحتيك
أنا بستان أنت مالكه
(19)
إما ان تكون على صدري دائما
والا فالافضل ان تكون بين ذراعي الارض المعتمتين.
(20)
لا تضمني كثيرا بين ذراعيك
سيفضح سرّنا غدا، عطر قلادتي.
(21)
فمي كله اليك
لن أعطيه الا للمحارب المنتصر.
(22)
يا بنيّ، لو تخليت عن حربنا
سألعن حتى حليب ثديّي.
(23)
الأبطال أحياء دائما
وحدهم الخائبون يذبلون الى الأبد.
(24)
مرّر يدك بهدوء في تجويف يدي
ما ان أزهر رمان <<قندهار>> حتى نضج.
(25)
ينزلق سروالي ذو اللون الناري عن ساقيّ
يقول قلبي لي انك ستكون هنا هذه الليلة، ربما غدا.
(26)
يا محبوبي، لا أستطيع ان أهديك
سوى المسكن الذي بنيته لك، في أعماق قلبي.
(27)
أزداد جنونا، حين أمرّ قرب قبر وليّ،
أرمي له الحجارة لكل أمنياتي غير المستجابة.
(28)
قال لي قلبي: انني لا أنفع لشيء
انهما العينان اللتان، حين رآتا، جعلتاني عاشقة.
(29)
أكلت فمي من دون ان تشفي غليلك
أيها الأبله، احملني على ظهرك، أنا مستعدة لأتبعك.
(30)
سأذبحك أيها الديك الملعون
لأنك لو لم تصح، لكان حبيبي لا يزال بين ذراعيّ.
(31)
يتباهى الآخرون بثياب العيد الجديدة
اما أنا فأحتفظ بالثوب الحامل رائحة عشيقي.
(32)
مرة اخرى، لتمرّ على طريقي
فها ان آثار خطواتك تمحي في الغبار.
(33)
لتكن سعيدا، يا حبيبي، سأهتم أنا بالاحزان
يعرف قلبي الشقاء، لن ينفجر أبدا.
(34)
اذا كنت اتفرس فيك بهكذا إلحاح
فلأني أرى فيك تارة أنك عشيقي المقبل.
(35)
لا تحطمني أبدا بين ذراعيك
ان براعم نهدي ترتجف بألم ناعم.
(36)
حبيبي عقد على عنقي
قد أسير عارية، لكني لا أبقى لحظة بلا عقد.
(37)
تعال لألمسك، لأحتضنك
أنا نسيم المساء الذي يموت قبل الفجر.
(38)
هل ان ذلك خطيئة يا إلهي؟
أوجدت صديقة في هذا العالم، وقطفت منها
الزهرة التي أعجبتني حقا.
(39)
لتكن سعيدا يا حبيبي، سأهتم أنا بالاحزان
يعرف قلبي الشقاء، لن ينفجر أبدا.
(40)
حلمت الليلة الماضية بأمر تحقق
أخذني حبيبي الجبان بين ذراعيه
في وضح النهار.
يا سيدي!
ها هي هنا من جديد
ليلتك الطويلة الحزينة
ومن جديد هو ذا هنا
“البشع الصغير” (كناية عن الزوج)!
وهو ينام…
* * *
يا حبيبي
اقفز الى سريري
ولا تخش شيئا
واذا انكسر
فان “البشع الصغير”(*)
هنا لاصلاحه.
* * *
عندما تأتي الينا
يا عاشقي
يغضب”البشع الصغير”
فلا تأتي بعد الآن
انا التي سأمد لك فمي
من صفقة الباب.
* * *
انا احب! انا احب
ولا اخفي حبي
ولا انكره
حتى ولو انتزعوا بالسكين
كل شاماتي.
* * *
أَرِح فمك فوق فمي
واتركه حرا لساني
لكي يحدثك عن الحب.
* * *
فمي هو لك
ارشفه ولا تخف
فهو ليس من السكر
الذي قد يذوب.
* * *
غداً
الجياع من عشاقي سيشبعون
اذ اني سأعبر القرية
بوجه حسير
وبشَعر متروك للريح.
* * *
اعطني يدك
يا حبيبي
ولنرحل الى الحقول
لكي نتبادل الحب
او نتهاوى معا
تحت الطعنات.
* * *
يا حبيبي!
اذهب واثأر،
اولا،
لدماء الشهداء
قبل ان تستحق
اللجوء الى نهديّ.
* * *
آه يا حبي!
اذا كنت ترتجف
بين ذراعيّ هكذا
فما انت فاعل
عندما يطلق
اصطفاق السيوف
الف ومضة؟
* * *
يا حبيبي
اسرع واقتحم الغارة
لقد تراهنتُ عليك
مع بنات القرية.
* * *
تعال
وكن زهرة على صدري
لأتمكن كل صباح
من انعاشك بقهقهة مني
* * *
خذني اولا
بين ذراعيك
واحتضنّي
بعدها فقط
يمكنك الارتباط
بفخذيّ الحريريتين.
* * *
في الليل،
الشرفة قاتمة
والاسرّة كثيرة
وخشخشة اساوري
يا حبيبي
تدلّك على الطريق اليّ.
إجعلْ من نفسك
متسولاً وأبله
واخرج الى ملاقاتي
لا احد يستطيع
ان يقطع الطريق
على متدين تائه.
* * *
معشوقي هندوسي
وانا محمدية
من اجل الحب
اكنس ادراج
المعبد المحظور.
* * *
تعال لكي اتلمسك
لكي اضمك
انا نسمة الليل التي
ستموت قبل الفجر.
* * *
إجعلْ نفسك
مريداً لأبي
هو يعلمك الدرس
وانا اعلمك الحياة.
* * *
يا الهي
بعثر شبابي هباء
ان رجالا وسيمين وذوي كبرياء
يتقاتلون من اجلي
قاتلةً اصبحتُ.
* * *
اصبحت مجنونة اكثر فأكثر
حين أمرّ قرب ضريح وليّ
ارجمه بالحجار
عن كل الامنيات التي لم تتحقق.
* * *
ايتها الارض!
ان جزيتك جد ثقيلة
تفترسين الشبيبة
وتتركين الاسرّة خالية.
* * *
اذا غفوتَ
لن تنال سوى الهباء
انا مرصودة للذين
يسهرون عليّ الليل بكامله.
* * *
محبوبي قلادة في جيدي
قد امضي عارية
ولكن ابداً بدون قلادتي!
* * *
لكي يشد وثاقي
جاء بالسلاسل
لكنه اذا كان فعلا
يحبني
فان العقد ستكون مرتخية.
* * *
لتسحقني هذه الصخرة
تحت ثقلها
لكني ابداً لن المس
كف زوج عجوز.
* * *
ايها العود الذي
اريد ان اراه مهشماً!
اني انا المعشوقة
وانت الذي يتأوه
بين ذراعيه.
* * *
اذا لم تكن مجنوناً بحبي
لن تتذوق
لبّ شفتيّ
* * *
بين ذراعيك
لا تسحقني
ان براعم نهديّ
من ألم ناعم ترتعش.
تعريف
اللاندي، نوع من الشعر الشعبي، ترتجله النساء الأفغانيات، وهو في الأساس، قصيدة صغيرة، قصيرة جدا، تقع في بيتين، يأتي الاول وفق 9 مقاطع لفظية، بينما يأتي الثاني وفق 13 مقطعا لفظيا، من دون اي قواف اجبارية، وانما ذات تفصيلات داخلية قاسية.
لا تكتبه سوى النساء، اذ من المعيب و المحرم على الرجل ان يقول عواطفه وان يظهر مكبوتات صدره. وقد عرف امتدادا في العصر السوفياتي، لكنه انحسر بعد مجيء طالبان…
انها اشعار سرية، تتناقلها شفاهيا نساء قبائل البشتون في افغانستان، ويعبّرن من خلالها عن الوان من العشق، والتوله، والاشتياق، واللهفة والالم، والحرمان والقلق، والتغني بالطبيعة التي ترقّ فصلا وتقسو فصولاً. اهم ما في هذه القصائد التي جمعها من مصادرها سيد بهاء الدين مجروح، وترجمها الى الفرنسية بمساعدة اندره فيلتير، انها تكشف عن الحضور القوي للنساء وعن حسهن كمبدعات يتحايلن على ظروف حياتهن، ويقولبنها لصالح نزعاتهن. هذه الاشعار المعروفة محليا بـ”لاندي” اي الموجز، تتألف في غالبها من مقاطع قصيرة، ولا تلتزم القافية، لكنها تحفظ موسيقاها الداخلية الخاصة. انها زفرات النساء في مجتمعات البشتون ذات التركيبة القبائلية الصارمة، حيث للذكور السطوة، وللاناث الانصياع. لكن الانصياع لا يخلو من غواية، وهي تتمثل هنا في اغاني النساء واشعارهن الشفهية السرية، وكذلك في اعلانهن التمرد بالاسلوب الوحيد المتاح لهن: الانتحار. نساء البشتون لا ينتحرن بالرصاص، ولا بشنق النفس، فالسلاح والحبال من ادوات الرجال، واجسادهن لا تجد راحتها الا في اعماق الانهار: قفزة واحدة الى الهاوية ويُغرق الماء كل الاحزان.
أفغانستان الشعراء المغتالين والنساء الموءودات وحاملي اللغة والكتب على طريق المنافي- الملحق الثقافي- إسكندر حبش – السفير – 2001/10/12
* * * خذنـي أولاً بــيـن ذراعـيـك واحـتـضــنّـي بـعـدهــا يـمـكـنـك الارتـبـاط بـفـخذيّ الحـريـريـتيـن- ملحق النهار – الاثنين 15 تشرين الأول 2001