بعيداً بتبعد كل غليظ
لقمان ديركي
تعلن شركة بعيداً للاتصالات عن رمي أرقامها في الأسواق، ليتقاسمها من هبّ ودب، بعد أن امتلأت اللائحة الذهبية إلى آخرها، فلم يعد لدينا من تلك الأرقام الذهبية والبلاتينية والفضية والبرونزية أيّ رقم، فالرجاء من زبائننا الكرام عدم إرهاقنا بالطلبات، “من وين بدنا نجيب لكم أرقام؟!! فتقاسموا الأرقام التنكية رجاءً وبدون نق وسق وحسد وضيقة عين وتطلعات إلى أرقام أحلى، وتأملات بأرقام أجمل، وأحلام بأرقام أزهزه، فهذا المواطن الذي يشتكي دائماً أن رقمه يشبه حالة شجار جماعية يؤرقني، لأنو كل رقم من ديرة حسب شكواه،
وحسب تفاسيره فإنَّ الأرقام إذا كانت كل واحدة من ديرة ستسبب شجاراً جماعياً لا محالة، لكنه على الأرجح شجار ودي يستعرض فيه كل رقم إمكانياته، وبعد ذلك يستوي كل في مكانه، ويلعب كل منهم دوره، لذلك احتفظ برقمك رجاء ولا تتأمل بوجود رقم واحد مكرر في نفس الخط من بين الخطوط التي تبقت لدينا، فلفها واندحر إلى موقعك الذي اختارته لك مشيئة الأرقام، وسيأتي يوم وتقرأ فيه قارئة أبراجي المفضلة نجلاء قباني الأرقام، فتقول لحامل الرقم الذهبي والبلاتيني صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة… أنو الصفر اللي على شمالك اعتبره إيمتى ما بدك عاليمين، لا تهتم، ولا تمش الحيط الحيط يا رب السترة مشانك.. لا.. مشان الحيط، وحط يديك ورجليك في مياه باردة وضع في بطنك خاروفاً سعيداً وبطيخة صيفية، وامض بأحلامك فأنت تستطيع شراءها امتلاكها سحبها من شعرها إلى عند قدميك، أنت لست بشراً عادياً، أنت شخص يذلُّ أحلامه، يركِّعها، يقلل من قيمتها، ويرفسها بحذائه اللامع، فامض خبباً على أنغام سعدون جابر خبب يمشي، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة تسعة.. فنيالك، السعد يتبع خطاك، السعد يتملقك، السعد ينافق لك، السعد وراك، أنت لست بشراً عادياً.. أنت جعلت السعد خلفك بينما مكانه دائماً في الأمام، السعد وراك سر، لكنك من النوع الذي لا يسير، فأوقفت السعد خلفك، يا لطيف شو أنك مو متل البشر، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة تسعة تسعة تسعة تسعة فلا يمكنني الجزم بسعادتك المطلقة لأن هناك بعض التطلعات لديك تنغص عليك عيشتك، منها طموحك باستبدال تسعة من هذه التسعات بعشرة لا غبار عليها، بل بغبار معليش، العشرة ما بتخبي حالها، ولا حلول لك سوى القناعة والغناء، فإذا أصبحت مطرباً فاعلم أن كل التلفزيونات ستتناقل أغانيك، لأنو طويل العمر رضيان عليك، وكلما رددوا رقمك أمامه شعر بصلة القرابة التي تربطه فيك، فاشتغل مطرب وخذ حسبك الله، منيحة.. لا تشكو من شيء، أما إذا كنت من حاملي الرقم صفر تسعة عشرة ثلاثة خمسة واحد تسعة ستة اثنين فالرحمة على والدينا ووالديك وبطريقنا عليك، وخود عليك، خلي الناس تمر، وما لك مكان بين الفرسان يا ولدي، والأرقام خلصت، وقدامك طريقين، وظيفتك الصبح، وشوفير تكسي بعد الضهر، وهنا أيضاً أمامك طريقين، أن تضع حزام الأمان وتسوق على مهلك، أو تتحدى وتمشي بلا حزام فتتوقف، وإذا ما توقفت بتفوت بالحيط.. وحتى الحيط رح يكون حيط النظارة، فلا تذهب بعيداً… استقرب.. وابق معنا. بعيدا بتبعد كل غليظ.