صفحات ثقافية

معرفة أمريكا، حاجة ثقافية في مجتمعاتنا العربية

null
معاذ حسن
تبدو سياسات الإدارات الحاكمة المتعاقبة على الولايات المتحدة الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، كتعبير حقيقيّ عن غطرسة القوة الموجّهة بعدائية شديدة ضدّ حركات تحرّر الشعوب المقهورة، وقمعها. لدرجة تطابقت فيها، في وعي أغلب شعوب العالم، وخصوصاً شعوبنا العربية، صورة هذه السياسة العدوانية، وصورة أمريكا المجتمع، أمريكا الفرد والجماعة والدولة. وليس أدلّ على ذلك من مشاهد حرق العلم الأمريكيّ، الذي يلعب دور (الأيقونة المركزية) لكلّ الأمريكيين، على حدّ تعبير المفكّر الراحل، إدوارد سعيد، إلى جانب حرق صورة الرئيس الأمريكيّ.
لذلك فإنّ هذا التطابق وإن كان يبدو مفهوماً كردّ فعل على السياسة العدوانية للإدارة الأمريكية تجاه شعوبنا وقضاياها العادلة، كما هو الحال اليوم تجاه الشعب العراقيّ والقضية الفلسطينية، إلا أنه في ذات المعنى يتضمّن أيضاً نقطة ضعف كبيرة في مستوى ردّ الفعل العاطفيّ الذي يتم الاستغراق فيه، فلا يعود يرى في أمريكا إلا الوجه الواحد وهو وجه إدارتها الحاكمة التي تمثّل في النهاية مصالح الاحتكارات الرأسمالية العملاقة فقط، ومشروعها النهائيّ في التحكّم بالعالم. ويلغي من حسابه مسألة الوصول للرأي العام الأمريكيّ في الداخل، متعدّد الأصول والأعراق والأصوات والاتجاهات.
فالمجتمع الأمريكيّ مجتمع مركّب للغاية متعدّد وشديد التنوع، فكما توجد فيه عديد مظاهر القوة الوحشية وسطوتها، لاسيما الفردية منها، كما تشير لذلك عروض المصارعة الحرة، والملاكمة، وسط إعجاب وتصفيق جمهورها الكبير والخاص. كذلك يوجد فيه الكثير الكثير من مظاهر العمق الإنسانيّ يمكن الاستدلال عليها بوضوح من خلال مختلف اتجاهات الأدب والفكر والثقافة والفنون، لاسيما السينما منها. كما تعكسها مظاهرات الاحتجاج المستمرة التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني واتجاهات الرأي المستقلة والمتعددة، على الحروب العدوانية التي تشنهّا الإدارة الأمريكية الحاكمة على مختلف شعوب العالم منذ الحرب على فيتنام في منتصف القرن العشرين حتى الحرب على العراق عام 2003.  ما يكفي ليجعله دائم التحوّل والتجدّد، ولذلك فمعرفته تستدعي التخلّي عن النظرة التبسيطية المختزلة في صورة العدوّ فقط. وهذا يعني الاشتغال الجدّي والطويل للتعرّف على المجتمع الأمريكيّ وطريقة تشكّله منذ  ثلاثة قرون. الأمر الذي صار حاجة  ثقافية لشعوبنا كي تتمكّن من الانتقال من ردّ الفعل العاطفيّ السلبيّ، إلى دور معرفيّ عقلانيّ، نقديّ، ينتج بدوره فعلا مقاوما صحيحا.
ألم تكن صدمة الاستعمار الأوروبيّ الحديث لبلداننا هي المدخل الرئيس لصدمة الحداثة التي هي إنتاج غربيّ أوروبيّ بامتياز، ومن ثمّ تبلورت أفكار عصر النهضة العربيّ على خلفية هذه الصدمة؟
وبهذا المعنى، لماذا لا تكون بدايات الغزو العسكريّ الأمريكيّ المسلّح لمنطقتنا، وإرادة الهيمنة الطاغية فيه. مدخلا لدراسة وفهم المجتمع والعقل الأمريكيين وطريقة تشكلهما في العصر الحديث؟ مستفيدين بذلك من تجاربنا السابقة، ومتجاوزين لها بذات الوقت. خصوصاً أنّ الحداثة الأمريكية وشروط قوتها وتفوّقها نمت في ظلّ ظروف وشروط مجتمعية مغايرة لظروف وشروط النهضة والحداثة الأوروبيين، وبمعزل تامّ عنهما.
فأين تكمن جذور القوة الأمريكية وإرادة الهيمنة الطاغية فيها على مستوى العالم، وبالمقابل أين تكمن جذور الحلم الأمريكيّ في الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية، في التاريخ الحديث لنشوء الولايات المتحدة الأمريكية؟
صراع الحلم والتاريخ في ولادة  الولايات المتحدة الأمريكية:
في كتابه الهامّ ( الحلم والتاريخ – مئتا عام من تاريخ أمريكا ) يروي الباحث الفرنسيّ كلود جوليان حكاية الحلم الأمريكيّ وصراعه مع التاريخ الذي خانت وقائعه التالية هذا الحلم، لكن دون أن ينكسر نهائيا.
فالحلم الأمريكيّ منذ ولادته الأولى مع بيان الاستقلال الأوّل عن إنكلترا في 4 تموز عام 1776، عندما كان عدد سكان أمريكا يتراوح بين الثلاثة والأربعة ملايين نسمة، ينصّ على مبادئ عامة هي بمثابة حقائق بدهية بذاتها ( وهي أن جميع الناس يولدون متساوين، وأنّ خالقهم منحهم حقوقا ثابتة ومنها حقّ الحياة والحرية والسعي وراء السعادة وأنّ الناس يقيمون الحكومات التي تستمدّ سلطتها من رضا المحكومين وموافقتهم، وأنّ حكومة ما مهما كان نظام حكمها – إذا أنكرت هذه الحقوق أو تنكرت لها، فمن حقّ الشعب أن يغيّرها أو أن يزيلها ليحل محلّها حكومة جديدة ويقيمها على مثل هذه الحقوق والمبادئ وينظم سلطاتها، حسبما يبدو له أنسب الأشكال وأضمنها لتحقيق أمنه وسعادته).
لكنّ تحقيق هذا الحلم اصطدم بتفسيرات مختلفة كان الأقوى فيها اتّجاه يمثله أصحاب المال والملكيات الكبيرة التي تسعى للإستحواز على النفوذ والسلطة أيضا، وبأي ثمن حتى ولو كان على حساب تحقيق الحلم الأمريكيّ، وربما لولا محاولة حكومة التاج البريطانيّ تحميل جزء كبير من ديونها الناتجة عن حروب ( السنوات السبع 1756 – 1763، التي خاضتها ضد النمسا وفرنسا وخرجت منها منتصرة )، على مستعمراتها الأمريكية، آنذاك، عبر فرض ضرائب جديدة عليها، لما حدث التمرّد آنذاك، ولما حاول هؤلاء المطالبة بالاستقلال الوطنيّ الكامل عن الإنكليز. وكما تبيّن لاحقا، فحقّ الملكية عند هؤلاء الملاّك الأغنياء أهمّ من حقّ الحرية والمساواة بين الجميع. لأنّ ” المصلحة الاقتصادية تتقدّم الحرية ولها الأفضلية ” خصوصا أنّ زراعة القطن آنذاك، قبل تقدّم المكننة في الزراعة، كانت  تتطلّب العبيد الذين اشترك معهم، في معاناة الاضطهاد، حتى العمال البيض عبر الخضوع لما يسمّى  “بعبودية الأجر ” . لذلك فالحرية عند أحد أكبر منظري العبودية الأمريكية غداة الاستقلال وهو جون س كلهون، الذي شغل مناصب كبيرة متعددة، وزيرا للحرب، ونائبا للرئيس، وعضو مجلس الشيوخ.، تعني: ( أنه لخطأ كبير وفادح التأكيد أنّ جميع الشعوب سواسية في حقّها في الحرية لأنّ الحرية مكافأة ينبغي أن يستحقّها من يبتغيها، وليست بركة تسبغ على الجميع بلا استثناء ).
لذلك فواضعو دساتير أغلب الولايات الأمريكية آنذاك كانت أراؤهم صريحة وواضحة وقوية بهذا الخصوص. فالمحامي جون جاي 1745 – 1829 ( المسهم الأكبر في وضع أول دستور لولاية نيويورك، وعين وزيرا للشؤون الخارجية، ثم رئيسا أول لمحكمة الولايات المتحدة العليا ) كان يقول: ” على الذين يملكون البلد أن يحكموه “. وجمس ماديسون 1751 – 1836 ” أبو الدستور ” كان وزيرا للخارجية في رئاسة جفرسون ثم رئيسا للولايات المتحدة  مرتين ( 1809 – 1817 ). ” كان يتمنى أن يصبح مجلس الشيوخ ممثل الملكية الكبيرة وحاميها من الذين ناؤوا بعبء مشقات الحياة وآلامها، فراحوا يتطلعون خفية إلى توزيع السعادة توزيعا أكثر تساويا “. أما كوفيرنر موريس 1752 – 1806، الذي كان محاميا، ثم عضوا منتدبا للمؤتمر القارّي، فوزيرا مفوضا في فرنسا، ثم عضوا في مجلس الشيوخ ( فكان يقول أكثر من ذلك: ” ما وجد قط ولن يوجد مجتمع متمدن بلا أرستقراطية ” ثم يتابع ” ينبغي أن يكون عضو مجلس الشيوخ غنيا، وأن يتسم بروح أرستقراطية وأن يبدي أرستقراطيته هذه بفخر واعتزاز.. كما ينبغي أن يكون مستقلا ولا سبيل إلى استقلاله إلا إذا سمي عضوا مدى الحياة… قد يقول بعضهم، لكنه في هذه الحال سيسيء. وهذا ما أعتقده، بل ما أطمح إليه. إن الأغنياء يبذلون الجهود لتوطيد سيطرتهم ولوضع أعناق سائر أفراد الشعب في النير، هذا ما فعلوه وسيفعلونه دائما، والضمانة الوحيدة للوقوف ضدهم هي أن يجعلوا منهم طبقة منفردة، لها مصالح منفصلة خاصة بها. وهكذا تستطيع القوتان ” قوة الشعب وقوة الأرستقراطية” أن تتوازنا ). لكن كيف يمكن لهذا التوازن أن يستمر بدون اختلال إذا اقترنت قوة المال بقوة السلطات لا سيما سلطة مجلس الشيوخ، مقابل قوة لا تملك شيئا سوى آلامها وأحلامها بالحرية؟ أما واضعو دستور ولاية الكنساس آنذاك فقد كانوا أكثر وضوحا عندما تمسّكوا بالنصّ القائل: ” إنّ حق الملكية هو فوق أيّ قيد دستوريّ ” وهذا الحقّ يتضمن بلا شك حقّ ملكية العبيد كما نملك الحيوانات والآلات )، و( هكذا يعمد الرجال الذين أعلنوا على العالم كله الحق في الحرية والمساواة، إلى تسوير تلك الكلمات بحدود وقيود تفرغها من معناها الحقيقي. ).
في هذا المناخ العام ظهر ” الكسندر هاملتون ”  ( الذي كان نقيبا في سلاح المدفعية ثم عقيدا إلى أن أصبح مرافقا للجنرال جورج واشنطن، الذي عينه بعد ذلك وزيرا للخزانة في أول حكومة تألفت في الجمهورية الفتية ) والذي كانت له وجهة نظر قوية وصريحة بخصوص دور الأغنياء ورجال المال وأبناء الأسر الكبيرة والقوية بالنهوض بأعباء حكومة جديرة، لذلك ( يعتبر هاملتون مؤسس الرأسمالية الأمريكية الحقيقيّ ).
إن انحياز جورج واشنطن الكامل لأفكار  هذه النخبة ومصالحها، خصوصا أنه ( كان يعتقد أنه يستطيع أن يحكم البلاد كما كان يدير مزرعته ” 1000 هكتار، و 135 عبدا ” )، مع اعتباره ممثلا لها في موقع الرئاسة ربما جعله يفكر بالبحث عن دور اقتصادي لها خارج الولايات المتحدة وعن دور أمبراطوريّ سياسيّ اقتصاديّ، من خلال قوّتها هذه، لأمريكا في العالم فكتب ذات مرة إلى ” لافاييت ” ” إنّ الأمّة الحديثة ( الولايات المتحدة المستقلة ) تحتاج أراضي واسعة، فأمريكا تطمح إلى أن تصبح، في يوم آت، بلدا له وزنه على مستوى الأمبراطوريات “. وهذه الكلمة الأخيرة – كما يقول الباحث ” كلود جوليان ” في كتابه: (ما فتئت تتردد وتتكرر في خطب العصر ومراسلاته، لتعبّر وتنمّ عن ظمأ للقوّة حقيقيّ لا أثر له في بيان الاستقلال. والحرية والقدرة، إن لم تنف كلّ منهما الأخرى، فقد كانت دائما تتأذّيان من السير معا منسجمتين. وولادة الامبراطورية الأمريكية حملت معها، في آن واحد، تاريخ أول مذبحة هندية ). لذلك فمنذ عام 1848 بدأ الاجتياح الأمريكي لأراضي المكسيك، ومن ثم إخضاع ” آخر ( الفاكهة الفاسدة في الامبراطورية الاسبانية )، كوبا، بورتوريكو، الفيلبين، قناة باناما. ثم بدأت الولايات المتحدة الأمريكية ممارسة وتوسيع دور الشرطيّ في أمريكا اللاتينية لتشمل بعد ذلك، لاسيما في القرن العشرين وحتى اليوم، الكرة الأرضية كلها.
وهكذا نجد أنّ جذر إرادة القوة الطاغية في المجتمع الأمريكيّ موجود في هذه النخبة، الاجتماعية والاقتصادية، وفي وعيها المبكر، الذي يرى أن الحفاظ على ملكياتها وامتيازاتها ونمو قدرتها الاقتصادية باستمرار يأتي عبر مفارقتين أساسيتين: أولهما التحرر السياسيّ الكامل من الاستعمار الانكيزيّ. وثانيهما تحكم سياسيّ اقتصاديّ مطلق في الشأن الداخليّ يصل لدرجة شرعنة العبودية، ومصادرة الحريات والحقوق العامة لأغلب فئات الشعب. بعكس البرجوازية الأوروبية التي كانت في البداية في طليعة كافة الثورات الشعبية ضد الإقطاع، والملكية، وسلطة الكنيسة.
لكن بالمقابل كان هناك اتجاه آخر يولد وينمو عدديا باستمرار، هو اتجاه تحقيق الحلم الأمريكي في الحرية والعدالة والمساواة: ويمثله كافة الرجال الذين بقوا على عهد الوفاء لبيان الاستقلال بوعي وإخلاص وعلى رأسهم الإقطاعي النبيل من ولاية فرجينيا، لكن الإنساني الحالم دائما، ” توماس جيفرسون” الذي كان زعيم اتجاه ينوي إقامة حكومة شعبية فعلا بعد نيل الاستقلال الوطنيّ عن الإنكليز. لذلك كان الخصم العنيد لهاملتون الذي كان يشترك معه في حكومة واحدة، حيفرسون وزيرا للشؤون الخارجية، وهاملتون وزيرا للخزانة، وكان الكفاح بينهما مريرا وقاسيا ( بالقدح والسباب، والتهديد والهجمات العنيفة المتبادلة في الصحف.. وانقسم الأمريكيون في هذه المعركة، إلى معسكرين ما يزال التنازع بينهما مستمرا حتى أيامنا ). ومن الطبيعيّ أن يقف خلف هاملتون كبار التجار والملاك  ورجال القانون وضباط الجيش القاري والوجهاء، بينما يقف مع جيفرسون باقي الفئات الشعبية من فلاحين وحرفيين وجند الجيش المسرّحين بعد الحرب الذين بدأوا يعملون بأجور زهيدة، والمهاجرين الجدد، وهؤلاء جميعا كانوا يطمحون بعد الاستقلال إلى إقامة نظام ديمقراطيّ حقا. لكنهم وجدوا أمامهم أرستقراطية ( لم تكن تسودها عقلية الرابع عشر من تمّوز – تلك الليلة في الثورة الفرنسية، 1789، التي ألغى فيها المجلس التأسيسي امتيازات الإقطاع والنبلاء ). لا شكّ أن قوّة العدد كانت إلى جانب ممثلي هذا الاتجاه بدعم سواد الشعب، إلا إنهم كانوا الأضعف لجهة السلطة والمال قياسا على الطرف الأخر، خصوصا مع انحياز الرئيس جورج واشنطن الكامل إلى الطرف الأول. الأمر الذي فرض على المالكين القبول بالانتخاب العام، لخوفهم من وقوع انتفاضات شعبية دامية لكن ( بدستور ديمقراطيّ تبين فيه بوضوح ” اتجاه أرستقراطيّ واضح وشديد ).
إلا إن تأثّر جيفرسون بأفكار الثورة الفرنسية جعل الهوّة تتعمّق أكثر فأكثر بين اتجاه ” هاملتون ” واتجاه ” جيفرسون ” الأمر الذي ساعد على ظهور نواد ” وجمعيات ديمقراطية “( على غرار نادي اليعاقبة الفرنسي كان يتجمع فيها جميع الحفاة ليتداولوا أنباء الساعة ويقرؤوا مقالات “توم بين ” الهجائية الثورية، ويستعرضون دسائس الأغنياء، والمطالب التي يجب أن يجابهونهم بها ). كما دبّت الحياة من جديد عام 1789،  في ” جمعية سانت توماني ” في نيويورك، والتي صارت معقلا للحزب الديمقراطي فيما بعد، بعد أن صارت ( حركة جماهيرية في خدمة الطبقات الشعبية المتنامية بتدفق المهاجرين، ودونما انقطاع. وهي جمعية تقدمية، كانت تسعى لحماية العمال من سوء استغلال أرباب العمل، كما كان من الطبيعي أن تقوم بحملة انتخابية لصالح جيفرسون ووصوله إلى الرئاسة وكانت المعركة قاسية ). وبالمناسبة فإن جيفرسون بنظر خصومه وعلى رأسهم هاملتون، شخص خان طبقته ودافع عن رجل الشارع.. وملحد.. ومتعصّب في السياسة، لذلك فإنّ إعاقته باتت ضرورية وحتى لا تتكرر مسألة وصوله للرئاسة ودعمه من قبل جمعية سانت توماني  وبما ( أن المال والفساد يتدبران الكثير من الأمور ) فإنّ الجمعية المذكورة  غيّرت خططها بعد مضيّ عدة سنوات وصارت تحت تأثير المحافظين.
جاءت مرحلة التقدم الصناعيّ ومكننة الزراعة في الفترة بين 1820 – 1860، عندما  ( ارتفع رأس المال الموظف في الصناعة من / 50 / مليون دولار إلى ألف مليون دولار ). الأمر الذي أدّى إلى تشغيل العديد من العبيد، والعاملين من الرجال والنساء والأطفال بأجور بخسة حسب كل فئة وفي ظروف قاسية ومهينة للجميع. وكان تأسيس النقابات المهنية والعمالية ممنوعا حيث كانت تقمع بشدّة عنيفة، كلّ محاولة بهذا الاتجاه حتى أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأت التنظيمات النقابية تفرض وجودها وصار لها بعض ( الشأن والخطر – كما كان ينبغي انتظار العهد الجديد، كي يعترف لهم شرعيا بحقوق المواطنة، بفضل قانون فاغنر 1935 ). عام الاعتراف بالوجود الشرعيّ للنقابات في أمريكا.
وهكذا كان – وما يزال – صراع الحلم مع التاريخ في أمريكا الحديثة، كصراع بين رجال أرادوا انتزاع حقوقهم من رجال آخرين أبوها عليهم، رغم أن الطرفين يناديان بالمبادئ العامة ذاتها لكن كل على طريقته ووفق مصالحه. إنهما يشتركان بالولاء للثورة الأمريكية ومعركة الاستقلال. ( لكن الحلم الذي يتحدّثان عنه ليس واحدا ). إنه صراع الحلم الديمقراطيّ مع إرادة قيام رأسمالية قديرة. صراع بين الحلم بالمساواة والعدالة وبين مظاهر التمييز المختلفة. صراع بين الحقّ والحرية وبين إرادة قيام دولة قديرة قوية ومتفوقة تضمن مصالح الرأسمالية الأمريكية ليس في داخل أمريكا فقط بل في العالم كله.
الهجرات المكثفة ودورها في ولادة هويّة أمريكية جديدة:   يمكن القول إنّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت بمثابة الأرض البكر حتى القرن التاسع عشر، أرض وفرة وفرص كبرى، كما يقول بول جونسون في كتابه ” المثقفون “. فالناس مشغولون بالحصول على المال والإنفاق والاستثمار وبالتالي الاندماج فيما بينهم. كما أنها كأرض مكتشفة حديثا فهي لم تشهد ما سمي أوروبيا بـ ( النظام القديم ). ولم يكن فيها طبقة ( اكليريكية  مؤسساتية ). فالدين فيها كان تحت تصرف الجميع، ولذلك فهو ( معنيّ بالسلوك وليس بالجمود ) موفرا حرية الاعتقاد الديني حسب التنوع الطائفي الموجود. فالدين تعبيرعن الحرية وليس تقييدا لها. كل ذلك كان بمثابة قوة جذب كبرى للهجرة إليها. وبهذا الخصوص يرى الباحث الفرنسي ” جان كلود روانو بوربالان ” في بحث له بعنوان ( أسس الهوية الأمريكية ) أنه يمكن رسم ( مخطط للهجرة إلى الولايات المتحدة على شكل مراحل أربعة كبرى، أدت إلى الإعمار السكاني في الولايات المتحدة الأمريكية )، وما تزال تبنى من خلال نتائجها المستجدة الواقع الأمريكي المعاصر:
فترتان من الهجرة : أولها المستعمرات البريطانية في الشاطئ الشرقي التي أتى الإعمار البدئي فيها ( بشكل رئيسي من انكلترا، وبشكل أقل من ألمانيا والبلاد الواطئة وفرنسا ومن شمال أوروبا. كان معظم المهاجرين من أعضاء الطوائف البروتستانتية المستهدفة من الكنائس المسيطرة، أو فيما بعد، مزارعين هاربين من متطلبات الحروب الأوروبية. تجمعوا تبعا للمنشأ في مستعمراتهم ) وهكذا ( فمنذ تأسيسها أمريكا قامت على تناقض خطير ما بين التسامح تجاه الآراء  وبين التفرقة العنصرية ) لذلك استمر في القرن التاسع عشر استقبال المهاجرين الجدد إلى جانب الإبادة العرقية للهنود الحمر مع التفرقة العنصرية ضد الزنوج الذين كان يتم نقلهم إلى أمريكا بداية كسلع، وليس كبشر اكتسبوا صفة العبيد فيما بعد.
وثانيها كانت استمرت طيلة القرن التاسع عشر، الطويل، الذي يمتد حسب بعض المؤرخين منذ الثورة الفرنسية 1798. وحتى بداية الحرب العالمية الأولى 1914. ففي هذه الفترة الطويلة استمر دفق الجماعات المهاجرة من مناطق جديدة، بشكل خاص من ( الجزر البريطانية، من أوروبا الشمالية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، ثم من أوروبا الجنوبية والشرقية – ويستطيع الواصلون الجدد أن يعملوا فورا. تسارع ضغط الهجرة في نهاية القرن 19 واستمر حتى بداية القرن العشرين وتضاعف في نهاية الحرب العالمية الأولى ). وكانت النتيجة بالأرقام – كما يردها الباحث – أن وصل عدد المهاجرين إلى 4 ملايين نسمة حتى نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر. وازداد إلى 13 مليونا بين 1900 – 1914.
فترة توقف دفق الجماعات : ( من 1920 وحتى 1965 ). حيث توقفت أو ضعفت موجات الهجرة إلى أمريكا، بعد جملة تشريعات كان ( هدفها في وقت واحد تقليص الهجرة، وتفضيل الأنغلو سكسوني على الهجرات الأخرى ). خصوصا أن الرئيس الأمريكي جون كوليردج قد قال عام 1924:”أنه يجب ” على أمريكا أن تصبح أمريكية “. وكانت هذه السياسة فعالة جدا ودامت حتى الستينات”.
فترة هجرة قوية منذ الستينات: لكن بعد عام 1965 حيث بدأ التحول الليبرالي لصالح الأقليات الإثنية نتيجة لصراع سياسي. عندما وقع الرئيس ليندون جونسون قانونا يلغي فيه حصص الهجرات القومية الأمر الذي أدى إلى نتائج هائلة على صعيد الهجرة ولصالح الأقليات الإثنية. فقد(استقر ما بين 1965 – 1994 حوالي 24 مليون شخص بشكل شرعي في الولايات المتحدة، التي أصبحت الأرض الرئيسة للهجرة على وجه الكرة الأرضية، وهناك ما يقرب من مليون مهاجر شرعيّ يستقر سنويا في الولايات المتحدة، وهو رقم يضاف إليه عدد هام من الدخول غير الشرعي، منهم 3 مليون تمت تسوية أوضاعهم عام 1986، … يشير إحصاء عام 2000 إلى أن 28,4 من أصل 271 مليون مواطن أمريكي مولود في الخارج، فهم قد ولدوا في الخارج، هاجروا واكتسبوا الجنسية الأمريكية. إنهم يمثلون 10,4% من السكان، أي ما يقرب من النسبة التي عرفتها أمريكا خلال الحقبة الكبرى من الهجرة في القرن 19 وبداية القرن 20. لقد أتوا بشكل رئيسي من أمريكا اللاتينية ( 51% ) ومن آسيا ( 25% ) وبشكل أقل من أوروبا ( 15,3% ) أو من مناطق أخرى من العالم.
واحدة من النتائج الملحوظة لهذه الهجرة الجديدة هي تراجع التفوق البروتستانتي. ومنذئذ صار الدين الرئيسي للولايات المتحدة هو الكاثوليكية (حوالي 70 مليون شخصا) وهناك 6 مليون يهوديّ و4 مليون أرثوذكسي و3 مليون مسلم . وهكذا فإنّ الهوية ألأمريكية المعاصرة تتشكّل باستمرار من التعدد والتنوع. لذلك فهي محكومة بتناقض دائم بين تعدد الأقسام، الأعراق، الإثنيات  – الذي تقويه الهجرة المستمرة – وبين تبني قيم مشتركة التي تقوم على “قسم الولاء للعلم في المدارس، وتقديس الدستور، وتمجيد الآباء المؤسسين “.
وفي هذا السياق كان ينكسر شيئا فشيئا، منذ ستينات القرن العشرين، قيد العبودية المفروض على الزنوج التي ظهرت منهم ومن الأمريكيين البيض أيضا حركات اجتماعية وثقافية عديدة تعبر بمختلف أشكال الاحتجاج السلمي، رغم قسوة الرد العنيف عليها أحيانا من قبل البوليس أو المتطرفين العنصريين، عن رفضها لقوانين العبودية، لدرجة صار معها بمقدور الزنوج الأمريكيين اليوم تسلم مناصب كبيرة في مراكز الدولة العليا.
في هذا المناخ الأمريكي العام، الحديث والمعاصر، التعدّدي والمليء بالمفارقات، كان قد هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعاش فيها ودرس ونبغ أهم الأدباء والأساتذة والمفكرين العرب منذ بدايات القرن العشرين وترجمت أعمالهم في أصقاع الأرض، جبران خليل جبران، إدوارد سعيد، هشام شرابي، حليم بركات، على سبيل المثال لا الحصر. كذلك ففي هذا السياق الجديد أيضا  تظهر راشيل خوري، الشابة الأمريكية اليهودية، والطالبة الجامعية، كأشد المدافعين – حتى الموت – عن حق الفلسطينيين في الحياة.
فالمجتمع الأمريكي مليء بقوة الحياة بما تعنيه من حرية وتسامح. كما هو مليء بالقسوة والظلم وإرادة القوة الطاغية.  لأنه تشكّل كبوتقة انصهار لتناقضات شتى نتيجة صراع الحلم مع التاريخ أوّلا ونتيجة هذه الهجرات المتتالية ثانيا. لذلك ثمة فضاء كبير يفصل بين الإدارة الأمريكية الحاكمة من جهة والمجتمع الأمريكي من جهة ثانية. فضاء تملؤه مؤسسات الدستور والقانون والقضاء، والتسامح الدينيّ القائم على حرية الاعتقاد والفصل بين الدين والدولة، والمجتمع المدني والثقافي وحركات حقوق الإنسان  وحركة تحرر الزنوج وبعض الحركات السياسية  اليسارية منها والليبرالية. وهذا الفضاء بتعدده المذهل هو بمثابة الأرضية التي يتشكل من خلالها الرأي العام الأمريكي ويلعب دورا مؤثرا ولو نسبيا في نتائج الانتخابات الأمريكية عموما.
خلاصات تجارب : كانت مجلة (وجهات نظر)، المصرية قد نشرت غداة سقوط بغداد في (عددها الواحد والخمسين – أبريل 2003) مقالين هامين بهذا الخصوص. أحدهما بعنوان “أمريكا الأخرى ” للمفكّر الفلسطينيّ الأمريكيّ، الراحل، إدوارد سعيد. والثاني بعنوان “أمريكيون فقط” وهي تمثل رؤية أمريكيّ ذي عائلة عربية، حسب المجلة، وهو ديفيد بلانكس أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.  والمقالان المذكوران يقدمان بعض المفاتيح الأساسية، من موقع علاقة كل منهما القريبة بالمجتمعين الأمريكي والعربي، لدراسة  المجتمع الأمريكي في حالته الراهنة وفهمه.
بداية يرى المفكر إدوارد سعيد ” أنه في عالم بات تحت القبضة الضاغطة لقوة عظمى ذات قدرات لا حدّ لها، بات من الملحّ معرفة ديناميتها الداخلية المتفاعلة كالإعصار. وهذا ما يستدعي معرفة لغتها”. لذلك يحاول الكشف عن سمات أمريكا الأخرى الموجودة في المجتمع الأمريكي من خلال فضحه لمفهوم الإجماع في السياسة الأمريكية الذي يستغله السياسيون هناك محاولين اختزاله إلى مجرد شعارات تبسيطية. لا يمكنها تلخيص مجتمع عجيب بتعقيداته، ومليء بتياراته المعاكسة والبديلة.
أما ديفيد بلانكس فيتابع تفصيل هذا التنوع الموجود في بنية المجتمع الأمريكي لكن على خلفية الانعزال والانغلاق على هموم المجتمع الأمريكي الداخلية فقط، لذلك يقول في مقالته-: “فبدلاً من تحليل ما يقال للأمريكيين، قد يكون من المفيد محاولة تحديد ما الذي يفكرون فيه بالفعل”. ثم يتابع “وإذا كان العرب والمسلمون يريدون أن يكونوا فعالين في جعل أصواتهم مسموعة، فإنّ عليهم أن يقطعوا شوطاً بعيداً جداً في محاولة فهم نفسية جمهورهم المستهدف. وهذه ليست بالمهمة السهلة”.
فالشعب الأمريكي لا يسافر خارج حدوده ، فأقل من 10% من الأمريكيين، فقط، لديهم جوازات سفر. أيضا فإن أقل من 40% من الأمريكيين الذين يحقّ لهم الانتخاب كلفوا أنفسهم أعباء الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة الأمريكية قبل أحداث الحادي عشر من أيلول وهذا يعني أن بوش الابن فاز بنسبة 20% من الأمريكيين فقط. كما أن معظم أصوات هذه النسبة صوتت لبوش من أجل قضايا محلية لا علاقة لها بسياسة بوش الخارجية.
ومع ذلك فثمة دينامية نشطة في تحول مواقف الشعب الأمريكي باستمرار. فرغم أن نسبة الانطباع السيّء عن الإسلام كانت قد بلغت 39% عقب الهجوم على برجي التجارة العالمية. فإنّ هذه النسبة تراجعت إلى 24% بعد فترة قصيرة، وصار حوالي 41% ينظرون إلى الإسلام نظرة طيبة حسب أحد الاستطلاعات. كما يسجل الباحث الأمريكي. الذي يدعو إلى استثمار العديد من الفرص للدخول في العقل الأمريكي.
يروي المؤرخ البريطاني، المخضرم، ” إيريك هوبسباوم ” الذي “أمضى في الولايات المتحدة وقتا أطول من أي بلد أخر باستثناء بريطانيا”. في كتابه “عصر مثير” على لسان عالم هنديّ متخصص بالفيزياء يعمل ويدرس في أمريكا قوله له: ” لو كنت أعمل في التدريس في بريطانيا لشعرت على الدوام بأنني أجنبيّ. أما هنا فلا أشعر بذلك لأن الجميع هنا أجانب بمعنى من المعاني “. وبهذا المعنى أيضا يقول ” هوبسباوم المولود عام 1917، في كتابه: “إذا كان لكل المثقفين من أبناء جيلي وطنان اثنان، وطنهم الأم وفرنسا. فإن سكان العالم الغربي، وفي نهاية المطاف كافة سكان المدن في العالم. عاشوا في القرن العشرين – ذهنيا – في وطنين، وطنهم الأصلي والولايات المتحدة. بعد الحرب العالمية الأولى، لم يعد هناك متعلم في الكرة الأرضية يجهل كلمات مثل “هوليود” و” كوكاكولا ” كما أنّ قلة من الأميين لم يجربوا منتجاتها بطريقة ما. لم تعد أمريكا بحاجة لأن تكتشف: فهي جزء من وجودنا ذاته”. لكنه يعود ليقول في نهاية الفصل الأخير من الكتاب ” من روزفلت إلى بوش ” قولا له دلالة كبيرة كمفكر ومؤرخ، مخضرم، ينتمي لليسار الأوروبي العريق في القرن العشرين: “مع ذلك فأنا سعيد لأن أولادي لم يتربوا هناك، وأنني أنتمي إلى ثقافة أخرى، وإن كانت هي ثقافتي أيضا”. فهذا الموقف المركب يتأسس – على ما أفترض هنا – على رؤيته الخاصة كمؤرخ ومراقب مدقق لما يجري في العالم فمشكلته، أو مشكلتنا كلنا معه كما يقول في مختتم فصله المذكور: “تكمن في أن ” الإمبراطورية  الأمريكية ” لا تعرف ماذا تريد، أو يمكن أن تفعل بقوتها، أو حدودها. فهي تكتفي بالإصرار على أن من ليس معها فهو ضدها. تلك هي ببساطة المشكلة التي تواجه من يعيش في ذروة ” القرن الأمريكي”. فجنون غطرسة القوة لدى هذه الإمبراطورية هو ما يعني عبثيتها في النهاية، وبالتالي فإن مثالها الديمقراطي سيكون “أقل قابلية للتصدير”مع أن الحلم الأمريكي ما تزال له جاذبيته لدى مختلف شعوب العالم، وتلك هي مفارقة العصر الأمريكي.
السطور السابقة كانت مقاربة ثقافية – وليست ميدانية طبعا – في محاولة للعثور على مفاتيح للتعرف على المجتمع والعقل الأمريكيين بشكل مختلف عن النظرة الشائعة والسائدة في مجتمعاتنا العربية كما أشرت في بداية المقال، والتي أدت بدورها إلى الكثير من التصفيق والإعجاب، أو الكثير من الغموض والتشوش، والقليل القليل من المواقف العقلانية النقدية، تجاه أحداث 11 أيلول سبتمر عام 2001. التي أزعم هنا أنها كانت، في أحد وجوهها، ردا إرهابيا عبثيا مجنونا، على عبثية غطرسة القوة لدى الإمبراطورية الأمريكية، كما يشير ” هوبسباوم “.
لكنها بلا شك محاولة جد متواضعة. والأمر – كما أزعم هنا – يحتاج إلى تأسيس مراكز أبحاث متخصصة، مركز الدراسات الأمريكية مثلاً، على مستوى الجامعات العربية،  والأوساط الثقافية الخاصة أو الحكومية. كورشات عمل فكري وبحث معرفي، موسعة. يشارك فيها الطلاب والأساتذة المختصون، والبحاثة المهتمون. وتعمم نتائجها المستجدة دوماً، على الجمهور العريض، من خلال العديد من المنابر والدوريات. مع وجود مراكز استطلاع عربية لقياس مدى تأثير ذلك على الرأي العام، وبالتالي ردود أفعاله. فالمهام الثقافية بهذا الاتجاه باتت اليوم ملحة بصورة كبيرة – كما أزعم – ويجب أن لا نكتفي، كما أفترض هنا، بالمقالات الفردية اليومية أو الندوات والمحاضرات الثقافية لكتاب ومفكرين، على أهميتها،  وندرتها بهذا الخصوص. بل أن يتم تجاوز ذلك إلى المستوى الذي أشرت إليه كخطوة، ضمن خطوات عديدة أخرى، كي نكون فاعلين فعلا في هذا العصر الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة الأمريكية زمام المبادرة لوحدها سياسيا واقتصاديا وعسكريا. ولأجل غير منظور، على ما يبدو.
موقع الآوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى