ورطة ضرب سورية!
الشرق الأوسط
تحدث وزير الخارجية السوري وليد المعلم مطولا عن الغارة الأميركية على بلاده، بانفعال يعكس صدمة وورطة دمشق، خصوصا مع كثرة الأحداث الحساسة التي وقعت في عام واحد تقريبا داخل سورية.
عندما سئل المعلم عما إذا كانت بلاده سترد على أي هجوم مستقبلي من أميركا قال إنه طالما أن صيغة السؤال شرطية فإن الإجابة هي أنه في حال فعلتها واشنطن مرة أخرى فإن سورية ستدافع عن أراضيها، أي في المرات القادمة وليس الآن.
ونحن اليوم أمام واقع يقول إن جل ما اعتقد أنه أوراق في يد دمشق تستطيع استخدامها عربيا ودوليا، مع الأميركيين والإسرائيليين، وكذلك مع الأوروبيين، قد احترق بيد السوريين قبل استخدامه.
لم يستثمر السوريون عمليا الإعلان عن فتح سفارة في العراق، ولم تحمهم فرنسا من عملية تقليم الأظافر التي تقوم بها إسرائيل أو واشنطن بحق دمشق، كما لم يهب الحليف الإيراني للفزعة، ونحن نعرف أن الصديق في وقت الضيق، كما يقال.
ومن ناحية أخرى فإن الغارة الأميركية على قرية البوكمال السورية تأتي بعد عدة حوادث صدمت المجتمع السوري، والنظام، خلال عام واحد، وهي أحداث كبيرة ولها تأثيرات على الداخل السوري.
وبالطبع فإن لتلك العمليات تأثيرات خارجية، على المستوى العربي والدولي، من الضربة الإسرائيلية لدير الزور، وعملية اغتيال عماد مغنية في موقع أمني محصن وحساس في سورية، وصولا إلى اغتيال ضابط أمن وصاحب مهمات معقدة، وهو العميد محمد سليمان، وغيرها من الأحداث التي وقعت في سورية.
والورطة اليوم هي أنه بعد الضربة الإسرائيلية شرعت دمشق في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، وبعد لقاء المعلم مع كوندوليزا رايس في واشنطن يتلقون اليوم ضربة من أميركا، فما الذي ستفعله دمشق الآن! وكيف ستبرر دمشق حشدها آلاف الجنود على شمال الحدود اللبنانية بداعي منع تسلل المتطرفين، بينما سورية تتعرض لاختراقات من الجهات الأربع، دونما رد فعل مباشر، أو غير مباشر.
والواضح أن واشنطن قد بدأت في انتهاج أسلوب العمليات الخاصة في المناطق التي تشكل لها صداعا أمنيا، من دون اللجوء للمواجهة العسكرية المباشرة، والخوف هنا هو من تكرار الغارة الأميركية على الأراضي السورية.
دمشق اليوم أشبه بعربة تسير على طريق غير معبد، حيث يشعر من هو داخل العربة برضات مستمرة، ومزعجة، وهذا أمر يشكل صداعا داخليا، وإحراجا خارجيا، ووضعا لا تحسد عليه سورية.
فمن بلد كان الجميع يحثه على التعاون لأن بيده أوراقا يستطيع أن يقلب بها الطاولة، إلى بلد بدأت تحترق أوراقه المؤثرة بطريقة مقلقة. تعليقات وليد المعلم على التصريحات العراقية التي تقول إن المتطرفين ما زالوا يتسللون للعراق من سورية، تظهر حجم الانفعال، إذ يقول المعلم إنه لا يصدق أن هناك عربيا فيه نقطة دم عربية واحدة يبرر الغارة الأميركية.
ويبدو أن المعلم لم يلاحظ أمرا مهما وهو أن الدم العربي قد تبخر من شدة الغليان!