«وسنبلغكم بالمعلومات فور توفّرها»
خالد صاغية
مشروع نشر الديموقراطيّة في الشرق الأوسط يكمل طريقه بثقة عالية. لكنّ «أضراره الجانبيّة» امتدّت، أمس، لتشمل الأراضي السورية الواقعة على الحدود العراقية. فبعدما بات القتل عادةً يوميّة على أرض العراق «الحرّة»، قُتِل ثمانية مواطنين سوريّين أثناء غارة أميركيّة. القتلى عمّال داخل أحد المباني، إضافة إلى زوجة عامل وأطفال. كلّ شيء تحت السيطرة. المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق بروك مورفي قال: «إنّنا نحقّق في الحادث، وسنبلغكم بالمعلومات فور توفّرها». وبانتظار توفّر المعلومات، لا بدّ من توجيه الشكر إلى قيادة الجيش الأميركي في العراق. فهذا الجيش لم يتحمّل فقط عبء «تحرير» العراقيّين، بل يضطرّ إلى قتلهم يومياً، ثمّ يفتح تحقيقاً من أجل التثبّت من أنّ القتلى قد ماتوا متمتّعين بحقوقهم الإنسانيّة الكاملة. إنّه عبء السفر، عبء القتال، عبء القتل، ثمّ عبء التحقيق. وحدها الأفكار السامية تحتاج إلى هذا الكمّ من التضحيات.
أمّا وقد وقعت الواقعة، يبقى ألا تسهم الأنظمة العربية في قتل العراقيّين والسوريّين مرّتين. فقد نُفّذت الغارة الأميركيّة في ظلّ بدء الحديث عن تجديد الصداقة الأميركيّة ـــــ السوريّة. ثمّة ما يكفي من المصالح المشتركة لصداقة من هذا النوع، فلا داعي لاستثمار قتل ثمانية مواطنين من أجل تعزيزها. لقد استدعت وزارة الخارجية السورية القائمة بالأعمال في السفارة الأميركية بدمشق وأبلغتها «احتجاج وإدانة سوريا للاعتداء الخطير». من المفيد ألا يتحوّل هذا الاحتجاج إلى دعوات لحفلات سمر سوريّة ـــــ أميركيّة مشتركة…
في اليوم نفسه للغارة الأميركيّة، صرّح أحد القادة البارزين في الحرس الثوري الإيراني بأنّ إيران «تسلّح جيوش الحريّة في المنطقة». يا لهذا الشرق المحظوظ. طهران تسلّح جيوش الحريّة، والولايات المتّحدة تنشر الديموقراطية. والقتلى في الطرقات. أجسادهم الدامية ليست إلا نذير المخاض العسير للولادة السعيدة. اسألوا كوندوليزا رايس. ستبلغكم بالمعلومات فور توفّرها.
الأخبار