صفحات العالم

بديل الردع

ساطع نور الدين
يمكن ان يشكل خطاب الامين لحزب الله السيد حسن نصر الله وموقف وزير الخارجية السورية وليد المعلم وكلام الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد رادعا لإسرائيل التي تستعد لحرب وشيكة على لبنان، مع ان هذا التقدير يستدعي الكثير من التحفظ المستند الى تجارب عديدة سابقة مع العدو، وإلى حالات كثيرة شهدت حروبا بالصدفة او بالخطأ او بتدخل من خارج أطراف المواجهة المباشرة.
الظرف الدولي، او الاميركي تحديدا، لم يصل الى هذه النقطة، التي ترى في الحرب خيارا وحيدا لاحتواء ايران واستيعاب حلفائها العرب جميعا. فأميركا هي اليوم امام اختبار سياسي حاسم في العراق، قبيل الانتخابات النيابية المقررة بعد ثلاثة اسابيع والتي يفترض ان تحدد وجهة انتشار القوات الاميركية في المنطقة كلها، وهي ايضا امام امتحان عسكري فاصل في افغانستان يمكن ان يدخلها في طور جديد من الحرب مع التنظيمات الاسلامية على اختلافها، وهي كذلك امام امتحان امني صعب في اليمن وفي مختلف انحاء شبه الجزيرة العربية والبحار المحيطة بها، يمكن ان يحدد شكل العالم الاسلامي في العقود المقبلة.
هذه الاختبارات هي حافز اميركي للضغط على اسرائيل لكي تلتزم الهدوء وتنتظر على الاقل نهاية هذا العام الحاسم بالنسبة الى الحملة العسكرية الاميركية على العالم الاسلامي، مع ان التجربة الاخيرة مع ادارة الرئيس جورج بوش اثبتت ان مثل هذه الاختبارات التي خضع لها الاميركيون في السنوات التسع الماضية، كانت مناسبة لاعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل، لكي تتصرف في محيطها على هواها، بحيث تكون معاركها الخاصة مكملة للمجهود الحربي الاميركي وداعمة له.
لكن شيئا لا يوحي بأن اسرائيل، التي نجحت الى حد بعيد في ترويض ادارة الرئيس باراك اوباما، هي في حالة من الهدوء والترقب. فالاستقرار الذي تشيعه على الحدود مع لبنان وسوريا وغزة، والذي لم يبدأ سوى منذ اشهر قليلة، ليس سوى غطاء لحرب مختلفة يخوضها الاسرائيليون في العمق اللبناني والسوري والفلسطيني، وصولا الى العمق الايراني الذي جرى اختراقه اكثر من مرة في الآونة الاخيرة، ويستخدمون فيها اقصى طاقاتهم وإمكاناتهم، ويلجأون فيها الى اساليب غير مألوفة من قبل.
لعل الردع قد تحقق بالفعل، على خطوط الجبهات التقليدية، التي لم يعد بإمكان الطائرات والصواريخ ان تتخطاها بسهولة، لكن ما هو حاصل الآن يؤكد ان اسرائيل صعدت حربها الاستخباراتية اكثر من أي وقت مضى، وهي باتت تعتبر ان كل ما هو دون الحرب العسكرية التقليدية مباح، ما دام الطرف الآخر يجاهر بأنه يخوض مثل هذه الحرب ويمضي اليها بشكل تدريجي، وما دام المس بالاستقرار الداخلي للبنان وسوريا وايران وغزة، يشكل البديل الامثل لارسال الجيش الاسرائيلي خارج الحدود الجغرافية او خارج القيود السياسية التي فرضت عليه في الفترة الماضية.
الحرب جارية حاليا، وهي أخطر وأشرس من الحروب التقليدية، لان اسرائيل لن ترتدع بسهولة.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى