بين الرقة ودير الزور.. أرنب طارد غزالة..!
فاضل الخطيب
ما يحدث في وطننا سورية لا يدعو للطرب, لا يدعو للعتب.
مريع هذا العالم بدون سياسيين للنظام السوري, لكنه رائع بتصريحات وزير الخارجية المعلم ونائبه ـ سيدي ـ المقداد والسيد الدردري.
لا توجد قممٌ على المنحنى البياني, لكن المؤشر العام واضح, من الصعوبة جداً الانتقال مباشرة من العبودية إلى الديمقراطية, الناس سيعودون يلحسون ويمسحون اليد القوية, الذي يكون صريحاً يكون ناشزاً قليلاً, يساهم في خلق فتنة قليلاً, متمردٌ في رأيه قليلاً, لكنه لا يملك غير وجه واحد منذ بداية الأسبوع حتى نهايته ونفس الوجه يستعمله ليل نهار! وهذا يصلح للأفراد والتنظيمات وللأنظمة على السواء..
ليست الكوارث ـ الحروب والمآسي التي يجب أن توحدنا بل الأهداف الإيجابية للبناء والتقدم والحرية والعيش الكريم.
الوحدة ليس للوقوف ضد كل ما هو سلبي بل الوحدة هي للعمل من أجل كل ما هو إيجابي..
ما أسهل الاتفاق على الهدم وما أصعبه على البناء!..
التحرير.. الصمود.. الممانعة تشبه بعضها في ألف شيء, وأنا أؤمن بشيئين منها:
الأول أنني أتفق مع هذه الثلاثية وتذكرني بملاحظة كتبها طفلٌ جولاني في ذكرى حرب 1973 التي كانت بقيادة الأسد الأب ـ كتب يقول”في حرب تشرين التحريرية تمّ احتلال قريتي حضر!”.
والشيء الثاني هو الرد المناسب في الزمن المناسب, وهذا الزمن يذكّرني بنكتة يتحدث فيها اثنين من كبار السن عن ذكرياتهم المشتركة في فترة الحرب قبل عشرات السنين:
ـ هل تتذكر أنهم قبل المعركة كانوا يعطوننا حبوب(دواء) لكي تخفف اهتمامنا الجنسي؟
+ نعم أتذكر, لكن لماذا تسأل ذلك؟
ـ أعتقد أن تأثير ذلك الدواء بدأ يسري مفعوله الآن!.
شيء لابد من التأكيد عليه وهو أنه لا يمكن القول نعم مرة واحدة لحرية الكلمة والديمقراطية ودولة المؤسسات وبنفس الوقت نعم لرفع العزلة عن الذي يحجب ويصادر الحرية, هذه الـ نعم الأولى تناقض الـ نعم الثانية أو تنفيها سياسياً ووطنياً وأخلاقياً أيضاً.. ومن يخلط بين هنا ما عليه سوى النظر لقيادة ربيع دمشق المعتقلين مع الوطن..
وستبقى زيارة الانفتاح التي قام فيها الرئيس السوري إلى باريس في يوليو الماضي تحمل دروساً يحاول ترجمتها والاستفادة منها, وفي لقاء الأسد مع ساركوزي يدعو الفضول الزعيم السوري لسؤال ساركوزي عن سر نجاحه وشعبيته ويرد ساركوزي قائلاً:
ـ الموضوع يا صديقي هو الانتلجنسيا(الثقافة), عليك أن يكون مساعدوك مثقفين!
+ طيب.. طيب, لكن كيف؟, الموضوع ليس بهذه البساطة.
ـ وي.. مسيو.. انتبه شوية حبيبي, ويقوم ساركوزي باستدعاء كوشنير ويسأله: يا سيد كوشنير من يكون ابن أبيك الذي ليس أخيك؟, ولحظات قليلة يرد كوشنير أنا أكون يا سيدي.
وبعد عودة الأسد للبلد يستدعي السيد الدردري للقصر الجمهوري ـ الملكي ويقوم بسبر معلوماته كما تعلمها من ساركوزي, لكن القائد الاقتصادي لا يعرف الجواب ويطلب يوماً للتفكير, وبعدها يقوم الدردري بالاتصال بالوزير المعلم ويطرح عليه السؤال عن ابن أبيه والذي ليس أخيه ويكون رد الوزير المعلم ضاحكاً لأنه كان قد سمعها ويقول “أنا أكون”, وبعدها يذهب الدردري إلى عند القائد ليجيب على سؤاله ويقول له “جواب سؤالكم بالأمس هو الوزير المعلم”.. فما كان من الأسد إلاّ أن دفن وجهه في يديه حسرة وألماً وقال “حتى هذا السؤال لا تعرف الجواب عليه. والجواب يا سيد دردري ليس الوزير المعلم وإنما كوشنير!..
والحقيقة أن معرفة السيد الدردري في السياسة لم تكن أفضل من معرفته في الفوازير, وقد ظهرت حنكته في رده على أسئلة صحفيين في لاهاي ـ هولاندا قبل حوالي عشرة أيام حين سألته إحدى الصحافيات قائلة ” غريب منكم يا سيد دردري كيف تطلبون الشراكة من الأوربيين ولا توجد بينكم وبين العرب أية شراكة وخاصة مع السعودية ومصر؟”, وكان جواب السيد الدردري هو أنه “هناك فرق كبير, مع أوربا طبعاً أفضل والمجتمع السوري أقرب للأوربيين مقارنة مع السعودية, فالمجتمع السعودي متخلف وغير منفتح ولا يسمح للمرأة بقيادة السيارة ومن السهل في المجتمع السعودي خلق ورعاية الفكر الإرهابي نتيجة الانغلاق”
لا أقول ذلك دفاعاً عن أي نظام عربي, لكنه على السيد الدردري أن يعرف أن السعودية ومصر كانت وراء دعم نظام الأب وأن أموالاً كثيرة جداً كان يأخذها من السعوديين تحت عشرات الأسماء من الصمود والمواجهة و….
يصفونهم بأنصاف الرجال والعملاء والمتخلفين وبنفس الوقت يتباكون ويستجدون القريب والبعيد للانفتاح على السعودية ومصر, يدربون المتطرفون الأصوليون والإرهابيون السعوديون في سوريا ويفسحون لهم المجال للنشاط داخل الجامعات ويتهمونها بالتخلف, تناقضات لا يفهمها إلاّ القائد الضرورة إبن القائد الأكثر ضرراً.
غريب ما يصدر عن صحف النظام وموظفيه ـ الغير أميين أو أمنيين ـ عن أمريكا وإسرائيل وفي نفس الوقت يبوسون الأيادي لمن يساعدهم على فتح فرصة للعلاقة مع الغرب. إذا زار سوريا موظفٌ من الدرجة السابعة في الخارجية الأمريكية أو أي خارجية أوربية يستقبله الرئيس السوري شخصياً..
وحتى بعد عدوان البوكمال وما قبله وبعد بعده فإن نظام الممانعة لا يمانع بالرد الشبيبي الطلائعي.. عدوان أمريكي أو إسرائيلي أو في بيعة وشروة وحتى في صلاة الاستسقاء والجماهير تردد بالروح بالدم وبالمازوت واللبن والجلّي و… ويقسم الوزير المعلم بأغلظ الإيمان ـ لا نستطيع استخدام أنحف الإيمان لاعتبارات غليظة ـ ويتوعد بالرد في المرة القادمة..
وعودة للسيد الدردري ومؤتمره الصحفي في هولاندا لينفي أن يكون هناك تعبير “الأكراد السوريون, بل يوجد أكراد قدموا في ظروف صعبة إلى سوريا ونحاول مساعدتهم ـ أي أنهم أكراد في سوريا ـ, ويوجد عندنا أيضاً فلسطينيون وعراقيون” وفي هذا تكذيب للحقيقة ولرئيسه بشار الأسد والذي صرّح قبل شهور قليلة لقناة الجزيرة وقال “القومية الكردية في سوريا هي جزء من النسيج الوطني السوري”, كما أن السيد الدردري “لم يسمع في يوم معارضة اسمها جبهة الخلاص في سوريا”, جبهة واحدة يعرفها أو يسمع عنها وهي جبهة الجولان وجبهات وجباه السجود والركوع..
لكن سيادته لم ينسى التأكيد على أن سوريا دولة المؤسسات مستشهداً بالاتحاد النسائي واتحاد الطلاب والشبيبة وغيرها…
يرد النظام السوري على العدوان الأمريكي على البوكمال بأحكام قراقوشية ضد مناضلي ربيع دمشق, فداء الحوراني وزملاؤها يوهنون عزيمة الأمة, والسيد الدردري يصقلها بهاءً,
السيد رياض سيف وزملاؤه يضعفون الشعور القومي والسيد الدردري ومعلموه وتلاميذه يقوّون هذا الشعور.
لو يتعلموا ويعلموا أن الخريف ليس نهاية الصيف بل هو امتدادٌ للربيع, الربيع الدمشقي الذي عبثاً يحاولون كسر عنفوانه, نستنشقه ونستمد منه العزيمة أينما كنا.. عبثاً يعتقلون عطر الورد الدمشقي السوري.. هل يستطيع القاضي التحديق في عيني فداء الحوراني؟.. هل تستطيع “نائبة الرئيس والوزيرات” النظر في عيون رمز المرأة المعتقلة في سورية الأسد؟.. بل النظر في عيون بناتهن أو في المرآة..
لكن ذكور النظام وفحوله وبعض الحارم تعودت على ثنائية الكلام والفعل, أكثر نظاماً تحدث عن النضال الفلسطيني وأكثر جهة في العالم قتلت من الفلسطينيين, أكثر نظاماً تحدث عن الوحدة العربية وأكثر قيادة ابتزت قيادات العرب مادياً وأول دولة عربية تحتل دولة شقيقة, أكثر نظاماً تحدث عن وقوفه إلى جانب حزب الله وبنفس الوقت يساوم إسرائيل على عمامة السيد حسن نصر الله, أكثر نظام عربي تحدث عن الاشتراكية وبنفس الوقت أفظع مخلوف وشاليش وفقر أنتج..
وليس غريباً ما نقلته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام عن أنه ليست المرة الأولى التي تقصف طائرات أمريكية في سورية وعن معرفة النظام السوري عن عملية البوكمال وعن تنسيق مشترك مع “القوات الامبريالية المحتلة”.
وفي بعد ظهر ذلك اليوم يتصل السيد آصف شوكت بالرئيس الأسد ويقول له:
ـ سيادة الرئيس: لقد دخلت الطائرات الأمريكية إلى البوكمال!
+ شو.. صارت الساعة ثنتين ونصف!.
ولمن لا يعرف خريطة سوريا جيداً أقول أن البوكمال بعيدة عن القرداحة وبعيدة عن القصر…
وعن هستيريا النظام جراء ذلك يمكن فهمها من خلال النكتة التالية:
ـ والله مبارح رسبت بامتحان السواقة.
+ ليش ؟ شوصار؟.
ـ وأني عا بسوق دخلت في منطقة مزدحمة مكتوب على لوحة دائرية 30 وقمت وسوّيت 30 دورة, وبالآخر رسبوني..
+ يمكن تكون خربطت بالعد!!..
خاص – صفحات سورية –