خمسة منعطفات مفصلية حملت باراك أوباما إلى البيت الأبيض
جذب انتصار باراك أوباما في السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض أنظار الملايين حول العالم، فالمرشح الذي ما يزال ينتمي إلى فئة “الشباب” انطلق بسرعة صاروخية من عضو يشق طريقه في الحزب الديمقراطي إلى رئاسة البلاد، بعد أربع سنوات على الخطاب “الصاعق” الذي ألقاه في المؤتمر الحزبي العام، لافتاً الأنظار إليه.
ولكن ما يجهله الكثيرون هو أن أوباما عمل طوال الفترة الماضية بخطة “عبقرية” معتمداً استراتيجيه ثابتة لتحقيق هدفه بأن يصبح أول رئيس أسود البشرة في تاريخ الولايات المتحدة، وقد تمكن من فعل ذلك عبر تجاوز محطات مفصلية أساسية خلال الأشهر الماضية، كان لها أبعد الأثر في انتصاره التاريخي.
الانتصار في أيوا
كان فوز أوباما في انتخابات أيوا التمهيدية الحزبية بيناير/كانون الثاني الماضي الخطوة الأولى نحو البيت الأبيض، فقد كان انتصاره الكبير في تلك الولاية التي عادة ما تشهد انطلاق السباقات الرئاسية بمثابة رصاصة الرحمة للعديد من المرشحين المنافسين، وأول إنذار حقيقي لمنافسته الرئيسية، هيلاري كلينتون، بأنها تواجه خصماً حقيقياً.
وكان اعتماد أوباما في هذه الانتخابات على عامل سيبرز دوره أكثر في المستقبل، وهو الناخبين الجدد، حيث نجح بتجنيد عشرات الآلاف منهم في حملته الانتخابية، فجالوا على المنازل، دافعين الناس إلى المشاركة في العملية الانتخابية التي جرت في ظروف مناخية صعبة، وسط تدني درجات الحرارة.
دعم تيد كينيدي
مع مرور الأسابيع بعد انتخابات أيوا، بدأ منافسو أوباما في الحزب الديمقراطي بالانسحاب واحداً بعد الآخر، باستثناء هيلاري كلينتون، التي تقاسمت الفوز معه في اقتراع يوم “الثلاثاء الكبير،” لتدخل الانتخابات نقطة تحول جديدة بمفاجأة فجرها السيناتور تيد كينيدي، عندما أعلن دعمه لأوباما، وشبهه بشقيقه، الرئيس الراحل، جون كينيدي.
ورغم رمزية الخطوة، غير أن أوباما كان بحاجة ماسة لها لأن عائلة كينيدي كانت الوحيدة القادرة على مواجهة ثقل عائلة كلينتون في الوسط الديمقراطي، الأمر الذي عزز حظوظ المرشح الأسمر مجدداً.
طرح الملف العرقي
كان الملف العرقي سيطرح في حملة أوباما في مطلق الأحوال، حتى لو حاول المرشح الديمقراطي تجنب ذلك، وقد بدأ الهجوم عليه من هذه الزاوية عبر بث مقاطع مصورة للقس جيرمايا رايت، الذي يرتاد أوباما كنيسته، وقد ظهر القس فيها وهو يدلي بمواقف عنصرية واضحة.
غير أن الرد الذي أذهل الجميع تمثل في الرسالة التي كتبها أوباما آنذاك للرد على القس، والتي اعتبرها البعض واحدة من أعمق المقالات التي كُتبت حول الموضوع العرقي في الحقل السياسي الأمريكي، وقد تطور الخلاف لاحقاً بين رايت وأوباما إلى حد أن الأخير أدان تصريحاته وقرر ترك كنيسته، ودفع ذلك آلاف السود إلى ترك حملة كلينتون والانضمام إليه.
جمع الأموال
بفضل الآلاف من المؤيدين الذين جمعهم حوله، تمكن أوباما من بناء شبكة واسعة من المتبرعين الصغار والكبار، وجمع عبرهم عشرات ملايين الدولارات، ما دفعه إلى إعلان تخليه عن الدعم الرسمي الذي تقدمه الحكومة، ليكون أول مرشح يفعل ذلك منذ إقرار نظام الدعم الحكومي عام 1976.
ولم يأبه أوباما للانتقادات التي وجهها له خصمه الجمهوري، جون ماكين، بسبب هذا القرار، بل أنفق المبالغ الهائلة التي جمعها بحنكة شديدة، برزت عبر إرسال آلاف المندوبين إلى مختلف الولايات وإطلاق حملة دعائية غير مسبوقة.
العمل مع كلينتون
كان للصراع المرير الذي خاصه أوباما ضد كلينتون في السباق الحزبي أثر واضح على ناخبي الأخيرة، حيث تؤكد استطلاعات CNN أن 50 في المائة منهم كانوا لا يخططون للتصويت له قبل شهر واحد فقط من فتح صناديق الاقتراع، وقد حاول ماكين الاستفادة من الانقسام لجذب مؤيدي كلينتون إلى صفه.
وكانت نقطة التحول الأساسية على هذا الصعيد نجاح أوباما في احتواء الموقف عبر العمل مع منافسته السابقة لخلق أجواء من الوحدة، وكانت لحظة الذروة في هذا السياق عندما دخلت كلينتون مع أوباما يداً بيد إلى المؤتمر الحزبي العام في دنفر، طالبة تسميته مرشحاً رسمياً بالتزكية.
المناظرات
كان للمناظرات دور أساسي في ترسيخ تقدم أوباما وارتفاع أسهمه لدى الناخبين عموماً، إذ أن الاستطلاع الذي أجرته CNN بعد المناظرات الثلاث التي جمعته مع ماكين أظهرت تفوقه لدى المشاهدين.