صفحات العالم

أوباما رئيسا: افتتاحيات صحف كبرى في أميركا وإسرائيل

باراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأميركية: على غرار ملايين الأميركيين، نستمتع بالجملة ونهنّئ الفائز ونحتفل بضخامة المناسبة. إنه حدث ضخم جداً انطلاقاً من التغيير في الأجيال الذي يحمله معه، وإعادة الاصطفاف الجغرافي الذي يعكسه، والتقدّم العرقي الذي يقر به ويعد على السواء. وفوق كل شيء، فوز أوباما حدث ضخم لأنه يجسّد فرصة لوضع البلاد على مسار جديد وأفضل مفعم، كما قال أمس، بروح جديدة من المواطنية والخدمة والمسؤولية.
يجب ألا يقلل أحد من التحديات التي سيواجهها أوباما، بما في ذلك تحدي التواصل مع ملايين الأميركيين الذين صوّتوا لخصمه. يدين بانتصاراته في شريط من الولايات الحمراء سابقاً يمتد تقريباً من الشمال إلى الجنوب، وبينها فرجينيا، إلى استياء البلاد من جورج دبليو بوش وقلقها بشأن الاقتصاد من بين أمور أخرى. غير أن انتصاراته في كل منطقة في البلاد تظهر أيضاً استعداد الناخبين لمنح الرئيس الجديد فرصة كي يضع برنامجاً اقتصادياً أكثر مسؤولية من ذاك الذي وضعه بوش أو بشّر به ماكين. وتشير الحماسة التي أثارها أوباما لدى أنصاره إلى قدرته على إلهام أمة قلقة ومنقسمة وطمأنتها. كما تظهر حملته الفعالة والمنضبطة، والقاسية أحياناً، قدرة على إدارة حكومة ترزح تحت وطأة مشكلات ذات تعقيدات تفوق التصوّر. ويقدّم تمتّعه بالذكاء والبلاغة في الكلام، إلى جانب ميله الفطري الواضح إلى التوافق، الأمل بأن يوفّر القيادة التي تحتاج إليها البلاد بشدة.
لا يستطيع أوباما أن يمحو إرث بوش، لكن لديه فرصة لتحسين مكانة أميركا في العالم، بحيث يضع حداً للممارسات الكريهة مثل التعذيب والحجز لوقت غير محدّد مع اقتصار النظر في القضية على حده الأدنى، وهي ممارسات حطّت من قدر هذه البلاد في نظر حلفائها. وفي الختام أمامه فرصة ليضع البلاد على المسار الصحيح من أجل المساعدة على الحد من الاحترار العالمي. وهو يملك خططاً مترامية الأبعاد في مجالات الطاقة والرعاية الصحية والتعليم، إنما لديه إدراك واقعي أيضاً بأن الوضع الاقتصادي سوف يحد من طموحاته.
عندما أيّدنا أوباما للوصول إلى الرئاسة، لم نذكر العرق لسبب بسيط وهو أن العرق لم يؤدِّ أي دور في قرارنا؛ فقد كان أوباما الأفضل بين مرشحين جيدين وحسب. غير أن العرق ذو أهمية قصوى في هذه اللحظة. لا يمكن أبداً محو لطخة العبودية والتمييز، ولا يتقدّم بلد نحو حقبة أسطورية “ما بعد عرقية” في يوم واحد. لكن كيف لا يتأثر الأميركيون بوصول اميركي أفريقي إلى الرئاسة؟ ولد أوباما في وقت كانت ولايات عدة تحظر الزواج بين والدته البيضاء من كنساس ووالده الأسود من كينيا، قبل أن يبطل قانون الحقوق المدنية وقانون حقوق التصويت أسوأ ما في قوانين جيم كرو، وعندما كان هناك نضال مستمر ضد قرار المحكمة العليا فرض الفصل العنصري في المدارس. لم يكن أحد آنذاك – ولا حتى بعد سنوات قليلة – ليتوقّع أننا سنبلغ مثل هذا اليوم.
المرشح الذي خسر هو من القادة السياسيين الذين نكن لهم أعمق مشاعر الاحترام، والخطاب الراقي والبليغ الذي ألقاه ماكين للإقرار بالهزيمة يسلط الضوء على الأسباب وراء هذا الاحترام. قصة حياته هي خير دليل على طواعيته؛ فكما ردد غالباً في جولاته في الحملة، تحمّل ما هو أسوأ بكثير من خسارة الرئاسة. سوف يؤدي مجلس الشيوخ الذي يعود إليه ماكين دوراً أساسياً في تحديد شكل إدارة أوباما ونجاحها. والنداء الذي وجهه ماكين من أجل “التحلي بالإرادة الطيبة وبذل جهود جدية للالتقاء معاً” وتعهده لأوباما بأن “أفعل كل ما بإمكاني لمساعدته على قيادتنا في خضم التحديات الكثيرة التي نواجهها” ينسجمان مع تاريخه في العمل إلى جانب الحزبين الجمهوري والديموقراطي خدمة لبلاده.
أجاب أوباما بلطف، قائلاً للأميركيين الذين لم يصوّتوا له “ربما لم أفز بأصواتكم الليلة، لكنني أسمع أصواتكم، وأحتاج إلى مساعدتكم، وسوف أكون رئيسكم أيضاً”. كانت هذه خاتمة مرحّباً بها لحملة قاسية، وتمهيداً مناسباً لحقبة سياسية جديدة.
“واشنطن بوست”
ترجمة نسرين ناضر
الرئيس المقبل
إنها واحدة من تلك اللحظات في التاريخ التي تستحق أن يتوقف المرء عندها للتفكير في الحقائق الأساسية: انتُخِب أميركي اسمه باراك حسين أوباما، وهو ابن امرأة بيضاء ورجل أسود بالكاد عرفه، وتربّى على يد جدَّيه بعيداً جداً من دفق السلطة والثروة الأميركيتين – انتُخِب الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة.  لقد بدّد أوباما الذي تحلّى بتركيز استثنائي ويقين هادئ، افتراضاً سياسياً تلو الآخر ليهزم أولاً هيلاري كلينتون التي أرادت بشدة الوصول إلى الرئاسة إلى درجة أنها وقعت في الارتباك، ومن ثم جون ماكين الذي تخلى عن مبادئه ليشن حملة مبنية على الغضب والخوف.
كان فوزه حاسماً وكاسحاً لأنه رأى مكمن الخلل في هذا البلد: فشل الحكومة الذريع في حماية مواطنيها. وقد اقترح حكومة لا تحاول حل كل المشكلات إنما تقوم بأمور تتجاوز قدرة المواطنين الأفراد: تنظيم الاقتصاد تنظيماً جيداً، والحفاظ على نظافة الهواء وسلامة الطعام، والحرص على وصول المرضى إلى الرعاية الصحية، وتثقيف الأولاد على التنافس في عالم معولم.
تحدث أوباما بصراحة عن إخفاق السياسات الاقتصادية الجمهورية التي وعدت بتحسين أوضاع كل الأميركيين لكنها خلّفت الملايين وراءها. وتعهّد وضع حد لحرب دموية وعقيمة. ووعد بتعزيز الحريات المدنية للأميركيين، وتغيير سمعتهم المشوّهة حول العالم.
واستقطب من خلال رسالة الأمل والكفاءة، أعداداً هائلة من الناخبين الذين كانوا قد انسحبوا من الحياة السياسية ولم يكن صوتهم يُسمَع. كانت مشاهد الشبان والشابات، السود والبيض، الذين يبكون ويهتفون في شيكاغو ونيويورك وكنيسة إيبنزر المعمدانية التاريخية في أتلانتا ليل الثلاثاء، قوية ومؤثرة جداً.
يرث أوباما إرثاً مروّعاً. فالبلاد غارقة في حربين – واحدة ضرورية في أفغانستان وأخرى جنونية في العراق. والتحدي المطروح عليه هو إدارة انسحاب منظّم من العراق من دون إشعال نزاعات جديدة، بحيث يتمكّن البنتاغون من تركيز موارده على الجبهة الحقيقية في الحرب على الإرهاب، أفغانستان.
في بداية الحملة، كانت الحرب نقطة التركيز الأساسية. وبحلول يوم الانتخابات، كان الأميركيون قد باتوا قلقين جداً على مستقبلهم وإخفاق الحكومة في منع الانهيار الاقتصادي بسبب الجشع والانغماس المفرط في عدم التنظيم. سوف يكون على أوباما أن يتحرّك بسرعة لفرض السيطرة والتماسك والشفافية والإنصاف على خطة الإنقاذ المالي المشوّشة التي وضعتها إدارة بوش.
وسوف يكون على إدارته أيضاً أن تحدّد كل الطرق التي انتُهِكت بها الحقوق والقيم الأساسية للأميركيين، وتكبح من جديد هذه الممارسات المظلمة. التغير المناخي تهديد عالمي، وبعد سنوات من الإنكار وعدم التحرك، يجب أن تكون هذه البلاد في صدارة الجهود لمعالجته. ينبغي على الولايات المتحدة تطوير تكنولوجيات جديدة أكثر نظافة في مجال الطاقة، من أجل خفض انبعاثات غازات الدفيئة والحد من اعتمادها على النفط الخارجي. وسوف يتعين على أوباما أيضاً أن يستعين بأشخاص عقلانيين لوضع خطة لإصلاح الهجرة تتناسب مع قيم بلاد بناها المهاجرون واللاجئون.
وهناك عدد كبير من المشكلات الملحة الأخرى التي يجب معالجتها. فعشرات ملايين الأميركيين يفتقرون إلى التأمين الصحي، وبينهم بعض المواطنين الأكثر هشاشة في البلاد – أولاد العمال الفقراء. وهناك أميركيون آخرون بالكاد يستطيعون تسديد نفقات التأمين أو هم في خطر خسارته مع خسارة وظائفهم. وهؤلاء يجب حمايتهم.
سوف يحتاج أوباما الآن إلى دعم كل الأميركيين. وقد ألقى ماكين خطاباً راقياً للإقرار بهزيمته ليل الثلاثاء، ولم يدعُ فيه أنصاره إلى احترام التصويت وحسب إنما أيضاً إلى الوقوف إلى جانب أوباما. بعد حملة بغيضة ومثبطة للمعنويات، بدا على تلك المنصة في صورة السيناتور الذي لطالما احترمناه لخدمته لبلاده واستعداده لتقديم تنازلات.
إنها البداية. فالتحديات الكثيرة التي تواجهها البلاد هي أبعد من متناول أي رجل واحد أو أي حزب سياسي واحد.
“نيويورك تايمز”
ترجمة ن. ن.

أميركا تطوي الصفحة
لا يطلق انتخاب باراك أوباما الرئيس الرابع والأربعين لأميركا، اتجاهاً جديداً ومختلفاً بطريقة حاسمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحسب إنما أيضاً نوعاً جديداً من السياسة: أكثر لامركزية واستناداً إلى روح المبادرة واتجاهاً نحو القاعدة الشعبية، ومع خريطة انتخابية جديدة تبدّد المفاهيم القديمة عن الولايات “الحمراء” (التي تصوت للجمهوريين) و”الزرقاء” (التي تصوت للديموقراطيين). في هذا الصباح، وكما قال أوباما في خطاب النصر “أطل فجر جديد من القيادة الأميركية”.
انطلاقاً من نوع الحملة التي شنّها – خاضها في عدد كبير من الولايات الخمسين متوغلاً في عمق الولايات التي تصوّت تقليدياً للجمهوريين – والسياسات التي تبنّاها، يحمل أوباما الوعد بجعل البلاد تتجاوز وأخيراً الاستقطاب الشديد الذي أفسد الخطاب الوطني منذ أواخر الستينات. لقد فشلت الشعارات الثقافية التي استُعمِلت عام 2004 وكانت عواقبها وخيمة – محتسو القهوة بالحليب في مقابل “جو العادي” وركوب الرياح في مقابل الجمعية الوطنية لسباق السيارات (ناسكار) – في السيطرة. رأى أوباما، 47 عاماً، أمراً فوّته الجيل الآخر الذي سيطر على السياسة في العشرين عاماً الماضية. بالفعل، بدا المرشح الجمهوري جون ماكين أكثر غرقاً في الستينات مع تركيزه على راديكاليي حقبة فيتنام وعدم “فقدان الشرف والتعرض للهزيمة” في حرب خارجية. لقد دارت هذه الانتخابات حول المسائل الكبرى – انهيار اقتصادي عالمي، تدخل حكومي مكثف في الأسواق المالية، حرب غير شعبية إلى أقصى الحدود.
وخفّفت هذه العوامل أيضاً من تأثير الهجمات على أوباما. والمعركة الطويلة التي خاضها أوباما ضد هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للفوز بتسمية الحزب الديموقراطي ساعدته أيضاً، ليس فقط عبر جعله مرشحاً أقوى إنما عبر زرع الحماسة في أجزاء من البلاد لم يكن المرشحون يولونها اهتماماً كبيراً في الانتخابات الرئاسية في السابق، والمقصود بذلك الولايات التي تصوّت متأخرة مثل كارولينا الشمالية أو إنديانا، وعدد كبير منها يصوت للجمهوريين تقليدياً، غير أن التسجّل في الحزب الديموقرطي ارتفع كثيراً في الحملة الماضية. لقد تحطمت كل الأرقام القياسية في مجال نسبة المقترعين. فقد أحضر الناخبون الذين أثارت اللحظة الانتخابية حماستهم الشديدة، أولادهم معهم إلى مراكز الاقتراع، وانتظروا لساعات، وذرف عدد غير قليل منهم الدموع. والرجل الذي سيكون أول رئيس أميركي من أصل أفريقي هو أيضاً أول ديموقراطي يفوز في فرجينيا منذ ليندون جونسون عام 1964. وهو أيضاً أول ديموقراطي شمالي يُنتخَب منذ جون إف كينيدي. ولا تعبّر كلمات مثل “تاريخي” و”تحولي” تعبيراً وافياً عن الحدث. قريباً جداً تحل مكان العناوين الرئيسة عن فوز أوباما المهمات الصعبة التي تنتظر الإدارة المقبلة. يحتاج الاقتصاد الأميركي المنهار ونفور العالم من الولايات المتحدة إلى اهتمام فوري. فالبلاد بأمس الحاجة إلى قائد يستطيع رأب الانقسامات بين الثقافات والأجيال. وليل أمس [ليل الثلاثاء] أعرب الأميركيون عن أملهم بأن يكون الشاب النحيل ذو الاسم الغريب هو ذلك القائد.
“بوسطن غلوب”
ترجمة ن. ن.

الديموقراطية في أبهى صورها
استفاقت الولايات المتحدة والعالم على رئيس جديد هو الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة. واليوم نستطيع أن نهنىء الأميركيين وان نحسدهم في الوقت عينه. فقبل 54 عاماً فقط اصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة قانوناً يمنع التفرقة العنصرية في المؤسسات التربوية ويعتبرها مخالفة للقانون. وفقط منذ أربعة عقود دفع مارتن لوثر كينغ حياته ثمناً لحلمه تحقيق مبدأ المساواة للسود. وبالأمس ترشح ابن عائلة مهاجرين من كينيا على مقعد رئاسة الولايات المتحدة وعلى زعامة قيادة العالم. في هذه الانتخابات خرقت أميركا سقفاً جديداً فللمرة الأولى في تاريخها تبدو الرئاسة قريبة المنال من امرأة. وخلال أشهر بدت السيناتور هيلاري كلينتون قادرة على تحقيق الفوز كمرشحة للحزب الديموقراطي. وحتى الحزب الجمهوري رشح حاكمة غير معروفة نسبياً الى منصب نائب الرئيس.

الى جانب الجدل الذي دار حول شخصية المرشحين ومؤهلاتهما تناولت المعركة الانتخابية مجموعة واسعة من الموضوعات. لقد كان بإستطاعة الناخبين الأميركيين التعرف على مواقف باراك اوباما وجون ماكين من كل الموضوعات. الرجلان عرضا خطتهما لإنهاء الحرب في العراق ووقف حصول ايران على السلاح النووي. كما تحدثا بالتفصيل عن التدابير التي سيتخذانها بشأن ضمان الدولة للرهن العقاري ومنع مصادرة المنازل وحول التأمين الصحي والسياسة الضريبية والتمويل الرسمي للبحث الجامعي والتنصت السري وسياسة الاحتباس الحراري وتوليد الطاقة البديلة من الهواء والشمس والضريبة على الوقود والإجهاض وغيره. لقد كانت معركة انتخابية تضج بالأفكار مع مرشحين مختلفين في النهج اختلافاً مطلقاً. وشكل هذا تعبيراً رائعاً للديموقراطية في أبهى صورها فالمعركة الانتخابية لم تهتم بالأشخاص وانما بالموضوعات. كما لا يمكننا الاستهانة بالحماسة التي أثارها المرشح الفائز أوباما في بلاده وفي العالم. فمنذ زمن طويل لم ينجح سياسي في جذب الجماهير. ولا يشكل هذا بشارة طيبة بالنسبة لأميركا وللأميركيين وانما بالنسبة للسياسة وللسياسيين في كل مكان.
لقد جرت الانتخابات في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة وفي ظل جيش غير قادر على الخروج من ساحة القتال في العراق وفي افغانستان ناهيك بالتآكل الكبير المقلق الذي حل بنفوذ الولايات المتحدة في العالم. هذه الأزمة العميقة دفعت الى صناديق الاقتراع بملايين الأشخاص الذين تخلوا في الماضي عن حقهم في الاقتراع. الملايين من البيض والسود ومن اليهود والمسلمين قرروا اعطاء صوتهم للمرشح الأسود الشاب القليل الخبرة في الحكم. شيوخ وشبان بينهم سكان المدن الجمهورية البارزة أتوا بكثافة ليصنعوا التغيير وليحدثوا الثورة في البيت الأبيض وفي الكونغرس.
لقد هبت الديموقراطية الأميركية لنجدة الولايات المتحدة بعد خيبة الأمل من الأعوام الثمانية لحكم جورج بوش. وننتظر خلال السنوات الأربع المقبلة ان يسهل الحزبان الكبيران ومجلسا الشيوخ والنواب مهمة الرئيس الجديد ويساعداه على اعادة الاعتبار الى القوة العظمى التي لا منافس لها في تأثيرها على سلامة الانسانية وتقدمها من دون تمييز بين عرق او جنس او دين. بالأمس أكدت الولايات المتحدة بأنها زعيمة العالم الحر. وانهت معركة انتخابية تستحق أن تكون نموذجاً للمحاكاة.
“هآرتس”
ترجمة ر. ح.

نحن أيضاً نستحق أوباما
أم أور لي اسرائيلية بنظارتين، لاجئة من الستينات، رفضت ان تكبر.  وقد أحبت صينياً صدف أن كان في البلاد، الرجل الفهيم والوسيم ولكن خائن العشرة ومتعاطي الافيون. وكي تغيظ والديها المحافظين تزوجته وانجبت طفلا. الاب هجر ابنه وزوجته وانصرف من هنا.
وهكذا لم تستنفد ام أور كامل قدرتها في تعقيد حياتها. فقد تزوجت ثانية من طبيب من قرية المغار في الجليل وهاجرت معه الى باريس. أور تربى بصحبة الفرنسيين ولهذا فهو يتحدث الفرنسية، العبرية وبعض العربية التي التقطها من عائلة أبيه المتبني له.
كي تضمن لابنها تعليما جيدا وتمنحه هوية واستقرارا بعثت به امه الى جدته وجده اللذين يسكنان في بئر السبع. المنظر الصيني والخلفية العائلية الشاذة لم تخفف عن أور الشاب أمر الانخراط في مجتمع ابناء جيله، ولكن كفاءاته البارزة وجمال منظره خففا خلفية السيرة التي حملها على ظهره. فقد خدم في الجيش وكان طالبا مجتهدا ونشيطا اجتماعيا. وعندما تشكل كاديما، انضم الى صفوفه وسعى الى التقدم السياسي في اطاره.
هذه المرة، ان لم يكن قبل ذلك، لا بد اكتشفتم بان بطل القصة هو باراك اوباما، سيرته الذاتية كيفتها مع الواقع الاسرائيلي. من الآن فصاعدا ينبغي لي أن اميز بين الشخصية الخيالية والشخصية الحقيقية، إذ ان باراك سيكون غالب الظن الرئيس القادم للولايات المتحدة. بينما أور سيلقي بظلاله على الهوية الاسرائيلية (…)  أور هو “يهودي حسب الشريعة” ومرتبط بالثقافة اليهودية، ولكنه لا يرى نفسه ابن دين موسى. خصومه في فرع الحزب وصفوه بـ “الصيني” على مسمعه وبـ “العربي” من خلف ظهره. ومع مثل هذه الحمولة ليس له أي امل في أن ينجح في الحياة السياسية ومشكوك أن يجد المكان المناسب في المجتمع الاسرائيلي.
اقدر بانه في نهاية المطاف سيحاول أور التخلص من عقدة هويته ولعله يهاجر الى دولة لا يحاكم فيها المرء حسب دينه وأصله بل حسب آرائه وميزاته. لا يوجد في الواقع مجتمعات تبنت هذه القاعدة دون تحفظ، ولكن المجتمعات الاكثر نجاحا في العالم تتقدم نحوها بالتدريج (…)
اوباما اميركي لانه أقسم الولاء للدستور الاميركي. الوطنية الاميركية تقوم على جملة من المثل وليس على قصة اسطورية بموجبها خرجنا جميعا من بذرة قطيع تجوّل في بلاد كنعان قبل أربعة آلاف سنة (…)
يارون لندن
“يديعوت احرونوت”
ترجمة “المرصد” – رام الله
عن جريدة النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى