أوباما وإسرائيل
دينيس روس
بالنسبة لي، إنه لأمر استثنائي جدا أن أتحدث في الشؤون السياسية الداخلية.
لقد عملت في السابق في مناصب عامة تحت الإدارتين الجمهورية والديمقراطية، انطلاقا من إيماني بأن ثمة أمور لا ترتبط بالسياسة الداخلية ـ الحزبية. إذا، لماذا قررت مع ذلك الوقوف علانية إلى جانب باراك أوباما والعمل من أجله؟ ببساطة جدا ـ لأن الأمور المطروحة الآن على جدول الأعمال أهم من أي وقت مضى.
اليوم، نحن نعيش أزمات في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط. لا يهم إلى أين نوجه نظرنا- إلى الخليج، إلى العراق، إلى لبنان أو إلى غزة والضفة ـ فسنرى ايران تتحدى المصالح الأميركية ومصالح حلفائها. ايران تستخدم الفرض والإكراه والتهديدات والإرهاب في محاولة لإضعاف الأنظمة القائمة وهي تسلح حزب الله الذي يمتلك 40 ألف صاروخ في لبنان، وهي تسلح حماس التي تملك 2000 صاروخ في » ميني- دولة« الارهاب بغزة وتهدد إسرائيل يوميا.
في المقابل، تحولت ايران أيضا إلى قوة عظمى نووية. فهي تخصب اليورانيوم وحصلت على مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بمستوى متدن، وهي نصف الكمية المطلوبة لانتاج قنبلة نووية. لقد فشلت سياسة إدارة بوش في المسألة الإيرانية، وإذا لم ينجح الرئيس القادم في تغيير أنماط التصرف الإيراني، فستقف إسرائيل أمام خطر وجودي. وإسرائيل لا تستطيع أن تسمح لنفسها بأربع سنوات إضافية من التهديد المتزايد ـ وهي لا تستطيع أن تسمح لنفسها بأربع سنوات أُخرى من السياسة الأميركية القوية كلاميا والضعيفة عمليا وفعليا.
كنت برفقة أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل وأوروبا، وأدركت عن قرب أنه يفهم العامل الملح في التهديد الإيراني. لقد استغل اوباما محادثاته في إسرائيل كي ينقل رسالة إلى الزعماء الأوروبيين بشأن ضرورة تركيز مزيد من الضغط على ايران- الضغط الذي يمنع ايران من التحول إلى دولة نووية.
يدرك أوباما أن الضعف معد. وهو يدرك أن تقديم جزرة ضعيفة وعصا ضعيفة- كما يحصل الآن- لا يجدي نفعا. فنحن بحاجة إلى عصي قوية تؤكد للإيرانيين ما الذي من شأنهم أن يخسروه، وجزر قوي يُنقل اليهم مباشرة حتى يروا ما الذي يمكن لهم ان يربحوه في حال التخلي عن تطلعاتهم النووية. وحتى في حال فشلت المحاولة الديبلوماسية في نهاية المطاف، فإن حقيقة أن الرئيس تفاوض مع ايران بشكل مباشر وأنها اختارت مع ذلك نهج الرفض، سيوجد سياقا مختلفا كليا تجاه الخيارات الأكثر تصلبا وشدة.
كما سيهتم أوباما أيضا ومن دون أوهام، بعملية السلام العربي- الإسرائيلي. ليس من منطلق أن السلام مضمون، بل لأن حماس تربح عندما نبتعد عن عملية صنع السلام، وتنمو بفضل اليأس والاحباط. ومن الذي يخسر من كل ذلك؟ إسرائيل تخسر عندما يعاني العرب والفلسطينيون المستعدون لقبول امكانية التعايش من تراجع مكانتهم. إن المناصب الوظيفية التي شغلتها في الشرق الأوسط وصلاتي وعلاقاتي مع إسرائيل، شكلت في نهاية المطاف مصدر إلهام لتأييدي أوباما.
أنا أعرف بشكل شخصي تقدير أوباما لوضع إسرائيل المعقد والتزامه تجاهها. فهو يفهم أن إسرائيل والولايات المتحدة لا يمكنهما أن يسمحا بأربع سنوات إضافية تواصل خلالها ايران ويواصل خلالها المتطرفون الإسلاميون مراكمة الميزات الاستراتيجية. نحن بحاجة إلى زعيم يدرك كيف يستخدم كل مداميك القوة الأميركية وكيف يرمم تأثيرنا كي نستطيع أن نضمن وأن نحمي مصالح أصدقائنا. أوباما هو هذا الزعيم.
*نقلاً عن صحيفة “المستقبل” اللبنانية