فتاوى مجانية…!؟
جهاد نصره
حاولت وزارة التربية السورية منذ فترة أن تنفض يدها من منظومة التعليم الشرعي وهي خطوة رائدة لو قُيِّض لها النجاح..! فقد ارتأت الوزارة أن تتفرغ للعمل على الارتقاء بخططها التعليمة تاركة التعليم الشرعي في البلاد لأصحابه من المشايخ والمؤسسات الدينية التي لا تعد ولا تحصى وهي تسرح وتمرح بكل شرعية، و بمنتهى الحرية البكماء في بلد شبه علماني.! ومعروف أن وظيفة هذه المؤسسات الدينية كمثيلاتها في باقي الدول الإسلامية لا تزيد عن إعاقة النمو الطبيعي للجتمع وذلك عبر التوسع المطرد في تعميم الثقافة الفقهية.. وترسيخها..! لكن، هيهات..! فقد انتفض أصحاب اللحى.. وقاموا قومة رجلٍ واحد.. وشنوا هجوماً معاكساً على أصحاب الوزارة وأصدروا بياناً يمكن تسميته بـ ( إعلان الشريعة )..!؟
لقد أعلن المشايخ السوريون عن رفضهم المطلق لمحاولة الوزارة الغلبانة..! وخرج إعلانهم الصاروخي بحشوته الوهابية كتعبير صارخ عن معاداتهم للعقل أولاً.. و للحداثة مع استحقاقاتها الجمّة ثانياً..! وهكذا، فقد وجدت الوزارة نفسها على حين غرّة في مواجهة مكشوفة في غابة كثيفة من اللحى والعمائم في الوقت الذي بقيت فيه معزولة جرداء عوراء لأنها لم تجد من يناصرها بفعالية توازي فعالية الهجوم المضاد بالرغم من كثرة الأحزاب، والمنظمات، والتحالفات، التي تدعو في خطابها السياسي لإقامة دولة مدنية بالمعايير المعاصرة فكان أن تراجعت الوزارة عن محاولتها جارةً وراءها جلابيب الخيبة، والهزيمة.!؟
من جهتي، فقد انضممت بلا تردد إلى حملة المشايخ وإعلانهم الصاروخي ذلك لأنني وجدته واضحاً شفافاً لا لبس فيه..! وبدأت على وجه السرعة لدواعي دعم مشايخنا، بتسطير ما تيّسر من الفتاوى الاستباقية بما يلبي الحاجة لاحقاً وفق قانون ( الطلب والاستجابة ) وهو القانون المعمول به في العقد الفقهي العربي الأخير من قبل كافة المؤسسات الإعلامية التي ترعى نصرة الدين ورسوله الأمين فتخصّصت من أجل ذلك بكلِّ ما من شأنه ترسيخ سيادة المنظومة الثقافية الفقهية المتوارثة للحؤول من إمكانية الخروج عليها، أو مجَّرد مسّها بله اختراقها.!؟
ولم يطل الوقت فبعد العلم والخبر سألني فتى مسلم يدرس الماجستير في مدينة الضباب لندن عن فتوى تليق بإشكالية عشقه لفتاة رومانية تدرس معه وهي من غير دينه.. ومن غير قومه ومع ذلك وجد نفسه ( مطموساً ) بها إلى درجة أنه صار يحبها أكثر من شهادة الماجستير التي جاء من أجلها..! وإكراما لهذا العاشق الولهان.. ولغيره من العشاق كانت فتوى العشق أدناه:
إن العشق في الإسلام حلال زلال في كل الأحوال من حيث أنه سنة شريفة لا غبار عليها..! ولإثبات ذلك فقهياً وبالاتكال على سيدنا ( الطبري ) نذكِّر بواقعة أنه كان عند الرسول ـ محمد ـ ص مولى ( خادم ) اسمه الحقيقي ـ زيد بن حارثة ـ وقد وقع هذا الزيد كصاحبنا الذي يطلب مشورتنا في غرام فتاة رائعة الحسن والجمال اسمها ـ زينب بنت جحشس ـ لكن من دون أن تقابل عشقه عشقاً وهيامه هياماً على عكس محبوبة طالب فتوانا..! وقد حاول ـ زيد ـ التقرب منها بلا كلل ولا ملل من دون جدوى حتى صار يسقط أرضاً مغشياً عليه من روع الفشل، والإحباط، والمهانة..! وكان شقيقها ـ عبد الله بن جحش ـ يؤيد موقفها الرافض نظراً لانعدام التكافؤ بين الطرفين فزيد ليس أكثر من عبد تبناه الرسول ص فهو لا يضاهي عائلة بني جحش لا حسباً ولا شرفاً لكن الرسول الكريم وفور أن لجأ ـ زيدٌ ـٌ إليه، تدخل إيجاباً في هذه المسألة العوِّيصة ولم يستنكر فعلته وأمر الشقيق ـ عبد ـ بتزويج شقيقته ـ زينب ـ إلى حبيبها الولهان وهو ما حصل من دون تأخير..!؟
إذن: وعلى ضوء تصرف الرسول ص، تكون فتوانا بإباحة الحب سنة شريفة فاعشق أيها السائل الكريم وأنت مطمئن البال ومن دون التوقف عند مسألة اختلاف الدين والعرق بينكما شرط أن تنكحها بعد ذلك بالحلال فقد قال ـ محمد ـ ص : ( لم نر للمتحابين مثل النكاح )…!؟
وأرسلت امرأة تسألني عن صحة فتوى ( الضرب المتبادل ) التي أعلن عنها منذ أيام مستشار وزارة العدل السعودية الشيخ ـ عبد المحسن العبيكان ـ يبيح فيها للمرأة أن ترد على عنف زوجها بعنفٍ يماثله دون أن ينتبه إلى صعوبة ذلك على زوجة صغيرة لم تتجاوز العاشرة يبيح الإسلام تزويجها نقول: كان على مولانا المستشار أن يفتي بعدم جواز ضرب الرجل لزوجته بدل أن يفتي لها بالضرب ولكن، لأنه لا يجرؤ على فعل ذلك من حيث أن فتواه ستكون حينها متعارضة مع كثيرٍ من الآيات القرآنية التي تبيح تأديب الزوجة تأديباً صارماً، ومع كثيرٍ من أحاديث الرسول المعنية بشئون المرأة وضروب تطويعها..! فقد جاءت فتوى الشيخ العبيكان على هذا النحو الاستعراضي…!؟
وقد أرسل أحد الملاعين يسألني: هل ( الاعتقال ) حلال أم حرام.؟ ولطالب هذه الفتوى أقول:
إن الاعتقال، وبخاصة السياسي منه، حلال زلال فهو سنة شريفة لكن، يجب أن تتم عملية الاعتقال في شهر رمضان من كل عام فقط..!؟ وللتدليل على صحة فتوانا فقهياً نذكِّر بما جرى مع الشياطين الذين يزداد نشاطهم ووسوستهم في شهر الصيام بهدف إفساد صيام المسلمين لحرمانهم من الأجور والحسنات التي تتضاعف خلال رمضان المبارك..! لقد أمر رب العالمين باعتقالهم وتصفيدهم طيلة شهر رمضان من كل عام.. وإلى أبد الآبدين…!؟