كفانا معاهد ومدارس دينية!
ميشال شماس
مما لاشك فيه أن سرعة إلقاء القبض على مرتكبي العملية الإرهابية، لقي ارتياحاً واستحساناً واسعاً في الشارع السوري، هذا الشارع الذي يوصف دائماً بالمسالم والرافض للعنف.
وبهذه المناسبة لا يسعني إلا أن أسجل بمزيد من التقدير هذا النجاح لأجهزة الأمن السورية في سرعة إلقاء القبض على تلك المجموعة الإرهابية التي نفذت عملية التفجير الإرهابية على طريق المتحلق الجنوبي، التي أدت إلى استشهاد وجرح العشرات من المواطينين، إضافة إلى عمليات السطو المسلح على العديد من المحلات التجارية، وما كانوا يخططون له من عمليات أخرى تستهدف في النهاية سورية وشعبها.
إن الأمر الخطير الذي لفت انتباهي في تلك الاعترافات التي بثها التلفزيون السوري لأعضاء المجموعة الإرهابية أن أغلبية أعضائها كانوا من رواد أحد المعاهد الشرعية في دمشق. وكانوا يستفيدون أيضاً من أموال بعض الجمعيات الخيرية. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح يتعلق بمن هي الجهة التي تراقب ألية التدريس والمناهج التي يتم تدريسها في تلك المعاهد؟ وهل تخضع تلك المعاهد وتلك الجمعيات الخيرية للمراقبة فعلاً ؟ وهل سورية فعلاً بحاجة فعلاً إلى تلك المعاهد والمدارس الدينية؟ وماذا ستستفيد سوريا من آلاف الطلاب الذين يتخرجون سنوياً من تلك المعاهد والمدراس؟ وهل يحتاج تدريس القرآن الكريم لهذا العدد الكبير من المدراس والمعاهد، وكذلك الإنجيل المقدس وإن كان بنسبة أقل؟
إن ما تحتاجه سورية اليوم بالتأكيد ليس إلى تلك المعاهد والمدارس الدينية التي انتشرت حتى في القرى، بل إلى مدراس ومعاهد تهتم بالتربية والتعليم وتحسين نوعيته خاصة في مجال العلوم الحديثة كالتقانة والمعلوماتية والحاسوب والإلكترونيات، التربية الوطنية، وحدة المجتمعات وسلامتها واستقرارها،البيئة و التلوث و تدهور الموارد الطبيعية، التربية السكانية، الصحة و الجنس و الأمراض المصاحبة ” مثال الإيدز”، المخدرات و الوقاية منها عن طريق التوعية… وذلك بدءاً من المرحلة الابتدائية مروراً بمرحلة التعليم الأساسي والثانوي وصولاً إلى التعليم الجامعي والعالي، وربط ذلك بسوق العمل وبما يتناسب ومتطلبات التنمية الوطنية القادرة على المنافسة..
والمفارقة الغريبة أنه في الوقت الذي يجري فيه التضييق على عمل منظمات المجتمع المدني وبخاصة الأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام ، جرى السماح بافتتاح الكثير من المعاهد والمدارس الدينية في مختلف المحافظات والمدن والمناطق السورية، كان أخرها السماح للقبيسيات بالنشاط العلني في التدريس الديني، والتي يحاول القائمون على تلك المعاهد والمدارس الدينية المسيحيية والإسلامية نشر الثقافة الدينية ليس وفقاً لما ورد أساساً في الإنجيل والقرآن، بل كل وفق منظوره ورؤيته الخاصة للدين، علماً إن بعض تلك الجمعيات والمدارس الدينية شكلت تاريخياً الوعاء الذي انطلقت منه الحركات الدينية الأقصائية والتكفيرية تحت شعار” الجهاد في سبيل الدين والله”. وكأن الله “الكلي القدرة” يحتاج إلى من يجاهد في سبيله من بني البشرالذين سبق أن أنزلهم الله من الجنة بعد أن أكل آدم وحواء تفاحاً من شجرة التفاح بالرغم من تحذير الله على ما قرأنا في التوراة والإنجيل والقرآن..
لذلك لم يكن مستغرباً أمام كثرة اللاءات والمحظورات والممنوعات التي قيدت عمل منظمات المجتمع المدني ومؤسساته المختلفة وفي المقدمة منها عمل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والإعلام ..الخ ، أن يلجأ هذا المواطن إلى الكنائس الجوامع والجمعيات والمعاهد والمدارس والحركات الدينية، ليس لأنها تؤمن له الغد الأفضل المشرق، بل لكونها فقط أصبحت المجال الوحيد المتاح أمامه الذي يستطيع دخوله دون أن يعاقب أو يلاحق. فيدخل المواطن إلى تلك الجمعيات والمدارس الدينية، وهو يجهل امتلاكها لأية آفاق سياسية، أو تصورات ذات قيمة، أو أنها تتحلى بفكر حديث، ورؤى عصرية يمكن التعويل عليها في حل المشاكل التي يعانيها أو حمايته من الأخطار التي تهدده . فاستغلت تلك الجمعيات والمدارس والحركات الدينية مشاعر الناس الكامنة والمعادية لثقافة االكبت السائدة، واستغلت أيضاً مشاعر العداء المتزايد للغرب، لتعبئة رأي عام داعم لها في أوساط العامة من الناس. وقد نجحت إلى حد ما في توجيه كل تلك المشاعر لمصالحها السياسية الخاصة، واستطاعت أيضاً أن تستقطب بذلك شرائح واسعة في الشارع العام الجاهز، والمخدر بثقافة الغيب والتغييب، والتعويل المستمر على السماء في حل كافة المشاكل المزمنة والأزمات المستعصية التي تعانيها مجتمعاتنا.
وحتى لايُفهم من كلامي هذا، أنني ضد أن يقوم رجل الدين بأي دور في مجتمعنا أو في أي مجتمع أخر على هذا الكوكب. بل على العكس من ذلك ، فأنا مع الدور الحقيقي والصحيح لرجل الدين ومايجب أن يكون عليه الدور الذي يجب أن يؤديه سواء داخل الكنيسة أو الجامع أو في أي مكان أخر، في توجيه الإنسان إلى الالتزام بمنظومة القيم الروحية والأخلاقية، وإلى الوقوف بوجه الانحراف والفساد بكافة أشكاله سواء كان في السلطة أم في المجتمع و المشاركة والمساهمة في المواقف الوطنية والسعي لتحرير المجتمع من سطوة الجهل والظلم ومقاومة الاحتلال ..الخ. وليس في الدعوة إلى تكفير الأخر وقتله، أوالإفتاء لتبرير سلوكيات الحاكم واختلاق كل مايبرر انحراف حكمه وطغيانه على المحكومين.
لقد علمنا التاريخ ومازال يعلمنا -إذا أردنا أن نتعلم – إنه إذا كان ليس بالاستبداد تُبنى الأوطان، فإنها لم ولن تبنى أو تتطورأيضاً بسياسة استرضاء الحركات والجمعيات والمدارس الدينية والسماح لها بالنشاط كيفما كان. فالدولة الدينية تاريخياً فشلت في حماية نفسها ولم تستطع الاستمرار والصمود بالرغم من وصولها إلى حدود الصين شرقاً وإلى اسبانيا غرباً، فانهارت وانقسمت إلى دويلات وإمارات وممالك، لازالت تتخبط في تخلفها، مما أدى إلى اتساع الفارق الحضاري بينها وبين بقية الدول المتطورة.
وكذلك أيضاً فإن الأمن على أهميته القصوى في استقرار أية دولة، لا يكفي وحده للمحافظة على استقرار تلك الدولة وأمنها ونجاحها في عملية التنمية، وفي مقدمها تلبية الحاجات المتزايدة لشعبها، وتأمين قدر معقول من الحياة اللائقة لمواطنيها. وإلا لما كان انهار نظام الشاه في إيران، ومن بعده الاتحاد السوفييتي..الخ.بل لابد من تحويل مسؤولية الأمن، من مسؤولية فردية محصورة بجهة معينة، إلى مسؤولية جماعية يشترك فيها جميع المواطينين سواء من داخل جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أو من خارجها على قاعدة المساواة والكفاءة.
إن جل ما نحتاجه اليوم في مجتمعاتنا العربية حتى نستطيع هزم التطرف في عقولنا وفي مما رستنا الفكرية وسلوكنا اليومي، هو أن يُتحاح لنا ممارسة حياتنا بحرية وانفتاح على بعضنا البعض في إطار فكر وسياسة تتسع للجميع بعيداً عن أي قسر أو إكراه أو إقصاء أو تهميش أو إلغاء على قاعدة مبدأ المواطنة بصرف النظر عن الجنس واللون والعرق أو أنتماء سياسي أوديني .
( كلنا شركاء ) 8/11/2008
ميشال أنت تحارب الدين بكلامك وليس الدين إلا ركائز الأخلاق والمسيحية والاسلام كلاهما حرما القتل وعندما لجأ الناس ليروا الدين كل واحد بحسب منظاره تقسموا إلى مذاهب وأصبحوا أعداء ألداء كعداء الكاثوليك للبروتستانت وفي الاسلام هناك طائفية أقل ظهوراً ومؤخراً كانت هناك هجمة على ايران بقالب ديني ذو هدف سياسي لذلك رأيك هو كمن يقول اتبعوا الشيطان وستسلمون وأنت من الواضح لاتحب الدين وهذا رأيك ولكن الانجيل ليس فيلم لتشاهده وتتكلم عنه كما تشاء بل هو كتاب الله ولايجوز مخالفته وكذلك القرآن أم أنك تريد الاعتراض على الخالق بدعوى حرية الرأي وهو إذا خارج إطار المنطق فلاداعي للنقاش من أساسه