صفحات سورية

إيران وأوباما: حوار خطر

سعد محيو
نظريتان متناقضتان حيال مستقبل العلاقات الإيرانية  الأمريكية في عهد باراك أوباما.
النظرية الأولى تقول أن فرص الوفاق بين الرئيس الديمقراطي الجديد وبين الحرس بشطريه القديم (أحمدي نجاد) و”الجديد” (تيار خاتمي) واردة بقوة، خاصة بعد أن وعد أوباما بإبعاد المسدس عن صدغ طهران ومد يد المحادثات السلمية إليها.
وترى هذه النظرية أن نقاط الاتفاق المحتملة بين الطرفين تشمل: منع تفكك العراق وانفجار الحرب المذهبية فيه؛ إلحاق الهزيمة بحركة طالبان في أفغانستان؛ تجنّب اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط تنضم إليه مصر وتركيا والسعودية؛ تطوير موارد الطاقة في إيران واستخدامها لمنع روسيا من ابتزاز أوروبا نفطياً.. الخ.
أصحاب النظرية الثانية لاينفون إمكانية توصّل طهران وواشنطن إلى اتفاقات مرحلية، خاصة أنه سبق لهما أن أبرمتا في السابق “صفقات” من هذا النوع سمحت للولايات المتحدة باجتياح أفغانستان ثم غزو العراق. لكنهم يرون عوائق رئيسة أمام إمكانية إبرام صفقة كبرى سواء داخل إيران أو بين حلفائها العرب.
أبرز هذه العوائق وجود مصالح اقتصادية وسياسية عميقة لدى المتشددين الإيرانيين والعرب تدفعهم إلى العمل للحؤول دون تحقيق مصالحة أمريكية-إيرانية. فعلى الصعيد الداخلي الإيراني، يدرك المتشددون بأن من شأن علاقات إيرانية أفضل مع واشنطن أن تقود إلى إصلاحات وتنافسات قد تهدد الاحتكارات شبه التامة التي يتمتعون بها والتي توفرها حالة العزلة المفروضة على البلاد.
وبين حلفاء إيران العرب قد تعني إمكانية الوفاق بين الولايات المتحدة وإيران بداية النهاية لمصدر تمويلهم الرئيس. لهذا السبب، حين يبدأ الحوار الجدي بين الطرفين، هذا إن بدأ، سيحاول المعرقلون نسفه، وسيتبعون تكتيكات متنوعة في هذا الصدد. فقد يصدرون بيانات لاهبة، وقد يستهدفون جنوداً أمريكيين ومصالح أمريكية في العراق أو أفغانستان، أو قد يكشفون عن شحنة أسلحة آتية من إيران “تُكتشف” وهي في طريقها إلى جنوب لبنان أو قطاع غزة بهدف ترك بصمات من شأنها نسف أي فرصة للتقدم الدبلوماسي.
وكما في إيران والمنطقة، كذلك في الولايات المتحدة.
فالقوى الرافضة لأي وفاق مع الجمهورية الإسلامية تضم هي الأخرى مروحة واسعة من المصالح تشمل: اللوبيات اليهودية المتطرفة والحركة الصهيونية؛ المجمع الصناعي  العسكري الأمريكي الضخم؛ القوى الإيديولوجية المسيحية الداعية إلى صدام الحضارات.. الخ.
أي النظريتين الأقرب إلى الصواب؟
الثانية، وبامتياز أيضاً. وهذا لسبب جوهري: أمريكا لم تتخل عن شعار تغيير الأنظمة غير الموالية لها طيلة 100 عام من الزمن، وهي طبّقته على قوة عظمى كالاتحاد السوفييتي ونجحت في ذلك. وبالتالي، من باب أولى ألا يكون وارداً أن تتخلى واشنطن عن تغيير نظام يتحداها في عقر دار سلطة الطاقة النادرة في العالم: منطقة الخليج.
هذا لا يعني أن الحوار الذي ينوي أوباما إجراءه مع طهران سيكون غير ذي جدوى، لكنه وفي الدرجة نفسها لن يكون حتماً محكوماً بالنجاح.
وحين لا يكون النجاح ممكناً، يصبح الفشل وارداً في كل لحظة.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى