أين الحركة الكردية في سوريا من رياح التغيير الديمقراطي
كتبت بتاريخ مارس , 2008
ديار أحمد
عانت الحركة الكردية في سوريا من سلبيات كثيرة رافقت مسيرتها الممتدة لحوالي نصف قرن من الزمن أثرت على نضالها في سبيل تحقيق الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا , وخلال هذه الفترة لم تستطع الحركة إصلاح نفسها من الداخل لمواكبة التطورات الكبيرة على الصعيد الدولي أو المحلي.
ففي الوقت الذي حدثت تطورات جذرية في العالم وأفول نجم الأحزاب المركزية وانحسارها في مناطق غير قليلة من العالم ومن بينها بلادنا وانتشار المفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الاختلاف في الرأي وتداول السلطة بالأساليب الديمقراطية وتطور وسائل الإعلام وانتشار الإنترنت والفضائيات فان الحركة الكردية وكذلك النظام في بلادنا ظلتا أسيرة العقلية الفردية والمركزية المفرطة وقمع الرأي الآخر وتصفيته إن أمكن.
وإذا كان النظام يتسلح بقوانين الطوارئ والأحكام العرفية لقمع كل صوت حر فان القيادات الأبدية بالحركة الكردية تتسلح بشتى الوسائل لمحاربة كل رأي مخالف لمصالحها الشخصية داخل أحزابها ولعل هذه الظاهرة بالإضافة إلى عوامل أخرى هي إحدى أهم أسباب الانشقاقات المتتالية في الحركة الكردية في سوريا وربما في الأحزاب العربية والآشورية أيضا. وكمثال على هذه<span
</span
dir=”ltr”> الظاهرة والنموذج الفريد في العالم حالة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا وان لم يكن الوحيد إلا انه الأقدم في هذه المنحى لأنه حافظ على أبوابه مغلقة أمام رياح التغيير والتجديد على الرغم من تجاوز الأحزاب الشيوعية للكثير من تقاليدها الاقصائية للرأي الآخر وظاهرة عبادة الفرد والتي كانت مضرب المثل فيها,فالسيد حميد درويش وحزبه دخلا موسوعة غنيس للأرقام القياسية في العالم ولم يبق له أشباه في العالم بعد ان تنحي السيد فيدل كاسترو عن الحكم في كوبا قسرا بسبب المرض ليس إلا ولمصلحة أخيه حصرا……..؟! فهاهو السيد حميد درويش يتربع على زعامة حزبه زهاء نصف قرن من الزمن عاصر فيها ظروف الحرب الباردة ونواتجها الإيديولوجية وقادتها وعظام أمورها ورحل من عالمه كل ذلك إلا انه بقي هوعصيا على التغيير لايأبه بما يجري سوى بالقول والتأكيد لمن حوله بان استمرارية الشعب الكردي في سوريا مرهون ببقائه وما على الرفاق في حزبه إلا الدعاء له بطول العمر والبيعة الاجماعية كي يكون هو المرشح الوحيد الأوحد لسدة السكرتارية ودون أن يقدم أحدا من رفاقه لهذه المنصب ولو من باب الدعاية والتجميل والشكلية لابل وممثلا لحزبه في كل صغيرة وكبيرة ضليعا وعالما بكل شيء ولاغير سواه…….؟.إن مطالبتنا بتطوير الحياة الحزبية للحركة الكردية في سورية وفق أسس ديمقراطية لا يقلل من احترامنا لنضال قادتها ومنهم السيد حميد درويش حتما إلا أن إكمال المسيرة يفرض عليه إتباع المسالك التي من شانها تسليم زمام القيادة للأجيال اللاحقة من بعده ومن المؤكد بان حزبه بات يمتلك العناصر الكفوءة والمثقفة والقادرة على إكمال المهمة التي حملها هو وإلا فما معنى أن يمض نصف قرن من الزمن دون إيجاد البديل إن حدث فراغ مفاجئ..………….؟أليس حريا به الإقتداء ببعض المناضلين من أمثال نيلسون مانديلا المناضل الإفريقي الذي أمضى حياته بالسجون عربونا لقضيته وخرج منها ليسلم المهمة للمؤهلين غيره على الرغم من انه كان ولا يزال يحظى بإجماع شعبي واسع على الصعيدين المحلي في بلاده وفي أنحاء العالم وبالمناضل السوري العريق رياض الترك الذي خرج هو أيضا من السجن بعد ثلث قرن من الزمن ليترك القيادة لرفاقه الآخرين وليستمر معهم في النضال من موقع آخر في حزبه ………….. لقد مضى إلى غير رجعة زمن التفرد الأبدي بالقيادة لمبررات الحاجة والضرورة والظروف الاستثنائية وحلت محلها البديل التشاركي وإفساح المجال للطاقات الخلاقة كي تساهم في بناء الأوطان عبر المؤسسات المتاحة لها من الأحزاب والمنظمات التي تعني بشؤون المجتمعات …وذلك باعتماد التداولية وتحديد مدة القيادة بزمن محدد ووفق هذا المبدأ رأينا ونرى قادة عظام تركوا القيادة على مستوى الدول وهيئات المجتمع الدولي ليدخلوا التاريخ من أبوابها العريضة تاركين ورائهم القدوة الحسنة وإحساسهم العالي بالمسؤولية تجاه من منحوهم الثقة في القيادة وتقدمت دولهم وأحزابهم أشواطا بعيدة في ميادين الرخاء والحيوية .إننا لا نتمنى خلق وتكرار الظاهرة التوريثيية على صعيد الحياة الحزبية الكردية في سوريا والتي بدأت مع تسليم الأمانة العامة للحزب الديمقراطي الكردي السوري من الشيخ محمد باقي لابنه السيد جمال وما يتردد حاليا بان السيد حميد درويش قد بدا يسلم السكرتارية من الناحية الفعلية لشقيقه صلاح معتمدا على مجموعة من المهللين والمصفقين في حزبه من المشبعين بثقافة المرحلة الإقطاعية في بلادنا والذين يشككون بقدرات القيادة الجماعية ويحاججون بنفس مبررات السلطة لإبقاء الأوضاع في حزبهم مثلما كانت عليه في منتصف القرن الماضي وشعبنا ينشد الديمقراطية واحترام حقوقه على صعيد الوطن ولامناص من القول بان فاقد الشيء لا يعطيه