صفحات ثقافية

ندوة الأدب النسوي بالجزيرة العربية: زينب حفني …نموذج

null
متابعة هند الهوني
في بادرة هي الأولى من نوعها أقامة المنظمة العربية للإعلام الإلكتروني ندوة عن ” الأدب النسوي فى الجزيرة العربية ” وذلك بإستضافة وحضور الأديبة السعودية زينب حفني كنموذج ، تمت فعاليات الندوة بمدينة طرابلس الليبية – حيث مقر المنظمة الرسمي- والتي أستمرت على مدار يومين من شهر سبتمبر الجاري ، حضرها عدد من الأدباء  والفنانيين والإعلاميين العرب بالأضافة إلى أعضاء من السلك الدبلوماسي وقنصل لبنان فى ليبيا و أمين عام مركز أبحاث ودراسات الكتاب الأخضر ومدير الهيئة العامة للصحافة بليبيا .
أفتتحت الجلسة الأولى بكلمة من امين المنظمة العربية للاعلام الالكتروني الكاتبة هالة المصراتي ذكرت فيها أنه  ” قبل عام أنعقد المؤتمر العربي الأول للإعلام الإلكتروني وعنه انبثقت المنظمة العربية للإعلام الإلكتروني  و التي يشرفنا إن تستهل أنشطتها بهذا المحفل الثقافي التزاما منا    بترسيخ أهداف هذه المنظمة والتي من ضمنها  وأهمها إن الكلمة رسالة وأمانة ، وإذ كان البعض ممن صنفوا مؤخراً بالأدباء  قد سخروا من الساحات والمواقع الإلكترونية متنفساً لهم واستغلوا الحرية  المتاحة فيها من أجل  النفاذ و الكتابة بطريقة مسيئة لنا وغير مسؤولة وينجلي عنها مخاطر لا يمكن استيعابها الآن  وإنما يمكن تلمسها مستقبلاً  ، في حين حرص ربابنة الأدب على أستغنام هذه الوسائل المتحضرة لتعزيز حضورهم ولمد جسور التواصل والتقارب مع غيرهم من المثقفين والأدباء في جل الأقطار حاملين على عاتقهم
“إن الأدب رسالة  إنسانية راقية  وجب احترامها ”
ومن هنا يأتي دورنا كمنظمة عربية للإعلام الإلكتروني تهتم بالشأن الثقافي الإعلامي وتحرص على  إن يكون الأدب العربي ملتزم في حيثياته ومضامينه و سياقه  ونرفض ما خالف ذلك وإن كان الإعلام الإلكتروني هو محل ميلاده .
اليوم زينب حفني نموذج  قلم نسائي  من  منطقة الجزيرة العربية كتبت عندما غابت الأصوات النسائية  في فترة ظهورها ، نبذت الظواهر السلبية في مجتمعها بجرأة مسؤولة  ، حضرت في الإعلام الإلكتروني  وتواصلت مع محبيها من خلال شبكة المعلومات الدولية   بشكل مشرف من خلال موقعها على الشبكة  الإلكترونية ..  تلك  الرائدة التي لم تكن نموذج مخلاً يستحق إن نحتفي به ، وإن نتواصل معها  على أرض الواقع ”
من ثم بدأت الندوة برئاسة الأستاذ فتحي نصيب في طرح الأوراق المُشاركة حيث كان في مستهلها  …
•    ورقة الأديب والناقد المغربي الأستاذ محمد أسليم  عن ” محظور الكتابة وكتابة المحظور فى كتابات زينب حفني السردية ” جاء فيها
” كتابات زينب حفنى عامة تتصف بالتكامل بين مقالاتها وأستجواباتها الصحفية وأعمالها الأدبية أنها تسخر مجموعة ما تكتب لقضية واحدة وهي الدفاع عن المرأة والسعي لتغيير الذهنيات والثورة على التقاليد لهذا السبب تصنف بــالكتابة النسوية أو النسائية وهذا يدرجها ضمن حركة عامة تتأصل فى الغرب حيث بدأت مطالب المرأة التحررية منذ القرن 10م .
عناوين أعمال زينب حفنى السردية تبين أن الكاتبة تُحضر الموقع الذي تكتب منه والقضية التي تدافع عنها إنه موقع لا يتغير ودفاع عن قضية واحدة لا يتم ذلك بطريقة عفوية وإنما عن اختيار وسبق إصرار .
تزاوج زينب حفني بين نوعين أدبيين “القصة القصيرة – والرواية” كل نص من نصوصها القصصية القصيرة قابل لآن يشكل موضوعا لعمل روائي منفرد وربما هذا ما قامت به في روايتها ” لم أعد أبكي” التي تعيد نسج خيط رابط بين مجموعة من حكايات مجموعتيها ” نساء عند خط الإستواء” و ” لم أعد أبكي” ، الكتابة عند زينب حفني تشبة عمل الإنثوغرافي مما قد يعزز وجاهة هذه الملاحظة كون المؤلفة توقفت عن الكتابة القصصية فيما يبدو لتخصص في الرواية من جهة واتهام البعض إياها بأن أعمالها أقرب إلى البحوث الإجتماعية منها للكتابة الأدبية من جهة ثانية .
إلى جانب خرق ممنوع الإسلام متمثلا فى تسخير الكتابة لمجال غير الذكر تمعن الكاتبة فى تقديم أجواء مغرقة فى انتهاك القواعد الإجتماعية المفترض أنها ترتكز على الإسلام ، أبرز هذه المجالات ” الفصل بين الجنسين /السلطة الذكورية / أولية إعادة الإنتاج أو ما يُصطلح علية بــالإيصال الثقافي”
أن أعمال زينب حفني السردية فى تقديم مشاهد لإنتهاك هذا الممنوع  من لدن الجنسين معا بل ومن كافة الشرائح الإجتماعية ، هذا الإختلاط يتجاوز مجرد الأختلاط إلى ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج ، يستوى فى ذلك رجال ونساء ، عزب ومتزوجون ، عازبات ومطلقات وأرامل ، بل وحتى متزوجات كما في رواية ” ملامح” ومعنى ذلك أن مقولة الشرف التي –إلى جانب الرجولة – تشكل ما يؤسس سلطة الأب ، تجد نفسها فى أعمال زينب حفني مضروبة فى الصميم هذا ما لن يقبلة المتدينون والحداثيون على السواء واقعيا أو روائيا ، الجنس فى أعمال زينب حفني يأخذ طابعا مأساويا ومن ثمة لا تندرج نصوصها فى الكتابة الخليعة أو الإباحية كما يتردد خطأ بل تأخذ منحي أخلاقيا بل وحتى تربويا ، الجو الغالب فى ” نساء تحت خط الإستواء ” و ” هناك أشياء تغيب” هو تقديم المرأة باعتبارها ضحية للرجل ، هذه الرؤية تخفت فى ” لم أعد أبكي” لفائدة خطاب يقدم المرأة والرجل معا باعتبارهما ضحيتين للعرف والتقليد ، السلطة الذكورية حاضرة بقوة في كتابات زينب حفني وتشكل حجر عثرة أمام نماذج التحرر النسائية ولكن بموازاتها نجد نماذج أخرى ترفض الأمثتال لهذه السلطة ممثلة فى الزوج أو الرجل عموما .
فى كتابات زينب حفنى تتعدد أشكال الإيصال الثقافي دون أن تفضي إلى بلورة نموذج محدد ما يعكس حركية المجتمع السعودي الآن التي وحده المستقبل سيجيب عما ستفضي إلية لكن فى ما وراء هذه البلبلة الظاهرية ، يمكن التأكيد بأن النموذج السائد فى جميع هذه الكتابات هو نموذج التحول ويأخذ شكلين ..
–    التحول على نموذج التجديد رائداته نساء يساهمن فى التحول الإجتماعي عبر
. حرية أختيار شريك الحياة بدل إناطة هذه المهمة بالجماعة
. ممارسة الجنس قبل الزواج
. البوح بالرغبة والتعبير عنها
. تناول الخمر
. قبول الوضع الإعتبارى للمرأة المطلقة ما يرفضة المجتمع التقليدي رفضا قاطعا
. رفض خيانة الزوج أو استحواذه على راتب شريكة حياته ومناهضة ذلك بقوة تبلغ درجة القتل أحيانا كما فى بطلة ” وباتت متورمة الجفنين”
–    التحول داخل التكرار تشكله جماعة الرجال بشتى أصنافهم وفئاتهم أرتباط الرجال بعلاقات خارج مؤسسة الزواج قد يكون تنازلا منهم عن حقهم فى تعدد الزوجات الذي يمنحهم إياه التقليد وبعض عناصر مؤسسة الخفي تحضر ولكنها تكف عن أداء الوظيفة المناطة بها فى التقليد من ذلك الشيخ الذي يزاوج بين الرقية الشرعية وأغتصاب النساء .
الملاحظ أن أعمال زينب حفنى تثير الجدل واللغط فى المنابر الورقية أكثر مما تثيره فى الأنترنت قد يكون هذا طبيعيا بالنظر لإستناده على تمثل ضمنى للكتابة يمتح من التقليد ، الكتابة عن شئ تمنح معرفة به وتعطية وجودا موازيا ومعادلا لوجوده الواقعي ، المنتديات والمواقع التي تجرح فى الكاتبة وتكفرها قليلة جدا بالمقارنة مع تلك التى تخبر بإصداراتها أو تعرض قراءات في بعض أعمالها أو تجرى معها وهذه مسألة ذات دلالة بالنظر إلى التفوق الكمي للمواقع الإسلامية عن نظيرتها الأدبية والثقافية ، الأحكام الصادرة ضد  الكاتبة قاسية جدا ترتكز بالأساس على لقاءاتها الإعلامية ولا تميز بين الكتابة الأدبية للمؤلفة ومقالاتها الإعلامية وجل الشاجبين لم يقرأوا ما يدينون تماما كمعظم  الذين تظاهروا ضد رواية سلمان رُشدي .
•    فى حين وصفها الشاعر صلاح عجينة  من خلال ورقتة عن – زينب حفني الشاعره-
“” مورد خطاب متداعٍ، يبدأ بتحرير المرأة المعتقلة في سجن كبير اسمه الرسمي الوطن العربي السعيد ولا ينتهي بالنداء لصياغة أكثر عدالة لهذا الكائن المشبع برهاب المعتقلات المختلفة “” وذكر أيضاً “” شعرية حفني لا تنشغل بقدح الذاكرة الثقافية وعبقريتها لإنجاز أطروحة شعرية بقدر تفعيل الفكر من خلال الشعر، فهي حُصالة ثقافة ونضالات وأشياء بين ذلك، شعرها عمل محايث لمشروعها الأصيل في الكتابة ألا وهو السرد بنفسه الطويل والقصير، تأتي تجربة زينب حفني كانتزاع لحضور الأنثى المحرم في فترة ما قبل الفقاقيع أو الانفلاتات،
ميزة زينب وجيلها أنها تأتي كعلامة للحضور المستحق الذي يقدح من نار الحقيقة الثقافية وحقيقة الموهبة وحقيقية السؤال الذي يندحر في قلبها الخفوق.
بعد قراءة – التابلوهات النثرية- كما تطلق زينب على أشعارها سكني شعور غريب خلاصته الوحيدة أن عيني امتلأت بغبار معارك التغيير في مجتمع الأسرار، شعرها بكل صخبه وعنفوانه وتجلياته في التحريض والقول والإنشاد، بكل صوته المرتعش وبكل عذوبته إنما هو امتداد قصير لتجربة أخرى أو كأنها فسحة تحتاجها الروائية المكرسة في عالم السرد الشاسع ،
شعرها يختلف عن سردها، شعرها بأسره رسالة رومانسية تبدأ في أول مجموعتها (امرأة خارج الزمن) إلى أخرها، فيضٌ من الشعورات العاطفية الاستثنائية تبوح من خلالها الأنثى بكلمات ٍ جهور، كلماتٌ ذات حرار عاطفي حالم وموغل في الشعرية.
جرأة شعرها تختلف عن جرأة سردها، ففي الشعر تلتزم زينب بالإفصاح عن الشبوب العاطفي فقط، إنها ترسم سحابة الحب على الأرض اليباب، الحب العذري في كلياته ودقائقه.
•    الأستاذ القاص فتحي نصيب  الذي تناول ” خصائص القصة القصيرة عند زينب حفني ”  بدأها  بمقولة الأديب إمبرتو إيكو  عن أن هناك تصوران تاريخيان لفهم العمل الأدبي .
–    التصور الأول يعنى بالكشف عن الدلالة التى أرادها المؤلف أو على الكشف عن طابعها الموضوعي
–    التصور الثاني يرى أن النصوص تحتمٍلُ كل تأويل .
وقد أشار إلى أنه يتفق مع هذا الرأى وإقترح تصور ثالث أتخذه معيار لتحليل نصوص الأديبة زينب حفنى فى مجموعتيها القصصيتين ” نساء عند خط الإستواء ” ، ” هناك أشياء تغيب” والذي تركز على الموضوعات المرافقة للنص  وقد أسماه ” تحليل مرفقات النص” وهي تلك الموضوعات التي تأتي دون وعي الكاتب نفسة – كما أستطرد قائلاً – النصوص القصصية كمجموعة متكاملة تكشف لنا عن الدلالات المختفية وراء الكلمات المستخدمة فى النصوص ،   ويشتمل التصور  على العناصر التالية …
. الراوي أو ضمير القص
. عنصري الزمان والمكان
. حضور الأسم
ومن خلال تحليلي لمجموعتي زينب حفني وجدت أن مجموعة ” نساء عند خط الإستواء ” الصادرة عام 1966  عشر منها  جاءت بضمير الغائب وقصتان بضمير المتكلم ، في حين مجموعة ” هناك أشياء تغيب ” الصادرة عام 2000 خمس قصص منها جاءت بضمير الغائب وست قصص بضمير المتكلم .
زينب في المجموعة الأولى والأسبق زمنياً تقدم لنا واقع المرأة وعلاقتها بـــ ومع الرجل وكأنها مراقب محايد فهي الشاهد  ، تريد الإحتفاظ بمسافة بينها وبين من تروى عنهم  بحيادية وعدم تأثر ، وهي أن يقتصر الراوي على السرد من أن يبدى رأية فيما يروي لان التعليق والتفسير وإصدار الأحكام هي تدخلات من جانب الراوى فى القصة .
حين طغى ضمير المتكلم فى مجموعتها الثانية  أظهر أنحياز الكاتبة وتخليها عن حذرها فى المجموعة الأولى  لان هناك خلط كبير لدى القراء والنقاد فى الإعتقاد  بالتطابق بين الكاتب والراوي .
من الملفت فى مجموعتي زينب غياب  عنصر زمن القص وإن كانت هناك بعض الإشارات التي تومئ إلى أحداث معينة ولكنها لاتلجأ إلى التحديد الزمنى ، أما عنصر المكان فمن مجموع “23” قصة لانجد ذكر وقوع الأحداث إلا فى “6” قصص وهذه الأماكن هي “3 ” فى السعودية وواحدة فى كل من باريس ولندن وبيروت ، والدلالة التي يمكن إستشفافها من غياب عنصري المكان والزمان هي أن الكاتبة أما أنها تخشى من تحديد مكان الأحداث وزمانها أو تريد أن تكتب عن قضايا المرأة بالمطلق  دون تحديد أو تأطير  فمن المعروف أن هناك زمن متسلسل “ثرونولوجي” وهو زمن ثابت نوعا ما كالسنة واليوم والنهار ….ألخ  ، وهناك زمن نفسي  “سيكولوجي” يتأرجح بطريقة مختلفة تبعاً لإنفعالاتنا .
الكاتبة  – كما يتصور الاستاذ نصيب- تلجأ إلى الزمن الثاني  وفي إشارة دالة منها  كتبت فى إستهلالية قصة ” حمام الزرقاء”  حدثت وقائع هذه القصة فى مكان ما بأحد البلدان العربية .
أما حضور الأسماء وغيابها فى مجموعتي زينب حفني يشير الدكتور نصيب أنها لا تحمل أسماءٍ للشخصيات الرئيسية بإستثناء قصة واحدة “طقوس غير شرعية – فاطمة” وإن كانت الشخصيات الثانوية تحمل أسماء بصرف النظر عن ما إذا كانت القصة بضمير الغائب أو المتكلم  ، من خلال هذه الدلالات يتقدم المُحاضر بفرضية مفادها  أن الكاتبه تميل إلى أن تكون شاهدة على واقع المرأة في إنكسارها أو تمردها وأنها  تعني بالمرأة  دون تحديد لزمان ومكان محدودين ترتكز على النفسي الإنفعالى  أو العاطفي وهي ترفض الواقع الذي تعيشه المرأة والمفروض عليها .
•    تناول الشاعر صابر الفيتوري   قراءة فى مجموعة  زينب حفني الشعرية ” أمرأة خارج الزمن ”  جاء فيها  …..
” امرأة ..خارج الزمن” مثال حقيقي يجسد وعي الأنثى بدورها والتزامها الضمني لمعالجة أزمات الواقع المعاش ، فنجد “حفني” تعول على المضمون المعاصر لمشاغل الأنثى ،ويمكن أن نلامس هذا المعني في المجموعة الشعرية في تعبير جلي  يتوق إلى الخروج عن الزمن المعاش إلى زمن أخر  أفضل  ، زمن المرأة الذي يحتاج إلى نظرة فاحصة تصلح منه وتغيره وبالموازي هذا يعيدنا إلى إنها محاولة للخروج عن رتابة ونمطية الشعر العربي الحديث أي إلى النفاذ من زمن الشعر برمته إلى براح تعبيري أكثر استيعابا ..
من الوهلة الأولي لتصفح المجموعة  يتبين لنا أننا بصدد الولوج إلى قراءة شاعرة تحاول كتابة ذاتها وقول ما يعتمر في النفس ومن منطلق بيئتها التي حرصت على عدم إحداث أي صدام بها وتحت معنون ” أرفض هذا الحب ” وهو نص اقرب إلى الومضة تقول :-
“أرفض حبا يتسكع في الطرقات
يمارس أساليب العشق الرخيص
المباع بأبخس الأثمان
لا أريد هواي يعيش طفلا شريدا
أضع عليه الوصاية
أتلصص عليه من ثقب الباب
أحاصره بجنون من الأتباع
أريد له الحرية
والتنفس بشمم وإباء”
ونحن نستعرض  عناوين نصوص المجموعة نجدها قد جاءت في صيغ مباشرة غير مبهمة ولا عصية الفهم وربما نستغرب في كونها عناوين لقصائد كمثل  “الطفل في داخلي “،أنت ..كل البشر “، وطني أنت “،كل عام وأنت بقلبي ” للعشق فنون وجنون “،حتى لا يختنق الحب ” ،”دروس في الحب ” ، “مشتاقة أنا ” ،”محطة عمري “،” هوس العشق “،”سأظل الطفلة ” ،” لنكن أصدقاء “،”سأبحث عن حب جديد”،”امنحني مساحة فرح “،”علموني في صغري”،” لأتصدق ..يا حبيبي “إلى أخره من العناوين التي وان لم تحتوي على ضمير ،فإنها أسًست على اشتقاق من الجذر (حب).
ولان الأنثى لابد من أن يكون شغلها الشاغل هو الرجل الذي تارة يصير وطنا وتارة مستعبدا وتارة أخرى مجهولا وربما من معدن غير معروف الهوية من البديهي أن يكون أحد العناوين الرئيسة للديوان فهو طرف أخر متهم بكل سلبيات واقع المرأة موجهة خطابا مختلف الوثيرة له ،حادا أحيانا و في شكل عتاب أو تذكير في أحيان أخرى  .
ومن صياغة بعض النصوص يظهر التأثر الواضح للشاعرة “بأغاني زمان ” مع ان الغنائية تكاد تكون منتفية ، في حين غاب  التأثر بالشاعر “نزار قباني” الذي يعتبر قبلة الشاعرات ورفيق احلامهن  ، وهذا غير مألوف لشاعرة من  جيلها ،لكن غاب” نزار” ليحضر وجه الآخر المتمثل  في نفس الشاعرة “سعاد الصباح “.
“لم يعد في نهر حياتي قطرة رجاء
أو بارقة أمل
أن أعثر على بديل لك
المرأة يا عمري ..غير الرجل ..اذا عشقت
أغلقت كل موانيها ..ودروبها ونوافذها
من اجل من تهوي ”
فهاهي ذى  تتحمل مسؤولية التكفل بالرد على الرجل الذي يجهل عنها الكثير لترسل له رسائل عنها و من تكون وكيف إنها تمتلئ حنانا وحبا وصدقا ؟؟.
لكنها لا تتسامح بسهولة ولا تتنازل عن حقوقها الكثيرة بعناد كبير فهي تحمل سلاح الحب، وهو سلاح قوي فتاك، لا يمكن قهره والتغلب عليه بسهولة ،فهي طفلة نعم لكنها منبع لثورة قد تجتاح كل شيء :-
“أعلنت ثورتي عليك..
قطعت صورك ..مزقت رسائلك ..
حطمت هداياك..أرقت عطري النفاذ الذي تحبه ..
لملمت أشياءك في صرة غضبي ..وبعثت بها اليك َ..”
اقترن لفظ الثورة بالطفلة  في عدة مواضع داخل المتن  لتخلق عند المتلقي شحنة من الصدق ،نظرا لان عاطفية اللفظين تمكن من التعاطي  معهما بنوع من الألفة، فالإنسان تستميله حالتا الضعف الشديد المتمثل في الطفولة  والقوة والهيجان في ثورة .
استطاعت “حفني ” أن تجري عدة مقارنات ومتضادات أخرى جعلت من نصوص “امرأة.. خارج الزمن ” مشحونة بعاطفة أنثوية صادقة ،وإذا كان النص لا يبدو من النصوص التي أريد لها أن تكون عظيمة مع ذلك فان مرحلة  إعجابك بالنص لن تأخذ وقتا طويلا لتتيقن أن النص من النصوص التي عولت على أن يكون جوهرها هو مضمونها ومدى تعبيرها عن كاتبته .
ما جعل الكتاب من حيث مضمونه متضمنا نبلا أخلاقيا ، صورة تامة المعنى لواقع الفتاة العربية التي تعاني التعسف الذكورى ،وتسعي إلى كسب حريتها فضلا عن حلم مشبع الرغبة في أن  يعم  هذا العالم الحب الصادق وأن تختفي القيود والظلم .
المجموعة نموذج للخروج عن نمطية القصيدة الحديثة على مستويين،  انفلاتها من شكل القصيدة الحديثة أو ما يعرف بقصيدة النثر ،وعدم ركونها بالمقابل للقصيدة العمودية ولا لقصيدة التفعيلة ، وفي الوقت ذاته لا تكشف عن حياة الأنثى ” في حجرتها السرية ” وهي بذلك تخطت  موضوعا من الموضوعات التي  كثيرا ما يعتمده  الشعراء المعاصرون بالاتكاء  على الجسد  كعنصر جذب يدعو  للقراءة .
•    وفى مشاركة للكاتبة العراقية  بلقيس  حسن من  هولندا  قرأتها عنها الفنانة كريمان جبر تحمل عنوان ” زينب حفنى والتوق إلى الإنعتاق ”  ذكرت ” لا بد من تقدير دور الأديبة زينب حفنى الشجاع فى مواجهة المفاهيم التي تختلط على المتعصبين والمتأثرين بالجهلة والمنتفعين بإسم الدين فى مجتمع تنتشر به الأميه والشعوذه والوهم مما يدفعهم لينسبو إلى الدين كسل عقولهم وقصورها وقبولهم حياة القرون الوسطى بتقاليدها التي تجمد المجتمعات وتعرقل تطورها ، فلا يُخفى على أحد أهمية الأدب فى الثقافة العامة للمجتمعات ودور الأخيرة فى التقريب من وجهات النظر المختلفة على أساس القبول وأحترام الرأي والرأي الأخر .
عند دراستة اعمال الإديبات السعوديات لا يسعنا إلا أن نقول أن الأديبة زينب تستحق لقب رائدة البوح الإنثوي الحكيم فى المجتمع السعودي فالحركة الكتابية النسوية فى السعودية احدث منها فى بقية البلدان العربية حيث تفجرت فى النصف الثاني من القرن العشرين كرد فعل لما تواجه المرأة من ضغوط وأحجبه وحواجز تمنعها من التواصل مع الحضارة البشرية بشكل سليم وصريح ، أي إن زينب تعتبر من الرائدات تاريخيا ، أما من حيث الإبداع فأكثر الإديبيات السعوديات كتبن عن هموم ودموع المرأة وعدم إحترامها كإنسان ، إلا أن زينب إقتربت من مناطق الخطر حينما كشفت عن آهات جسد المرأة الذاوي بين سواد التقاليد فى مجتمع ذكوري يكون الرجل فيه سيدا عليها وعبدا مسلوب الإرادة  لإوهام وجهل ما هو شائع مما جعلها رائده في إعطاء صورة عاقلة للتمرد الإنثوي بتحليل أسبابة من خلال تداعيات وأفكار كثيرة تأخذ برؤوس نساء زينب لتعكس لنا فهمها بإن حياة الإنسان واحدة ولا يمكن فصل الماضي عن الحاضر والمستقبل ، كما أن زينب أوضحت من خلال نقاشات شخوص رواياتها أن النظرة الدونية للمرأة لا تخلو من إلتباس وجهل لدورها ومكانتها كمساهم فعال وهام يحتاجها كل مجتمع لبناء لبنته الأولى ألا وهي الأسرة ، كما تنتقد زينب النظرة المجحفة التي تسحق روح المرأة وتريد كسرها مهما كان أخضرارها ويفاعتها .
لا شك أن المرأة العربية أكثر المتضررين من الأرهاب وقد ربطت زينب بين معاناة المرأة وعدم تفهم الكثيرين للدين كحاجة روحية للأنسان وسلامته لا كمفهوم للقمع والقتل والإضطهاد لذا نراها لم تغفل الموقف من الإرهاب  ، ولم تنس كذلك تأثر الأطفال بالمحيط الذي يترعرعون به وخاصة محيط العائلة فمثلا نرى فى رواية “ملامح” كيف يؤثر تفكك الأسرة وأنهيارها بسبب أستغلال الرجل للزوجة للحصول على المنصب والمال يرافقها تقاليد تفاخر دخول الأبن لمدارس داخلية باهظة التكاليف جعلت نشأته ضعيف وأنعزالى غير مشبع بالمحبة  مما سهل إنقياده ليتطوع فى أفغانستان ويلقى حذفه بعملية انتحارية وهو في سن المراهقة …هنا نعرف مدي الخسارة في مجتمعاتنا التى لا تقدر دور المحيط على التربية والصحة النفسية ومن ثم على عملية البناء والتنمية ، أذن نستطيع القول أن الأديبة أرادت التنبية ومن باب المسؤولية الأخلاقية وكمصلحة إجتماعية إلى إحترام المرأة لانها أم والأم مدرسة فى تأسيس وزرع قيم الأجيال ، لقد وظفت أديبتنا تجربتها التي إتسعت فى دول عديدة من العالم ودافعت برواياتها عن قضايا المهاجرين العرب في البلدان العربية التى عاشت به أو زارتها ودارت أحداث رواياتها فى الكثير منها  وهنا تشكل أعمال زينب حفني خطا عربيا تنويريا وتثويريا بعض الشئ ضد أشكال التلاعب بمقدرات الإنسان فلم تعزل زينب أي عنصر من عناصر رواياتها أو تحركهم خارج الواقع السياسي والإقتصادي الذي تعيشه هذه المجتمعات أنما عكست ضلال كل الأحداث على صور وسلوكيات الناس ونفوسهم وتقصت النكسات والإنتصارات والأيام السوداء التي مرت على هذه المجتمعات  وهذا ما نلاحظة في رواية ” سيقان ملتوية ” كما تطرقت زينب إلى العنف فى الجزائر فى قصة ” المرأة الأخرى ” ووثقت ما سببته حرب الثمان سنوات المجنونة بين العراق وايران من معاناة واهدار للطاقات العربية كما غزو  العراق للكويت وما سببه من انقسامات في قلب قضية الوحدة والقومية ، ولم تنسى رغم دموع بطلاتها ورغم العشق الجارف الذي حملته قلوبهن التواقة الى عالم رومانسي جميل ان تعكس اثر الحروب الخارجية مع اسرائيل وامريكا ومأساة فلسطين والعراق وهجرة الملايين العربية من مواطنها التى تحب الى بلدان غريبة  ، كما نقراء فى أحدى روايتها ” الرقص على الدفوف ” الفوراق الطبقية والاقتصادية بين البلدان العربية وما يتبعه من نظرة تصل للحقد أحيانا ، وفي قصة ” وفاحت رائحة عرقها ” تُطالب زينب بتغيير القوانين المجحفة بحق المرأة في السعودية ، وهكذا تكون زينب قد وظفت عملها الصحفي ووعيها لأدبها بالواقعية  التي جعلت نجيب محفوظ ثورة فكرية  وخط تنويري قائم بذاته لايدانة تأثير الاحزاب والتجمعات مهما كانت قوية وفعالة .
دافعت زينب عن المرأة لصالح المجتمع ككل بشكل موضوعي وليس الانحياز الأعمى لها على حساب الرجل  فالأديبة لم تعط المرأة دورا ملائكيا بالمجتمع ينزع عنها الصفات البشرية أنما تعكس أديبتنا فهما ناضجا لعملية أحترام المرأة ودورها للوصول لهدف العيش السعيد ورغم ان زينب لا تتغافل عن وجود الرذيلة فى مجتمعها ككل المجتمعات البشرية الا انها تركز فى مجمل اعمالها على الحب كغاية سامية بين الجنسين لاستدامة المجتمعات ، فزينب عاشقة أبدية لن تنزع ثوب الانوثة من بطلاتها مهما كانت المعاناة والعواقب كما عبرت عنه فى رواية الرقص على الدفوف ، تعكس بطلات زينب روحها التواقه للحرية والحب المطلق التى لايتأت بالمال والجاه وانما بذاك التجاذب الروحي الجميل فالحب عند زينب شامخ ، نبيل ، وصادق غير مبتذل أو مباع بثمن  كما في ” ايقاعات انثوية محرمة ” أنعتاق عظيم للروح والجسد معا .
•    تلي ذلك جاءت قراءة  الكاتب والروائي الليبي محمد الأصفر في رواية ملامح للأديبة زينب حفني جاء فيها  “عالم الهدوء والصمت والسكينة والتأمل والإبداع بطريقة الشطرنج لا أحبذه فدائماً أبحث عن الصخب والعنف والضجيج والحياة الواقعية التي تمس الإنسان مباشرة .. فتقلبه وتعريه وتخدشه وتدمغه ببصمتها الطازجة التي لا تمحى .. وهذه الأشياء حقيقة وجدتها عند هذه الكاتبة التي نستضيفها الآن  ” زينب حفني ”  التي عرفتها من خلال شبكة الأنترنيت  .. فقرأت لها بعض القصص وبعض المقالات وأخيراً تحصلت على كتابين من كتبها في إحدى مكتبات ” بنغازي ” هما : نساء عند خط الإستواء ( قصص ) وملامح ( رواية ) .. وبعد قراءتي للكتابين وجدت نفسي أمام كاتبة تمارس التمرد على كل شيء بما فيه فعل الكتابة نفسه .. تمس بسن قلمها كل المحظورات في مجتمعها محللة وعارضة ومقترحة .. تعلم القراء الصدق أمام النفس والشجاعة والشفافية مستخدمة في ذلك لغة بسيطة مفهومة خالية من كلمات القواميس المعقدة والمتحفية  أو الاشتقاقات ذات الفذلكات اللغوية .. ماسة القراء من وترهم الحساس جداً وهو الجنس .. حيث تستخدمه الكاتبة  عقدة أساسية فاقعة أو مضمرة قليلاً  في معظم نصوصها خاصة في مجموعتها القصصية ( نساء عند خط الإستواء ) التي تطرح فيها عبر سردها القصير عدة قضايا تعيشها المجتمعات العربية وتخفيها بورقة توت هشة تفضح أكثر مما تستر .. فالكاتبة تتناول في قصصها كرامة المرأة التي تُفهم خطأ عندما يقدم لها الشريك الذي اختارته بمحض إرادتها في نهاية الليلة المال ثمناً لمتعته منها .. تتناول أيضا قضية السحاق والتي تستمر بؤرتها تتقدم لتغطي الكثير من صفحات روايتها ملامح .. تتناول الكتّاب المشهورين من خلال كتاباتهم القيمية وحياتهم في الواقع حيث تكتشف الكاتبة المبتدئة أن قدوتها في عالم الأدب كما كانت تقرؤه هو مجرد إنسان هش يسعى للإيقاع بها ومضاجعتها .. تتناول أيضا قضية الفقهاء والمشعوذين وما يتمتعون به من متع محرمة يتحصلون عليها بواسطة إرهابهم وبخورهم من المريضات .. الروائية ” زينب حفني ” لم تقدم لنا البيئة الحجازية والمكية كما قدمتها لنا ” رجاء عالم ” ملفوفة في أوراق السولفان ومرشوشة بماء الورد ومستورة بستان غامق لامع يؤذي بؤبؤ السبر المتشمم للحقائق .. لقد قدمت لنا زينب البيئة المتخيلة لديها كما هي بالضبط .. قدمت لنا العالم السري التي تعيشه المرأة في الجزيرة العربية .. أحرقت الأستار لنرى الحقيقة كما هي بالضبط .. ولنتعايش ونتعاطف مع حالات إنسانية ليست غريبة عنا .. فما يحدث في الجزيرة العربية من انتهاكات لحقوق المرأة يحدث في كل مكان في الوطن العربي ويتم ذلك بطريقة إرهابية تتخذ من الدين سنداً لها ومن العرف والعادات والتقاليد التي مازالت تؤثر مساند أخرى ولعلّ الشيخ المغربي الذي أفتى منذ شهور بجواز زواج البنت ذات التسع سنوات خير شاهد على ذلك .
نساء تحت خط الإستواء كتاب قصصي .. مواضيعه في الجزيرة العربية وبعض البلاد العربية القليلة  تُعتبَر من المسكوت عنه .. تميز الكتاب جاء في اختيار بؤر قابلة للتطور .. ولقد شهدنا ذلك في رواية ملامح  من خلال عدة شخصيات مثل هند وثريا .. لغة الكتاب جميلة .. غير ركيكة .. والقصص كلها قصص كتبت بطريقة كتابة القصة القصيرة المعروفة .. كتبت لتقرأ وتفهم ويمتص منها العبر أو الإضاءة التي تريدها الكاتبة في نهاية كل نص .
كتاب تحت خط الإستواء لم يشبع نهمي في التمتع بقراءة قصة قصيرة جيدة … وللأمانة لم تعرض هذه الكاتبة في كتابها أي موضوع جنسي بطريقة الدعارة .. إنما تتكلم عن الجنس كهم إنساني يعيشه كل إنسان من الجنسين .. لن نجد وصفاً لأوضاع جنسية مثلاً .. لكن سنجد مشكلة سببها الجنس أو جنساً سبب في مشكلة .
تتميز زينب حفني بالشجاعة في الكتابة وما تزال  حتى الآن تستفيد من فن القصة القصيرة أثناء تدوينها لكتابتها الروائية خاصة في إنهاء الفصول بإضاءات ذات صدمة وشرارة مبهرة .. في رواية ملامح حدث واحد يتم تداوله بين ثريا وحسين .. مع بعض الشخصيات المكملة .. زاهر ابنهما .. صديقات ثريا .. أسرة عم حسين ..  هذا الحدث هو الجنس .. وما يجعله يحدث من أفعال وأسباب وظروف محيطة
تناولت الروائية الأحداث من عدة وجوه .. شخصية ثريا تحكي الأحداث نفسها حسب وجهة نظرها .. شخصية حسين تحكي الأحداث نفسها حسب وجهة نظره مع إضافة كليهما إلى الأحداث  التفاصيل الخاصة به وهي حياته قبل التعارف بينهما وبعد الطلاق .. حيث يشق كلاهما طريقه .. حسين يصير رجل أعمال كبيراً في لندن وثريا تصير صاحبة محل ملابس كبير في جدة .. وقد كتبت هذه الرواية بتقنية قريبة من رواية الصخب والعنف لفوكنر ورواية البحث عن وليد مسعود لجبرا ابراهيم جبرا .
والملفت للنظر في هذه الرواية هو ممارسة الكاتبة لفعل قتل الشخصيات  بإفراط للتخلص من تفاصيل سردية كبيرة تستدعي تدوينها لو ظلت تلك الشخصيات في الحياة .. قتلت أب ثريا وأم ثريا وعم حسين وزوجة عم حسين وأخ حسين صالح بالرضاعة وزوجته التي تكبره سناً وشخصية الابن زاهر وشخصية البطلة ثريا نفسها لتبقي على الرجل فقط .. الرجل الذي دمرها .. وقوّد عليها .. وسلبها إنسانيتها .. تبقيه حياً .. بل تزوجه بإنجليزية شابة .. وتجعله ينجب ولداً جديداً في مناخ الشمال البارد وتسميه زاهراً .
هذا إن إفترضنا أن السارد الأساسي في هذه الرواية هي ثريا أو الكاتبة .. أو جان جاك روسو عندما يحوله خيالنا إلى امرأة مقهورة تعيش في الجزيرة العربية .. تدفع بقهرها إلى الورق .. ليشتعل الورق فيضيء قلبها الذي فرض عليه الظلام على الرغم من دقاته الحية المتفجرة بالضوء .
رواية ملامح ، أعجبني ما فيها من ضجيج وصخب  وشخصيات كثيرة تنتهي معظمها إلى الموت وما تعرضه علينا من حياة متخيلة مليئة بالمفارقات وبعلم النفس الفرويدي  تعكس ما يعيشه المجتمع السّري في الجزيرة العربية الذي هو شبيه بدرجة كبيرة ببلدان الشرق الأوسط والمغرب العربي .. حيث نشترك مع هذا المجتمع في اللغة والدين والقومية والحرمان والفساد الضارب أطنابه في كثير من مؤسسات المجتمع الحيوية .
الجنس في الرواية جنس يحركه العقل و الحرية … الرواية بشكل عام غير محكمة .. مملوءة بالثقوب .. وهذا الأمر جيد  وإيجابي لرواية ملامح التي تعرض لنا  نساء مثقوبات و رجالاً مثقوبين بالشقاء ..  تعرض لنا  ملامح مريضة من مجتمع نخره النفاق والكذب والزيف والإدعاء والحرمان والجبن .. ولقد نجحت الرواية في تصوير هذه الحياة المؤلمة التى عاشتها الشخصيات على الورق .. متتبعة بذرتها الأصل التي نبتت منها وعارضة الظروف المحيطة التي صاحبت حياوات الشخصيات ..  الكاتبة كتبت لنا واقعية قذرة يعيشها إنسان اليوم كما عاشها إنسان الأمس وبالطبع لن يعيشها إنسان الغد الذي في طريقه إلى حل مشكلة الجنس وكل مشكلة آخرى مسكوت عنها .. فثورة الاتصالات الحالية ستجعل التقارب بين الجنسين أكثر .. وكل تقارب سيؤدي إلى مزيد من الفهم والتعلم وكما تقول زينب في صفحة 103 من روايتها ملامح : ” خذ من التل يختل ” وها هي قد أخذت من التل وقربنت نفسها على محراب الفن في سبيل أن تضيء شمعة .. شمعة كلما ذابت ارتفع نورها ليشمل مساحات أوسع وأبعد .. شمعة تقتات على الظلام وما أكثره حولنا .
أختتمت الجلسة  بمداخلة من بعض الحضور تنوعت بين تعليق وأبدأ رأي وسؤال ، كان تعقيب الاديبة الضيفة كما يلي “بالإشارة إلى هاجس التابوهات الثلاثة “الدين ، الجنس، السياسة ” هو هاجس المجتمعات العربية عموما وليس هاجس السعوديين فحسب أما بالنسبة لمجموعة “أمرأة خارج الزمن ” لم أتأثر يوماً بسعاد الصباح بل تأثرت بنزار قباني لانه مدرسة ونحن نثرى بالمثقفين الذين سبقونا ، وفيما يخص التمرد فى أدب المرأة …نعم هناك تمرد لان المرأة الأديبة  ليس لديها سوى القلم لكي تتمرد عليه وإستطاعت بأن تهدم المعبد على الرجل “الشمشون” بقلمها ، كما أن الأديبة تُعرى المجتمع كما الرجل تماما لان الأدب هو صورة المجتمع لذلك ينجح الأديب عن المؤرخ فالأول يكتب بحس أنساني بعكس الثانيالذي يكتب بقلم بارد  ، واجهة هجوم شديد من مجتمعي وكل أديب واجه ذلك فعندما كنا نقرأ لغادة السمان كنت أسمع أنها أمرأة إباحية أما الآن فهي أمرأة عقلانية …فإذا أنا اليوم شيطانية ستؤمن الأجيال القادمة بأني كنت ملاك من أجلها .وفيما يتعلق بسيكلوجية مخاطبة الشخصيات على الأديب عموما قراءة علم النفس والإجتماع لان بناء أي شخصية يعتمد على التحليل النفسي كما أن روايتي ملامح تحدثت عن علاقة الرجل بالمر أه من ناحية نفسية ، أتحفظ أن أكون قد تأثرت بنوال السعداوي بالرغم من أني أستفدت من كتابها المرأة وصراعها النفسي ولكن كتابها الوجه العاري للمرأة العربية أخضبني لاننا مجتمعات روحانية تؤمن بوجود الله ، لم احد الزمان ولا المكان فى أغلب قصصي وروايتي لإعطي شمولية أكبر حيث ذكرت فى مجموعة ” نساء عن خط الإستواء ” فى الإهداء تحديدا ” إلى حواء المتهمه الوحيدة من أخراج أدم من الجنة ” لان قضية حواء موجودة فى كل زمان ومكان .
اليوم الثاني
بدأت الجلسةالمسائية  لليوم الثاني للندوة بكلمة من أمين عام مركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر الأستاذ أحمد أبراهيم الذي رحب بالضيفة والحضور وعبر قائلاً أن الأدب صورة منعكسة عن الواقع فهو مرآة ينعكس المجتمع أمامها ليرى سلبياته وإيجابياته وتبقي الثقافة والأدب واحدة من أدوات النهوض والإرتقاء بالوجدان والعاطفة والتركيز على أهداف محدده .
لا يوجد أدب من أجل الأدب كل أفعال الإنسان غائية وبالتالي فهي أخلاقية وهنا يتحدد موقف ومسؤولية قيمة الإنسان ولكن قيمته تأتي بتلك النفخة التي نفخها الله فيه “العقل ، الوجدان ، الروح ، العاطفة ” وهذا لان الثقافة قد تنقذنا من الوضع السئ الذي نعيشة نحو كوة النور وقد يكون العكس عندما تستخدم للتشوية ولتغيير أرواحنا ومصالحنا …أخيراً …نستطيع عن طريق الثقافة خلق كياننا لان كل قوانا زيفت .

أستكملت بعدها  باقي الورقات المشاركة وهي ورقة مقدمة من الناقد المغربي محمد معتصم قراءها بالنيابة عنه الشاعر والكاتب جميل حمادة وهي مقدمة في البناء المتراكم لرواية سيقان ملتوية ،  وورقة الدكتور زهور كرام الإرتجالية عن الأدب النسوي وتحليل علمي من مختبر السنيمائيات شارك به الأستاذ محمد المالكي عن السيكلوجيا اللسانية وإشكالية النوع في الكتابة النسائية  ، أم الكاتب والشاعر محمد محجوب تناول المرأة العربية في الأدب  .

واستئنفت الجلسة بأمسية شعرية شارك فيها كل من الشاعر الليبي طارق العالم ، الشاعرة العراقية جاسده الموسوي ، الشاعر زكريا لبيب ، الشاعرة والإعلامية الليبية عفاف عبد المحسن ، الشاعرة الليبية عائشة أدريس ، وعبر آثير جهاز التسجيل أستمع الحاضرون  لقصيدة قانا بروح وصوت  الشاعر الراحل محمود درويش ، أختتمت الأمسية الأديبة زينب حفني بثلاث نصوص شعرية “كلمات إستثنائية ” و ” أفتش عنك” و ” يقولون” مع شهادة قدمتها بنفسها عن نفسها ورد فيها ” نشأة في أسرة متفتحة والدي أخذني إلى مكتبات عدة فى القاهرة كنت أقراء في كل شئ ويناقشنى والدي فى كل شئ، قارئتي الإولى لإعمالي هي إبنتي ، بالنسبة لوالدتي ترجع أصولها للريف المصري الذي أخصب فكري وخيالي بجانب المناطق والأماكن القديمة التي كان يأخذني إليها والدي في السعودية ، حياتي كانت جميلة قبل النفط ومستوره بعد ظهور النفط .
أنا مهمومه بوطني العربي  فالجميع يحمل هموم وطنه والمثقف دوره أن يقول كلمة الحق ، علاقتي بالمرأة الليبية بدات من 6 سنوات عندما كنت فى لندن وتعرفت على مثقفات ليبيات فى مجالات مختلفة تحدثنا مطولا عن همومنا ويعد الأعلام الليبي مقصر فى عدم إيصال الأدب الليبي إلينا  ربما لبعد المسافة ولكن على المثقفه العربية اليوم كسر الحواجز الوهمية وتنطلق .
أنا سعيدة بوجودي لإمثل بلدي وسعيدة كأديبة عربية أحمل همومي ، كما أتمني اليوم بمجهودات المنظمة أن تكون هذه الندوة بداية لتأسيس مهرجان سنوي .
” الحب أوطاننا يدفعنا لقول ما في قلوبنا”
النهاية كانت بتوزيع شهادات شكر وتقدير للمشاركين مع أخذ الصور التذكارية مع الضيفةوالحضور .
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى