صفحات سورية

هل سيتغير الاداء السوري؟

null
رامي الريس
لا يمكن فصل التطورات الدولية المستجدة عن مجريات الوضع الاقليمي الذي أصبح يعكس تلك المتغيرات بشكل أو بآخر، لا بل إنه أصبح رهينة الانتظار لقراءة المتغيرات الحاصلة وبحث سبل تونظيفها أو الاستفادة منها.
فالملفات الاقليمية شائكة ومعقدة ومتعددة، منها ما هو متصل بالمسألة النووية الايرانية التي تمضي قدماً مستفيدة من شبه الانقسام الدولي والتردد الغربي والتغيير الأميركي على المستوى الرئاسي ، ومنها ما هو متصل بالمفاوضات السورية- الاسرائيلية التي حصلت برعاية تركيا وتناقضت المعلومات حول ما تحقق من تقدم خلالها (بمعزل طبعاً عن الكلام التقليدي للرئيس السوري حول المقاومة والممانعة والشعارات الأخرى التي رفعها في دمشق خلال إفتتاح أعمال “مؤتمر البرلمان العربي الانتقالي”)، ولا يمكن فصل الاداء السوري عن مسألة المحكمة الدولية التي قطعت شوطاً كبيرأً في وقت هو الاسرع بين نظيراتها من المحاكم الدولية.
لا يبدو أن هناك الكثير من الشكوك حول المعادلة التي أصبحت واضحة: بقدر ما تقترب المحكمة الدولية من الاقلاع، بقدر ما تتكثف محاولات الترهيب للبنانيين، وآخرها ما أعلن على التلفزيون السوري من قيام تيار المستقبل بتمويل المجموعات الارهابية المتطرفة المعروفة بإسم “فتح الاسلام”.
فهذا الاعلان، عدا عن كونه تم عبر الاعلام وليس من خلال القنوات الرسمية بين البلدين، فهو يؤشر إلى إستمرار النظام السوري في سياسة إستعداء جانب كبير من اللبنانيين وتلفيق الروايات عنهم بما يتلاءم مع إستمرار سياسة الانحياز ضد فريق من اللبنانيين.
وهذه السياسة السورية التي هي بمثابة إستمرار للسياسات السابقة، مع فارق شكلي يتمثل بإقرار العلاقات الديبلوماسية، لا توحي أن شيئاً كبيراً قد تغيّر على مستوى العلاقة بين البلدين. فالنظام السوري لا يزال يصنف اللبنانيين، ولا يزال يتهم مجموعة منهم بأنهم يحضرون لأعمال إرهابية داخل الاراضي السورية، وهو إتهام جديد بعد أن إستنفذ النظام وأدواته الاعلامية تلفيق الأخبار عن مجموعة كبيرة من قياديي ومسؤولي 14 آذار بأنهم عملاء لاسرائيل من خلال روايات من نسج الخيال.
السؤال المطروح هو: هل من الممكن توقع بناء علاقات جدية وجديدة بين البلدين قياساً إلى التراكمات السابقة وإلى الأداء المستمر للنظام السوري حالياً؟ وهل من الممكن إعتماد إتفاق الطائف كوثيقة تنطلق منها مرتكزات العلاقة الجديدة بين البلدين كون سياسة الوصاية في السابق قد حالت دون تطبيقها؟
المراقبون لا يختلفون أن النظام السوري يراهن على متغيرات إقليمية ودولية كبرى تتيح له إعادة بناء حضوره العربي والدولي والخروج النهائي من العزلة القسرية التي فرضت عليه وفرضها هو على نفسه بعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005، ويركز بشكل أساسي على الادارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك أوباما.
فأي أوراق سيكشف عنها من الآن وحتى جلاء هذه الصورة الدولية والاقليمية؟
(الأنباء) ، الثلاثاء 11 تشرين الثاني 2008

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى