يسك: مصر فاسدة وعاجزة وتحتاج لإذن من واشنطن لتقدم مساعدة لأهل غزة
ف
لندن – ‘القدس العربي’:ركزت الصحف الامريكية على تحليل الخلافات بين حماس وفتح والخلافات العربية – العربية وعكست بعضها اثر الحملة على حماس من الناحية السياسية، فيما قدمت الصحف الامريكية عددا من المقالات التي عكست وجهة النظر الاسرائيلية.
وامتلأت الصحف البريطانية بالمقالات والتعليقات التي عكست الطابع السياسي للهجوم العسكري وانه يعكس مصالح سياسية لكل الاطراف المشاركة فيه. فيما قدم روبرت فيسك تحليلا لعجز مصر بسبب فسادها وارتباطها بأمريكا. ففي تقرير لصحيفة ‘نيويورك تايمز’ نقلت عن مسؤولين قولهم ان اسرائيل استنفدت كل الاهداف من الجو وان عملية برية محدودة ليست مستبعدة حالة تحسن الجو.
ونقلت جزءا من النقاش والتبرير الاسرائيلي حول استهداف المدنيين، الذين يعانون وتحذير منظمات حقوق انسان من ان الجرحى يخافون من الذهاب للمستشفيات التي صارت مكتظة بالمصابين، فيما كرست صحيفة ‘واشنطن بوست’ تحليلاتها الى الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية التي تعمقت بتبادل الاتهامات ومخاوف السلطة الوطنية من تزايد الغضب الشعبي في الضفة وعدم رغبتها برؤية المسيرات والمظاهرات التي قد تخرج عن السيطرة بشكل يؤدي الى زلزلة الاوضاع في الضفة. ومن خلال محاولة عباس تجاهل الغضب فان رد الفعل سيكون سلبيا عليه وعلى سلطته. ونقلت عن متعاطفين مع فتح قولهم ان كل العملية منسقة بين الاسرائيليين وعباس حتى يعود الاخير لغزة، وكان فوزي برهوم الناطق باسم الحكومة المقالة قد اتهم السلطة بالتعاون مع اسرائيل. وقارنت الصحيفة في استعراضها للخلاف بين فتح وحماس الفرق بين رام الله وغزة ، باعتبار رام الله مركز تأثير فتح التي تنتشر فيها المقاهي وسيارات المرسيدس وغزة مركز سلطة حماس التي تتفوق فيها العربات التي تجرها الحمير على السيارات. وقالت ان القيود التي وضعتها اسرائيل على حركة المواطنين بين الضفة والقطاع عمقت الانفصال بينهما. ويقول الفلسطينيون ان هدف اسرائيل هو دق اسفين بين افراد الشعب الواحد. وتنقل عن باحث قوله ان اسرائيل تحاول عبر العملية العسكرية سحب غزة اكثر من السياق الفلسطيني وتحويلها لمشكلة مصرية. مما يعني قتل هدف قيام دولة فلسطينية على كل من الضفة وغزة. وفي الوقت الذي ينفي فيه الاسرائيليون الاتهامات الا انهم يقولون انهم معنيون بتظليل الفرق بين حماس وفتح.
ونقلت عن مسؤول في فتح قوله ان حماس ترتكب خطأ الان وسكان غزة يريدون التخلص منها ولكن ليس عبر الاسرائيليين. واشار افرايم سنيه نائب وزير الدفاع السابق ان الهدف من العملية يجب ان لا يقتصر على وقف الصواريخ بل انهاء حكم حماس في غزة.
وفي مقال نشرته ‘واشنطن بوست’ حمل فيه حماس مسؤولية كل ما حدث وعكس وجهة النظر الاسرائيلية من ناحية تجاهل اثر الحصار على حياة السكان، مشير الى ا ان سكان غزة هم مع انهاء حكم حماس التي ترفض الاعتراف بوجود اسرائيل.
وقال ‘ان اي وقف لاطلاق النار يجب ان يتضمن فك كل ترسانة حماس ونقل مسؤولية المعابر بين مصر واسرائيل وبين اسرائيل والسلطة الوطنية. ويجب ان تدار غزة من قبل ادارة مدنية حتى موعد الانتخابات الفلسطينية في 2010. واعادة الجندي الاسير جلعاد شليط ، ومراقبة مصرية للحدود’. وقال ان دولا مثل تركيا والسعودية تلعب دورا مهما كما انه في حالة قيام سورية بالضغط على حماس فستنال نقاطا مع اسرائيل وواشنطن.
وكتب الموسيقار العالمي دانيال بيرنباوم في ‘الغارديان’ قائلا انه يتمنى لو ادركت اسرائيل مرة وللابد ان الصراع في الشرق الاوسط لن يتم حله بالطرق العسكرية، وانه يتمنى لو فهمت حماس ان مصالحها لن تخدم الفلسطينيين عبر العنف وان اسرائيل موجودة هنا لتبقى، وان على العالم ان يدرك ان الصراع الحالي ليس صراعا عاديا بل حساس ومتداخل. لانه صراع بين طرفين كل واحد منهما مقتنع ان له الحق بالعيش على هذه القطعة من الارض ولهذا فلن يتم حله عسكريا وانما بالدبلوماسية. وفي الوقت الذي يتعاطف فيه الكاتب مع فكرة حق اسرائيل الدفاع عن نفسها وانه يجب ان لا تتسامح مع الصواريخ الا ان تصرفات وافعال الجيش اثارت عددا من الاسئلة، منها ان كانت اسرائيل محقة في تحميل سكان غزة مسؤولية افعال حركة ارهابية. وقال ان الجيش الاسرائيلي ناقش بشكل ضعيف ان غزة منطقة مأهولة بشكل كثيف بالسكان وعليه لا يمكن تجنب الضحايا من المدنيين. ويتساءل عن هدف القصف الذي يجعل من استهداف المدنيين امرا غير ممكن. فان كان الهدف تدمير حماس، فالسؤال المطروح ان كان ممكنا فان كانت الاجابة لا فالغارات ليست فقط وحشية وبربرية بل لا ابالية. واثار سؤالا حول طبيعة تدمير حماس بالقوة ويتعلق بردع سكان غزة بعد نهاية كل هذا. فهم لن يركعوا تحت القوة الاسرائيلية، وقال ان معرفته بتاريخ المنطقة تجعله يعتقد انه حتى لو تم سحق حماس من الوجود فستحل محلها منظمة جديدة.
وقال ان كل نصر عسكري لاسرائيل يجعلها ضعيفة بظهور منظمة جديدة، ويعتقد ان امن اسرائيل لا يمكن تحقيقه بدون خطة امنية شاملة تأخذ بالاعتبار احتياجات جيرانها. وينهي مقاله قائلا ان العنف الفلسطيني يعذب الاسرائيليين ولكنه لا يخدم القضية الفلسطينية. مشيرا الى ان الرد الاسرائيلي غير انساني ولا اخلاقي ولا يضمن الامن. وقدر الشعبين العيش جنبا الى جنب وعليهما القرار ان كان هذا رحمة ام عقابا. وهذا ما اشارت اليه ‘الغارديان’ في افتتاحية الخميس معتبرة ان القتال في غزة لا قيمة له ولكنه حتمي وكلا الطرفين خاسر ايا كانت النتائج.
فيسك وفساد مصر
في مقال نشرته صحيفة ‘الاندبندنت’ لمراسلها في الشرق الاوسط ، كتب روبرت فيسك عن الحالة المتعفنة التي تعيشها مصر والتي تجعلها في حالة من الضعف والفساد تمنعها من التحرك والقيام بدور في الازمة الحالية في غزة. وذكر بالايام التي كان فيها صدى لصوت الشارع العربي في احتجاجه على حمام الدم في المنطقة، حيث كان السؤال في حينه هل كان بامكان انور السادات ان يتحكم بغضب شعبه؟ والسؤال الان ان كان حسني مبارك سيقوم بنفس العمل، مشيرا الى الاسم الذي يطلقه الشعب عليه وهو ‘لافش كيري’. الجواب كما يقول فيسك ان الشارع العربي يمكنه الاحتجاج ولكن سيتم اخراسه عبر عشرات الالوف من الشرطة السرية والميليشيات التي تخدم الامراء والملوك والحكام العجزة في العالم العربي.
ويعلق على مطالب الشارع المصري من الحكومة بفتح معبر رفح وقطع العلاقات مع اسرائيل بل ودعم حماس بالسلاح قائلا ان هناك نوعا من الجمالية عند الاستماع لرد الحكومة على هذه المطالب خاصة فيما يتعلق برفح وهي ان المعبر يدار بشكل جماعي وان هناك ثلاثة معابر في الجانب الاسرائيلي فلماذا تلام مصر فقط. وقال ان مصر لا يمكنها فتح حدودها السيادية بدون اذن من واشنطن. فقرار من القاهرة بفتح معبر رفح او حتى قطع العلاقات مع اسرائيل يعني عندها انهيار الاقتصاد المصري. واي حاكم عربي يتخذ قرارا كهذا يجد ان الدعم الاقتصادي والعسكري قد حجب عنه. ويرى الكاتب ان العار الحقيقي لمصر لا يتعلق بردها على مذبحة غزة بل في فسادها، الفساد الذي دخل في تلافيف المجتمع المصري حيث لم تعد الصحة ولا الضمان الاجتماعي ولا التعليم للسكان العاديين متوفرة. فقد اصبحت مصر ارضا مهمة الامن الاولى فيها هي حماية النظام.
واشار الى انتهاكات الشرطة للمحتجين الذين يتعرضون لهم بالضرب والانتهاك الجنسي حيث يجبر السجناء في سجون السلطة التي اسماها (تورا بورا) على انتهاك بعضهم البعض. وتحدث عن الفهم الديني السطحي للاسلام من عمال الخدمة المدنية ومؤسسات الدولة التي يترك فيها الاطباء مرضاهم للصلاة في رمضان او يتسامحون مع الانتخابات المزورة والتعذيب. وفوق هذا فان الاهمال في تحسين البنية التحتية والذبح اليومي للسكان بسبب انهيار المباني وانتشار الامراض يفوق التصور وكل هذا بسبب الفساد واساءة استخدام السلطة. وقال ان عقم مصر في وجه معاناة الفلسطينيين هو في النهاية رمز لمرض مصر السياسي.
اسرائيل تلعب الحرب من اجل السياسة
وفي مقال في نفس الصحيفة ناقش ادريان هاميلتون ان القصف حدث لانه يخدم كل الاطراف السياسية الاسرائيلية ذات العلاقة به. مشيرا الى انه لمصلحة وزير الدفاع ايهود باراك ووزيرة الخارجية تسيفي ليفني ورئيس الوزراء المستقيل ايهود اولمرت. وقال ان التوقيت كان جيدا بالنسبة لاسرائيل قبل خروج جورج من البيت الابيض وكان فرصة لمحمود عباس الذي تنتهي ولايته لكي يفك الارتباط مرة وللابد بحماس. وحتى الاخيرة عندما قررت انهاء التهدئة كانت لها حساباتها.
ويقول ان اسرائيل وان كانت ترغب في تغيير النظام في غزة فانها تقوم بالتأثير على الانظمة في مصر والاردن ورام الله ودول الخليج. ويرى الكاتب انه على الرغم من وحشية الغارات وما خلفته من الضحايا فان كانت دوافع اسرائيل سياسية فان حل ازمة غزة لا يتم بدون السياسة. وفي الوقت الذي يحمل فيه الدول العربية خاصة دول الخليج ومصر المسؤولية الا انه يقول ان على العالم العربي ان لا يتوقع الكثير من ادارة اوباما التي لن تغير التزامات امريكا تجاه اسرائيل في ليلة وضحاها. وقال ان ازمة غزة لن تحل حتى يرتب الفلسطينيون انفسهم بيتهم، كما انها لن تحل حتى تتوقف امريكا وبريطانيا ومجموعة الرباعية عن اتخاذ المواقف وحتى تتوقف اسرائيل عن لعب السياسة من خلال الحرب.
القدس العربي