البيانوني: “حماس” مرتاحة إلى إعلاننا الهدنة مع النظام السوري
قيادة إخوانية عربية حول غزة
تركت معركة غزة انعكاساتها المباشرة على وضع الحركات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي، حيث عمدت هذه الحركات وخصوصا “الاخوان المسلمين” ومتفرعاتها الى استنفار قواعدها الشعبية والسياسية والعلمائية من اندونيسيا الى المغرب مرورا بباكستان وتركيا والاردن ومصر ولبنان لدعم “حماس” في معركتها المصيرية، فيما لم يكن لتنظيم “القاعدة” اي دور فاعل في مواجهة العدوان الاسرائيلي باستثناء المواقف الاعلامية التي اطلقها الرجل الثاني في التنظيم الدكتور ايمن الظواهري.
لكن الخطوة الابرز في موقف “الاخوان المسلمين” جاءت من سوريا حيث اعلن المراقب العام لاخوان سوريا المقيم في بريطانيا علي صدرالدين البيانوني “التوقف عن اي نشاط معارض للنظام السوري” مما يعني تجميد دور جبهة الخلاص الوطني والتي تضم اضافة الى الاخوان نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام وشخصيات اخرى. وتحولت دمشق الى مركز للاتصالات واللقاءات الديبلوماسية من اجل التوصل الى اتفاق بشأن وقف العدوان.
فما هي ظروف اعلان الهدنة من قبل “الاخوان المسلمين” في سوريا؟ وكيف سيكون تأثير معركة غزة على دور القوى الاسلامية في المنطقة؟ وهل سنشهد بروز موجة جديدة من “الجهاديين الاسلاميين” للرد على مجازر غزة في غياب تنظيم “القاعدة” عن المواجهة مع الاسرائيليين؟
اخوان سوريا
يعتبر المراقب العام للاخوان المسلمين في سوريا علي البيانوني”ان اعلان الهدنة مع النظام في سوريا جاء في سياق الاحداث والظروف التي فرضها العدوان الصهيوني الذي تتعرض له غزة، وهو موقف منسجم مع مواقف الشعوب العربية والاسلامية، ومن اجل تجاوز الانقسامات الداخلية ووقف الصراعات البينية في الوطن العربي”.
وعن امكان تحول الهدنة الى حوار مع النظام يقول البيانوني: “نعم هذا ممكن اذا تم التعامل معها بايجابية ونحن دعونا الى اجراء مصالحة وطنية وازالة كل المعوقات التي تحول دون قيام سوريا بواجبها في تحرير ارضها” وقد لقيت هذه المبادرة ارتياحا كبيرا لدى الاوساط الاسلامية وخصوصا حركة “حماس” والتي سعت طوال السنوات الماضية وبالتعاون مع “حزب الله” و”الجماعة الاسلامية” في لبنان الى معالجة ملف “الاخوان في سوريا ” والوصول الى حلول عملية تنهي هذه الازمة التاريخية، لكن كل المحاولات السابقة لم تصل الى “نهاياتها السعيدة” رغم ان بعض المصادر الاسلامية تؤكد ان الرئيس السوري بشار الاسد اعطى موافقة اولية على معالجة ملف الاخوان، لكن ذلك لم يتحول الى خطوات عملية.
تعزيز دور “الاخوان”
وفي موازاة “معركة غزة” عمدت الحركات الاسلامية المنبثقة من تيار “الاخوان المسلمين” الى تفعيل حضورها الشعبي والسياسي والعلمائي على امتداد العالمين العربي والاسلامي، حيث تبنت هذه الحركات مع بعض القوى القومية واليسارية كل النشاطات الداعمة لـ”حماس” وغزة ونجحت في حشد الملايين في تركيا والمغرب وباكستان واندونيسيا واليمن والسودان.
ورغم كل التضييق والقيود التي واجهها “الاخوان في مصر” فانهم عمدوا الى تسيير التظاهرات والتحركات الشعبية مما ادى الى اعتقال ثلاثة الاف من قيادييهم وكوادرهم وانصارهم في مختلف المحافظات المصرية.
وتولى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي الاشراف على التحركات العلمائية والشعبية الداعمة لغزة وحركة “حماس”، ورغم نفي قيادات “الاخوان” وجود “التنظيم الدولي” الذي يتولى الاشراف على نشاطاتهم وتحركاتهم، فان المراقب لكيفية ادارة حملة التضامن يلحظ بوضوح وجود “قيادة مركزية اخوانية” تدير كل هذه التحركات وتشكل “العقل المنظم” لها وتضع الاولويات وآليات العمل التفصيلية مستفيدة من الظروف السياسية وحضور القضية الفلسطينية في الوجدان العربي والاسلامي، مما يعيد الى حركة “الاخوان” فاعليتها السياسية والشعبية على حساب القوى الاسلامية الاخرى وخصوصا التيارات السلفية وتنظيم “القاعدة” و”حزب الله”.
“جيل جهادي” جديد
لكن هل ستقتصر حملة التضامن مع غزة و”حماس” على التحركات الشعبية والسياسية والاعلامية ام انها ستولد جيلاً جهادياً جديداً؟
مصادر اسلامية مطلعة تكشف عن وجود نقاشات معمقة داخل الاوساط والحركات الاسلامية حول كيفية التعاطي مع معركة غزة وتداعياتها حيث تبرز وجهتا نظر: الاولى تدعو للتركيز على التحركات الشعبية والسياسية والاعلامية وتقديم ما يمكن من دعم لـ”حماس” كونها هي التي تتولى خوض المعركة الاساسية.
والثانية تدعو للقيام “بعمليات جهادية” لاستهداف المصالح الغربية والاسرائيلية وبعض الانظمة العربية وذلك للرد على ما تتعرض له غزة ولان ذلك يشكل الدعم الحقيقي لـ”حماس” ويبدو حسب المصادر الاسلامية، ان وجهة النظر الاولى هي التي تم تبنيها حتى الان، وان كان ذلك لا ينفي امكان بروز جيل جديد من “الجهاديين” و”المجموعات الجهادية” التي
يمكن ان تتحرك ردا على معركة غزة دون ان تكون مرتبطة بقيادة الحركات الاسلامية.
وتشير المصادر الاسلامية الى ان “معظم المجموعات الاسلامية الجهادية التي تتشكل في الدول العربية والاسلامية تأتي للرد على احداث سياسية او عسكرية كبرى، كما حصل خلال معارك البوسنة والهرسك والشيشان وافغانستان والعراق، ومعركة غزة هي من المعارك الكبرى التي يمكن ان تولد “جيلاً جهادياً جديداً” قد يرث “تنظيم القاعدة” الذي يواجه في هذه المرحلة صعوبات لوجيستية وامنية ويتعرض لضربات قاسية في العديد من الدول مما ادى الى تراجع دوره على الصعيد الجهادي.
تقرير قاسم قصير