صفحات سورية

تفسير الموقف بموقف.. والموقف لعيني طفل غزة المطموستين ولبصره المنطفئ

null
زهير سالم
مقالات كثيرة وآراء وتصريحات وصلتنا تعقيبا على موقف جماعة الإخوان المسلمين الأخير في تعليق الأنشطة المعارضة توفيرا للجهد العام لمحور المعركة الأساس مع العدو الصهيوني. الكثير من الرسائل أيدت الموقف وتفهمته عن رؤية، والكثير منها ومن الكتاب موضع الثقة انتقدوا الموقف وفندوه ولم يفعلوا ذلك من فراغ؛ فالشكر موصول لأولئك وهؤلاء على التفاعل والاهتمام. أما تفسير الموقف الذي أقدمنا عليه فهو أن لنا في عيني الطفل الفلسطيني اللتين طمسهما سلاح النازي في غزة شغلا عن التعاطي فيما سواهما ورسالتنا تقول: من كان عنده فضل كلمة أو كلمة فضل فليذد بها عن أطفال غزة ونساء غزة وشباب غزة ورجالها.. من كان عنده فضل كلمة أو كلمة فضل فليبذلها دفاعا عن كرامة أمة تستباح في غزة؛ فغزة اليوم هي كل المسلمين وكل العرب وهي النخوة والشرف وهي التاريخ والحاضر والمستقبل وهي الحضارة والمجد وهي أنا وأنت وأنتَ وأنتم وأنتن وهي هي وهو وهم وهن؛ غزة اليوم هي نحن في وجودنا الجمعي وضميرنا الجمعي وبقية روحنا الحي في جسد تفشت فيه الغرغرينا إلا قليلا…
ووقف يزيد بن معاوية مع ولده معاوية الصغير على خيمة أعرابية فسقته شربة ماء، فقال لولده: كم معك؟ قال مائة دينار. قال يزيد: أعطها إياها، قال له يا أبت قليل يكفي هذه، ثم إنها لا تعرفك!! فأجاب يزيد: ولكنني أعرف نفسي!! ومعرفة المرء بنفسه هي رأس الأمر وعموده ومستقره ومستودعه وبدايته ونهايته؛ وفرق بين جواد كجواد امرئ القيس (مكر مفر مقبل مدبر معا) وبين من قيل في مثله: ستعلم إذا انجلى الغبار… ونحن في جماعة الإخوان المسلمين نعرف أنفسنا، نعرف غاية أمرنا وهدفه ورأسه وعموده وذروة سنامه ومستقره ومستودعه وبدايته ونهايته وشعبه أعلاها وأدناها ونعرف مقاصده وأولوياته!!
في فقهنا السياسي واجب اسمه (واجب الوقت) لا يتقدم عليه سواه، ولا يشغل عنه شاغل، ولا يعتذر عنه إلا بعذر قاهر. وواجب وقتنا نصرة أهلنا في غزة فإن كانت كلمة فضل فهي لهم لرباطهم وثباتهم لمحاربيهم ورجالهم ونسائهم ولأطفالهم، وإن كانت كلمة دفع فعلى عدوهم هذا المتوحش المتكبر الذي يعيث فيهم فسادا فيهلك الحرث والنسل؛ عدو غزة بل جلاد غزة ونازيها اليوم هو العدو الذي يجب على أبناء الأمة أجمع أن يتفرغوا وأن ينصبوا له، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن نكص فلا يوتغ إلاها. وكل امرئ بما كسب رهين. ولا تزر وازرة وزر أخرى. وإنما التاريخ صحائف وكل يسجل في صحيفته اليوم ما يدخره لغده.
دعوتنا اليوم لكل بني أمتنا ولكل أبناء وطننا ولأهلنا في فلسطين بشكل خاص: لنكف عن سياسات التلاوم وتدافع المسئوليات والانشغال في توهين الذات؛ والفرز المسبق الذي لا يستفيد منه إلا هذا لا يرقب في دمائنا وفي نسائنا وفي أطفالنا قانونا ولا ضميرا
وليبادر الخبراء الاستراتيجيون ومن جميع الاختصاصات في عالمنا العربي والإسلامي إلى تقديم المبادرات العملية إلى الشعوب مباشرة وعبر وسائل الاتصال المستحدثة لتوظيف جهد كل فرد من أبناء الأمة في معركة غزة في أطرها الآنية والمستقبلية. وليفكر رجالات القانون الدولي ماذا يمكن أن يقدموا لنصرة غزة؟ وماذا يمكن أن تقدم المنظمات الإنسانية؟ وليباشر من يمتلك القدرة على توثيق هذه المحرقة النازية بأبعادها؟ ولتكن لها ملفاتها ومدوناتها وفهارسها بأسماء من استشهد من الرجال والنساء والأطفال موثقة بصورهم الشاهدة على نازية عدوهم. وليتقدم من يمتلك أن يحمل الأطفال الفلسطينيين الذين شوههم سلاح النازي من أبناء غزة ليطوف بهم دول العالم، وليماسّ شعوب الأرض أجمع حاملا الشهادة الحية الناطقة على نازية النازي وإرهاب الإرهابي، و ليكون هؤلاء الأبرياء الضحايا موضوع حوار يحسم اللجاجات العالمية حول تعريف الإرهاب وثقافته وكشف هوية الإرهابي الحقيقي بين الناس أجمعين.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية
أخبار الشرق – 14 كانون الثاني/ يناير 2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى