صفحات ثقافية

يوم المسرح العالمي وهموم الخشبة السورية: دمعة مكرّم ٍعجوز… أيقظت إحساسا بالغبن!

null


يارا بدر

دمشق القدس العربي نظمت المديرية العامة للمسارح والموسيقي برعاية وزارة الثقافة احتفالا علي خشبة مسرح الحمراء بدمشق، بمناسبة يوم المسرح العالمي والذي صادف 2008/3/27، حيث تابعنا استمرار حالة مسرحية خاصة من المتابعة لطالما شكونا من غيابها، إذ وصل الأمر حد حضور بعض نجوم المسرح والدراما السورية للحفل وقوفاً.

تميّزت فعاليات الاحتفال، بهجومها المُضمَر علي آلية عمل مديرية المسارح والموسيقي، وذلك عبر محورين أساسيين، هما عرض الفرقة المسرحية الذي حمل عنوان الثامنة ، وكلمة الفنان غسان مسعود علي لسان المسرحيين السوريين.

في المحور الأول قدم جيل الشباب عرضاً مسرحياً، اكتفوا فيه بأسمائهم الحقيقية، وعاشوا واقعهم الفعلي، كمجموعة ممثلين غاب مخرجهم تاركاً إياهم لفراغ أهوائهم قبل يوم من الاحتفال بيوم المسرح، وعليهم أن يحضّروا ما يقدمونه… مجموعة ألعاب وأغانٍ وحركات رشيقة، خففت من ألم الوقائع التي كسروا إيهام الحالة المسرحية لأجل مواجهة جميع الحضور بها… مروان أبو الشامات وقف علي الخشبة وسأل، لاعباً علي الزمن المسرحي، الدكتور عجاج سليم مدير مديرية المسارح والموسيقي إن كان لهم كممثلين مكافآت يعتاشون منها، ومتي ينالون هذه المكافأة إن وجدت… د. عجاج أجاب من مكانه في منتصف الصالة ملاطفاً بالإيجاب، دون أن يمنع ذلك الفرقة من كيل ما استطاعت للتفريغ عن حقيقة معاناتها مع مكافآت المديرية، التي قد يحصلون عليها بعد قرابة العام ونصف العام مثلاً.

كذلك وقف جابر جوخدار وفي لحظة كوميدية، عارضاً لصور كبار نجوم الفن السابع، من أمثال روبرت دينيرو، آل باتشينو وسواهم إلي جانب صورة صديقهم شادي مقرش للإعلان عن جوائز الأوسكار، وطبعاً ذهب الأوسكار إلي شادي الذي أهدي الجائزة إلي روح غابت عنه ولكنها سكنت قلبه دوماً، ماسحاً الابتسامات مختصراً الصمت حين قال إلي أمي ، وأكمل ساخراً، بالاستناد إلي أنّ أحداً لا يكرّم وهو شاب في بلدنا، فلن يأتي يوم يهدي جائزته إلي روح والدته الغالية… مفسحاً المجال لكل من الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة والدكتور عجاج سليم لتسليم مكرمي المسرح السوري والذين تجاوز أصغرهم سنّ الستين، جوائزهم التقديرية والمالية علي رمزيتها، فما كان من الفنان بسام لطفي إلاّ أنّ غطي وجهه المحمر ربما غضباً وربما حزناً، والأغلب ألماً.. وانفجر بدمعة حزن أبكت العديدين في الصالة، تلك الدمعة التي تساءلت عن معني أن تكرّم في بلدك بعد أن كاد ينساك الجميع، وأنت الذي وهبت حياتك حين لم تكن هذه البلاد تعرف معني النجم ولم يكن فيها معهد أكاديمي للمسرح بعد…أياً كان فقد وقف حضور الصالة احتراماً لتاريخ وجمالية بسام لطفي، الذي كُرّم إلي جانب المخرج مانويل جيجي والفنان محمود جبر والناقد عبد الفتاح قلعجي والتقني محمد صلوح .بعد التكريم البهيّ، ألقت الفنانة ثناء دبسي والفنان عبد الرحمن آل رشي كلمة يوم المسرح العالمي التي كتبها هذا العام الفنان الكندي روبير لوباج، والتي أكدت علي ضرورة فتح الحوار والتواصل بين المسرح والتكنولوجيا الحديثة، انطلاقاً من رؤيته أنّ بقاء الفن المسرحي يتوقف علي قدرته في إعادة اكتشاف نفسه من خلال دمج أدوات ولغات جديدة، وإلا فكيف للمسرح أن يشجع الوفاق بين الشعوب إن لم يثبت هو نفسه عن انفتاحه؟ وكيف له أن يتباهي بتقديم حلول لمشاكل التعصّب والاستبداد والعنصرية، إذا كان في ممارسته الفعلية يرفض الخليط والدمج؟ .

أتبعت هذه الكلمة بكلمة الفنان غسان مسعود، حيث شدد في التأكيد علي فشل المؤسسات الرسمية تاريخياً في تدجين المسرح كحالة وظيفية يومية…بل ربما أفرغ المسرح والمسرحيّ من معناه ومبرر وجوده بسبب البيروقراطي والروتين وغياب القوانين العصرية… لأنه لا يمكن للفنان الموظف أن يعطيك منجزاً إبداعياً بالأمر الإداري.. هل يجرؤ أحد أن يعتقد أنّ بمقدوره أن يحوّل الخيال والحرية إلي ببغاء في قفص.. ، ثم أنهي كلمته بأنّ من يحاول الإمساك بالفنان هو كمن يقبض علي الريح، وهذا ليس بالعمل النبيل.

اختتم شباب الفرقة المسرحية الاحتفال ببعض التوصيات التي اعتبروها من حقهم، تماشياً مع وجود حقوق للمرأة وأخري للعمال.. وهي حقوق بدت من البساطة حتي الإضحاك، أبرزها كان حق نيل المكافآت في وقتها، تنظيم وتحديد أماكن البروفات، حق التكريم قبل أن يواري الجسد إلي مثواه الأخير، وسواها، كما نوّه الراقص لاوند هاجو إلي مطالبة الراقصين الاحتفال بيوم الرقص العالمي.

للمناسبة قدمت المديرية بروشوراً ضمّ قائمة ببرنامج الاحتفالية، علي مدي الأسبوع، من سبيل أمسية شعرية للفنان نزيه أبو عفش وأخري غنائية للفنانة لينا شاماميان، وعروض مسرحية، تناوب حضورها علي مختلف المحافظات للاحتفال بذات المناسبة. كما أوردت المديرية جدولاً تقريرياً بالعروض التي أشرفت عليها وبلغت (26)، والمهرجانات التي رعتها وعددها (18)، طارحة بهذا الإدانة الثالثة بحق نفسها، فهل سعينا الأكبر إلي إقامة المهرجانات، التي جاوز عددها أكثر من نصف عدد العروض، لمن هذه المهرجانات، وما الهدف منها، الثقافي والمالي

يوم المسرح العالمي /2008/ بالنسبة للسوريين بدا يوماً اتفق الجميع فيه علي كسر الصمت، ونأمل إلا تكون محاولتهم حقاً قبض ريح! لذلك جاء الإعلان عن مجموعة نشاطات لمديرية المسارح، حيث ستقدم في نفس اليوم عل خشبة مسرح القباني عرض تلاميذ الخوف تأليف إيغون وولف وإخراج مأمون الخطيب، كما سيتم تقديم مشروع تخرج دورة في مسرح العرائس من خلال مسرحية (الحمار المغرور) لمحمد خير عليوي وذلك علي مسرح العرائس، وبنفس المناسبة أقيمت في تمام السادسة من مساء الأحد 3/30 في المركز الثقافي العربي في كفر سوسة ندوة بعنوان المسرح السوري.. واقع وطموح شارك فيها الباحث المسرحي د. نبيل الحفار ومدير المسارح والموسيقا د. عجاج سليم والمخرج المسرحي د. محمد قارصلي وأدارها الكاتب المسرحي جوان جان.. أما في المحافظات فسيتم تقديم عدد من العروض المسرحية بهذه المناسبة من خلال فرق المسرح القومي، ففي حلب ستقدّم مسرحية أشباح المدينة للمخرج د.وانيس بندك، وفي حماة مسرحية أمر إداري إخراج محمد شيخ الزور، وفي إدلب مسرحية (المهندس) لمروان فنري، وفي الحسكة (المنشار يعزف ألحاناً) إخراج فيصل الراشد، وفي طرطوس مسرحية الأطفال علاء الدين والمصباح السحري للراحل عدنان جودة نصاً والفنان نصر مغامس إخراجاً، وفي اللاذقية سيقدم الفنان سليمان شريبا عمله المسرحي اعترافات زوجية .

فهل تكون هذه العروض بمستوي المناسبة وتشكل نقلة في مسيرة الخشبة المسرحية في سورية من الغفلة إلي اليقين، أم تبقي مجرد لعب بالوقت الضائع بهدف رفع العتب، ومحاولة لقبض الريح وفناني المسرح معا؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى