الإنسان العذب
بهاء طاهر*
رحيل الطيّب صالح خسارةٌ كبيرة للثقافة العربية. عرفته مذ كان مذيعاً في BBC في لندن، وامتدّت علاقتي به حتى آخر زياراته القاهرة. كان إنساناً عذباً، وأعتقد أنّه كان يمتلك أصدقاء في كل بلد عربي بقدر أصدقائه في السودان، وأذكر أنّه كان عندما يحضر إلى القاهرة يلتف حوله أصدقاء بينهم الكاتب محمود سالم ورجاء النقّاش وغيرهما…
ومن غرائب المصادفات أنّنا خلال تأبين رجاء النقّاش الأسبوع الماضي في ذكرى رحيله الأولى، تردّد على ألسنة المتحدثين اسم الطيب صالح بسبب العلاقة الخاصة التي ربطت بين الكاتب والناقد. وقد كان للنقّاش فضل تعريف مصر والعالم العربي بأدب الطيب صالح الذي كان جديداً تماماً في حينه، وما زال مبهراً حتى الآن. فقد استطاع في كتاباته مثل «موسم الهجرة إلى الشمال» أن يجعل من الفولكلور السوداني إسهاماً أدبياً عالمياً، حيث أدمجه في رؤية فنية متقدّمة وعصريّة وبالغة الجمال. وقد كانت «دومة ود حامد» شيئاً جديداً في القصة العربية بسبب ذلك المذاق والنكهة المحلية والتاريخية والتعبير العصري في الوقت نفسه… كان الطيب صالح قادراً على اجتذاب الحب ممن يقتربون منه، لأنّه شديد العذوبة وتلقائي وساخر كبير، يبدأ بالسخرية من نفسه قبل الآخرين.
* روائي مصري