ترك صورته في مرايا الشعر
راسم المدهون
كنا في تلك الأيام ندعوها “جزيرة المثقفين”، ففيها تجمّعت صحف ومجلات عربية مهاجرة وجدت في المدينتين الرئيستين نيقوسيا العاصمة، وليماسول السياحية الجميلة رئتين تتنفس منهما.
قال الشاعر الفلسطيني منذر عامر: لقد وصلت اليوم مجموعة من الشعراء والكتاب اللبنانيين للعمل في “الشاهد”.
منذر راح يعدّد أسماء من وصلوا وكان أن ذكر من بينهم إسم بسام حجار.
قال سليم بركات: دعوهم كي يرتاحوا يوما أو يومين وأنا واثق أنهم سوف يتّصلون.
بسام حجار لغة من أثير، ولكنها أيضا لغة لا تغادر الذاكرة.
كل من عرفه من خلال جلساته أو قصائده سوف يحار في الوقوف على فارق واحد بين فضاءات قصائده وفضاءات روحه تلك التي تشبه بحر صور وعالم الجنوب اللبناني.
أتحدث عبر الهاتف مع “المستقبل” فأتقصّد في أحيان كثيرة أن أطلبه بالإسم.
تلك النسمة التي تبعث كلماتها تقنعني كلّ مرة أنه غارق تماما في الحياة، ولأنه كذلك كان يكتب قصائد تشبه روحه، سواء في عثوره الجميل على إيقاعات الرّوح اليومية، أو في ذلك السبك “البسيط” والمحمّل دائما بعبق اللغة الساخنة التي لا تقبل أن تنطفيء.
قبل شهور قليلة كتبت في “نوافذ” أتساءل عن سرّ ذلك الوهج في شعره وترجماته ومقالاته.
لم أكن يومها أعرف بمرضه، بعد أيام قال لي حسن داوود أن بسام يستعيد عافيته وكان يظنّني أعرف.
حين سألته أخبرني بحالته الصّحية وكان مع ذلك متفائلا بنجاته.
بسام حجار ليس عابر كتاب.
ليس شاعراً موسمياً، تماماً كما لم يكن ولن يكون أبداً رجلاً يعبر الحياة ويمضي.
أعرف أن الموت باهظ وثقيل، ولا تخفف وقعه كل الكلمات الجميلة وبلاغات المراثي.
نعم لقد فقدنا شاعراً من الأجمل، كان وجوده يطمئننا أن العالم لا زال يحب الحياة وتحبه.
لن يكتب شعراً جديداً.
وستغيب مقالاته وترجماته من “نوافذ”.
هل يقدر واحد منا جميعاً أن يعوّضها؟
أيها الحبيب.. المجد لك ولكلماتك ولقلبك النبيل.