بيدي لا بيد عمرو
داود الشريان
طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي السيناتور جون كيري، خلال وجوده في اسرائيل، سورية بالتوقف عن دعم «حماس» و «حزب الله» واحترام الانتخابات اللبنانية، واظهار رغبة اوضح نحو السلام مع اسرائيل، والتعاون مع السياسة الاميركية في العراق وايران. ثم قال: «هناك قضايا رئيسية غير مطروحة على الطاولة، ونحتاج الى ان نستكشف هذه القضايا. لكنني أؤكد لكم انه ما من أحد يتوهّم ان مجرد كلمات تكفي لإقامة علاقة».
اذا كان كيري صرح بضرورة ان تتوقف دمشق عن دعم «حماس» و «حزب الله»، وتترك التدخل في الانتخابات اللبنانية، وتسرّع التفاوض مع اسرائيل، وتدعم سياسة واشنطن تجاه العراق وايران، فما هي تلك القضايا التي لم تطرح بعد على الطاولة؟ وهل يمكن القول إن السيناتور الاميركي يلوّح لدمشق بالثمن الذي يمكن ان تحصل عليه في حال قامت بتحرك فعلي تجاه القضايا التي ترغب واشنطن من السوريين تغيير موقفهم منها؟
قبل الإجابة والبحث في «القضايا غير المطروحة على الطاولة»، لا بد من تأمل دلالات زيارة كيري لقطاع غزة، والتي تعتبر، على نحو ما، اعترافاً بحكم «حماس». صحيح ان كيري نفى ان تكون هذه الزيارة دليلاً على تغيير السياسة الاميركية تجاه «حماس»، لكننا ايضاً نعرف ان المسؤولين الاميركيين لا يذهبون الى المناطق التي لا يعترفون بحكامها، وحسموا موقفهم منها. فضلاً عن ان هذه الزيارة لا يمكن ان تتم من دون التنسيق مع الحركة التي بدورها رحبت بالزيارة. وعلى هذا، هل يمكن القول إن كيري يقصد بالقضايا التي لم تطرح، المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وإعطاء «حماس» دوراً سياسياً في المستقبل؟ هذا غير مستبعد. والرجل قال بوضوح إن تغيير التعامل مع سورية رهن بقدرتها على التعامل مع مخاوف واشنطن.
جون كيري ليس مندوبا للعدالة الدولية، وهو جاء لتبديد المخاوف الاميركية. وهذه الزيارة هي بمثابة رسالة تقول بوضوح إن العلاقات الاميركية – الايرانية دخلت مرحلة جديدة، و الظروف في اميركا واسرائيل والمنطقة تغيرت، ولا بد من معاودة التفاهم انطلاقاً من الوضع الجديد. وهذا يعني ان على العرب فهم الرسالة التي تحمل اشارات مزدوجة، والإسراع في الدخول الى قاعة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبل ان تضيّعنا المصالح والمخاوف الاميركية. والعرب تقول بيدي لا بيد عمرو.
الحياة