نرحّب بالإصلاح في السعودية
تشتهر السعودية بأنها تمقت التغيير، لكن بعد أربع سنوات من تولّيه العرش، قد يكون الملك عبدالله جاهزاً وأخيراً للوفاء بوعده بقيادة بلاده نحو مزيد من التسامح والحداثة.
نرحّب بقراره تعيين العديد من الإصلاحيين في مناصب رفيعة في حكومته – وكذلك بقراره الأكثر إثارة للمفاجأة الذي قضى بطرد بعض القادة المتشدّدين من المؤسسات الدينية النافذة في البلاد. نأمل أن يعني ذلك أن السعودية سوف تمنح قريباً الحقوق المدنية والقانونية كاملةً للنساء وجميع من يقيمون في المملكة.
لقد تركّز الجزء الأكبر من الاهتمام على تعيين الملك أول امرأة في منصب نائبة وزير معنية بشؤون تعليم النساء. إنها خطوة أولى مهمة. لكن ما زال يجب قطع طريق طويل قبل أن تتمتّع النساء بما يشبه المساواة.
يجب أن تحصل المرأة السعودية على الإذن من زوجها أو والدها للعمل أو السفر أو الدراسة أو حتى الإفادة من الرعاية الصحية. ولا يمكنها القيادة. تشكّل النساء أكثر من نصف الطلاب في الجامعات، غير أن فرص العمل المتاحة أمامهن محدودة للغاية.
ومحنة “فتاة القطيف” هي تذكير مروِّع بانعدام الأمن والإجحاف اللذين تعاني منهما النساء في السعودية. عام 2006، تعرّضت الفتاة للاغتصاب على يد عصابة، وكادت تتحوّل ضحية من جديد عندما حكم عليها النظام القضائي الذي يسيطر عليه رجال الدين، بمئتَي جلدة لوجودها وحدها في سيارة مع رجل ليست متزوّجة به. ولم تنجُ من العقوبة إلا بعدما أعار الملك عبدالله آذاناً صاغية للاحتجاجات العالمية وعفا عنها.
الأسبوع الماضي، تحدّى الملك عبدالله الإستابلشمنت المحافظ بطريقة أكثر مباشرة، فطرد قائد الشرطة الدينية (المعروفة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي تزرع الخوف على نطاق واسع، ورئيس المحكمة العليا في السعودية المعروفة بمجلس القضاء الأعلى، وذلك بعدما كان كبير القضاة المخلوع من منصبه قد أفتى في أيلول الماضي بقتل مالكي القنوات التلفزيونية التي “تفسد الأخلاق”.
وأضيف أيضاً معتدلون إلى هيئة كبار العلماء، وهي هيئة نافذة مؤلَّفة من علماء دينيين من مختلف فروع الإسلام السنّي. غير أن الملك أحجم، ويا للأسف، عن تعيين ممثلين عن الأقليات الشيعية في الهيئة.
منذ هجمات 11 أيلول – كان 15 من أصل 19 مهاجماً سعوديين – تعهّدت السعودية بإصلاح نظامها التعليمي المتشدّد والمستند إلى الدين الذي يُعتبَر بأنه يشجّع التطرف. ويقول المسؤولون السعوديون إن وزير التربية والتعليم الجديد الذي عيّنه الملك، الأمير فيصل بن عبدالله، هو من ملتزمي الإصلاح. وهو أيضاً صهر الملك، لذلك لن يكون بالإمكان تقديم أعذار إذا استمرّت الكتب المدرسية السعودية في بث آراء بغيضة عن غير المسلمين.
لقد أظهر الملك عبدالله رغبة في التغيير تستحق الثناء، لكن يتعيّن عليه أن يجري تغييرات أكثر جرأة لتلبية حاجات شعبه وإرساء نموذج من الاعتدال والتسامح يقتدي به باقي العالم العربي.
ومن أجل تحقيق ذلك، ينبغي عليه أن يفسح مجالاً أكبر أمام النقاش السياسي ومشاركة المواطنين، وينشئ مؤسسات سياسية حديثة. إنها الطريقة الوحيدة كي تستمر إصلاحاته أياً يكن من يقدم المشورة للملك في السنوات المقبلة – أو أياً يكن الملك.
افتتاحية “نيويورك تايمز”
ترجمة نسرين ناضر
النهار