حـرب أوبـامـا
ساطع نور الدين
كما هي عادة اسلافه جميعا، اعلن الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما حربه. انها افغانستان. قال ان اميركا ستنتصر، لكنها ستخرج من بقية الحروب العشوائية التي شنها الرئيس السابق جورج بوش، وتعتمد سياسة الانخراط والمشاركة، لأنها لا تستطيع ان تواجه تهديدات القرن الحادي والعشرين وحدها، كما ان العالم لا يستطيع مواجهة هذه التهديدات وحده..
لكنها ليست حربه الخاصة. فقد شنها سلفه في خريف العام 2001 ، وتركها تسير على هديها، لأن أميركا انتصرت فيها الى حد بعيد. منذ ذلك الحين لم تتعرض المدن الاميركية ولا حتى المصالح الاميركية المباشرة لأي هجوم ارهابي. ولم يكن جورج بوش يجانب الصواب عندما كان يقول ان الولايات المتحدة باتت اكثر أمناً.. برغم أن بقية أنحاء العالم باتت ساحة حرب مفتوحة.
لم يتوقف إطلاق النار يوماً على تلك الجبهة الأفغانية. تغيرت أساليب القتال بعض الشيء. صارت العملية الانتحارية الواحدة ضد القوات الاميركية او الاطلسية تكلف الأفغان عشرات القتلى من النساء والأطفال والشيوخ. وهو تكتيك لم يغيره أوباما منذ وصوله الى البيت الابيض، برغم انه أسوأ وأكثر وحشية من تعذيب السجناء في معتقل غوانتانامو الذي قرر إقفاله بعد سنة.. بل جرى في الآونة الأخيرة توسيع نطاقه إلى حدود لم يسبق لها مثيل، من دون الأخذ بالاعتبار نصائح شريك اميركا في كابول الرئيس حميد قرضاي، الذي تعرض في الآونة الاخيرة لحملة إهانات وشتائم مقذعة من جانب المسؤولين الاميركيين.
المهم ان اميركا توجه قواتها وإمكاناتها نحو أفغانستان. وكان من اوائل قرارات اوباما السياسية والعسكرية ارسال 17 الف جندي اميركي اضافي الى تلك الجبهة، وعدد مماثل كما يقال من رجال الامن والاستخبارات الى الجبهة الباكستانية المتاخمة، حيث وسعت حركة طالبان نفوذها مؤخراً، وباتت تسيطر على واحد من أهم المناطق الحدودية، وادي سوات.. وباتت تستعد للتوجه إلى إسلام اباد.
اقل ما يقال في واشنطن عن تلك الحرب التي قرر أوباما فتحها من جديد، إنها هي بالذات ستكون فيتنام التي تحولت إلى عارض ثابت يصيب كل رئيس أميركي يخرج الى الحرب في مستهل ولايته، ويضطر إلى الخروج منها في نهاية ولايته. وثمة اسماء كبرى في اميركا تؤكد أن تلك الحرب ستكون القاضية على أميركا مثلما كانت القاضية على الاتحاد السوفياتي، ولن يخرج منها الرئيس اوباما سالماً، ولم يبق الكثيرون من حلفاء اميركا الافغان والباكستانيين على قيد الحياة.
هي البداية فقط، لما يبدو انه تحول استراتيجي في السياسة الدولية: أوباما أمام اختبار قدرته على قيادة اميركا، وتوجيه قدراتها ومواردها نحو حرب خاسرة حسب كل المعايير ، كانت مجرد جبهة خلفية لحرب أعنف وأقسى، تدور معاركها على جبهات عربية واسلامية اخرى، تنتظر الانخراط الاميركي الجديد.. من دون اوهام بان الرئيس الاميركي الجـديد سيكـون أشد ذكاء من سلـفه الأخـرق.
السفير