صفحات سورية

ما هذا السر؟

null
سعد محيو
“زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى المملكة كانت إيجابية جداً، وكما ذكر خادم الحرمين في قمة الكويت عن الخلافات العربية، فإننا حفرنا لها حفرة ودفنّاها، ولاعودة الى الماضي لأن الحفرة عميقة”.
هكذا تحدث وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل.
“أود أن أشيد بتصريحات الوزير المعلم “الايجابية” في شأن المصالحة الفلسطينية. وعلى أي حال، ليس غريباً ان تقوم سوريا بتعزيز أي جهد يبذل من أجل خدمة آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته”.
وهكذا تحدث وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط.
“قطار الوحدة الوطنية انطلق، وهذا سيكون يوماً مشهوداً في التاريخ برزت فيه وحدة الكلمة بين كل فصائل الشعب الفلسطيني”.
“قطار الوحدة انطلق في الطريق الصحيح، ونأمل ان يظل في الطريق الصحيح. الجميع يريد اعادة الوحدة، ويريد لهذا الحوار ان ينجح”. وهكذا تحدث على التوالي كل من نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق ورئيس وفد حركة “فتح” احمد قريع.
ما الذي يجري؟
هل هي ليلة القدر وقد انبلجت من غير ميعاد في فجر عربي جاء على غير ما توقُّع؟
لايستطيع أي مواطن عربي لايزال متمسكاً بلغته العربية سوى أن يبتهج ويرحّب ويصفق لردم حفرة الخلافات بين المملكة السعودية وسوريا، ولبدء ردم الاختلافات بين مصر وسوريا، ولانطلاق قطار السلام الأهلي الفلسطيني بعيداً عن وهدة الحرب الأهلية الفلسطينية.
لكن من حق هذا المواطن أيضاً أن يسأل: ما طبيعة “الروح القدس” التي برزت فجأة في سماء المنطقة لتعيد روح الصفاء والمحبة بين الأخوة الذين كانوا قبل أسابيع قليلة متخاصمين ومتباعدين ومتنابذين؟
في غياب المعلومات لايبقى سوى التكهنات. وهنا يمكن أن يبحر بنا الخيال إلى “إسرائيل”، حيث إن سيطرة اليمين المتطرف على مقاليد الأمور، يفترض أن تكون قد أطلقت بعض صفارات الإنذار في بعض العواصم العربية على الأقل. كما قد يجنح خيالنا إلى أن مخاطر الانفجارات الاجتماعية الكبرى التي قد تحدث في بعض الدول المشرقية العربية بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، قد تكون قد أحيت شيئاً من دوافع التضامن العربي.
لكن ثمة معلومات ليست افتراضية البتة تشير إلى أن كل هذه الموجة من المصالحات العربية- العربية بدأت مباشرة بعد رحيل إدارة بوش عن البيت الأبيض، الأمر الذي يشي بأن واشنطن كانت في الواقع هي أحد العوامل الرئيسية في تحريض فتح على حماس، وفي إذكاء الخلافات العربية- العربية الأخرى، وفي نشر الفوضى غير الخلاقة في الشرق الأوسط.
تاريخ حقبة بوش في الشرق الأوسط لما يكتب بعد. لكن ما يقوله معارضوها الأمريكيون أنفسهم بالغ الفصاحة والوضوح في شرح الدور المدمّر الذي لعبته هذه الإدارة في المنطقة العربية على وجه الخصوص وفي العالم الإسلامي بوجه عام طيلة ثماني سنوات.
هذا لايعني أن على العرب انتظار موسم السمن والعسل من إدارة أوباما، إذ إن هذه قد تجد في لحظة ما، (هي الأخرى)، أن الانقسام العربي ضروري لضمان وحدة السيطرة الأمريكية. لكن قرار هذه الإدارة بتغيير منحى السلوكيات الأمريكية من الإمساك بقبضة المسدس إلى التلويح بغصن الزيتون الدبلوماسي يمكن أن يوفّر للعرب فرصة لالتقاط الانفاس وإعادة اكتشاف عناصر القوة الكامنة في تضامنهم.
وهي، بالمناسبة، فرصة قد لا تطول طويلاً إذا ما نجح أوباما في إخراج أمريكا من المغطس العراقي سريعاً.
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى