صفحات الناس

حملة التواقيع الـ(46) ألف….أهميتها ؟

null
حسن برو
دائماً نحن معتادون في مجتمعاتنا الشرقية على عدم مباركة أي عمل يقوم به غيرنا، ونحاول الانتقاص منه مهما كان هذا العمل مهماً وكبيراً وفعالاً، ولكن الكثير من الأمور يجب التوقف عندها ملياً لتقييمها، وبخاصة في مسألة الحملات المدنية التي تشكل نوع من التفاعل مابين أصحاب الحملة، أو أصحاب الفكرة ومابين الناس، حيث يتواصل هؤلاء على عريضة الحملات، وعلى الفكرة التي تشملها الحملة والمطالب الموجودة في هذه الحملة والشخص أو الجهة التي توجه إليه التواقيع وهنا يمكن تعريف الحملة أو الحملات على أنها: (تتكون من سلسلة من الأنشطة الهادفة إلى تحريك المجتمع نحو الإيجابية ونبذ السلبية وتوجيه الرأي العام لاتخاذ موقف بناء إزاء قضية، والضغط على النظام ليتخذ موقفاً استجابة للإرادة الشعبية) إلا أنه من الغريب أن نفهم العمل السلمي في اتجاه واحد وبشكل واحد وكأننا ننظر إلى الأشياء من منظوره الضيق لا يمكن العمل به إلا من خلالنا وهنا نبدأ بارتكاب أخطاء لنحول أي فعل نضالي نحن مختلفين فيه إلى مهزلة….وهنا أود العودة إلى حملة التواقيع الأخيرة التي كانت بمبادرة من بعض الأخوة (في محافظة الحسكة) وباركته القوى السياسية والتي وصلت إلى (46000) ألف توقيع وقع عليه الأكراد والعرب والأشوريين لمناهضة المرسوم /49/ الذي يمنع بموجبه نقل أو بيع ملكية عقار إلا بعد الحصول على الترخيص القانوني، وبالتالي يجعل من الصعوبة الحصول عليها في ظل المراجعات الأمنية والإدارية الروتينية والغير روتينية، وهنا يمكنني اعتبار بأن هذه هي الحملة الوحيدة الناجحة التي حركت هذا العدد الكبير من الناس للتوقيع على هذه العريضة، ليتم من خلالها توجيه أنظار الرأي العام السوري وحتى في المحافظات الأخرى إلى سلبيات هذا المرسوم والذي ألغى حياة الكثير من الناس في المناطق الحدودية لسورية وجعلهم يعيشون في أحزمة الفقر حول مدينة دمشق والمدن الداخلية الأخرى، وحتى يمكننا ترشيح هذه العريضة لتدخل في كتاب غينس للأرقام القياسية والتي وصلت بحسب الوفد إلى (450)متر، كما أن هذا العمل وبهذا الحجم يمكن اعتباره عمل جديد وهي تنسجم مع المرحلة التي نعيش فيها الآن وبخاصة بأن هذا المطلب موجه للرئيس السوري، ويمكن اعتبار الموقعين والوفد الحامل للعريضة بالشجعان، وهذا لايمثل أي نوع من أنواع الترجي أو التسول والتي يشبهها البعض بورقة فقر الحال، وإذا كنّا يوماً نفتخر بالشجعان فأننا سنفتخر بالموقعين على هذه العريضة التي حققت نوع من التضامن الأخوي(العربي والكردي والأشوري والمسيحي) اتجاه مرسوم يضر بكافة أبناء الوطن على اختلاف انتماءاتهم وبالتالي اعتبار القضية الكردية قضية وطنية وما يضر به يضّر بباقي مكونات المجتمع السوري، أما إذا كنّا سنحشر أنفسنا في زوايانا الضيقة (الشخصية والحزبية والقومية) فأظن بأننا سنكون الخاسرين الوحيدين في هذه الأمور، لنضّر بالشراكة الوطنية التي ننادي بها ونتباكى عليها (وهنا يمكن اللجوء إلى المسافات قليلاً فإذا كانت محافظة الحسكة وبشكل تقريبي على امتداد (345) كيلومتر طولاً تقريباً ومن الحدود التركية بعمق ما يقارب(150-0200) كيلو متر فلا يعني الأكراد سوى (50- 65)كم متر عمقاً مع التداخل الأخوي مع القوميات الأخرى الموجودة في المحافظة، لذلك أتمنى من كل قلبي أن نقوم ببناء جسور الثقة فيما بيننا على أساس الاحترام المتبادل وعدم حشر الأمور في زواياه الضيقة، من خلال النظرة الضيقة للأمور….وهنا يمكن أن نقول بأن حملة التواقيع هذه حققت عدة أهداف:
1- حولت ميزان القوة من يد الأقلية السياسية إلى الأكثرية الشعبية وذلك من خلال العدد الكبير للتواقيع ليعبر الناس عن أرائهم من خلال توقيع بأن المرسوم /49/ لعام 2008 يضّر بمصالح الناس والعباد في المحافظة.
2-حققت أهداف فرعية من خلال تنوع الموقعين وانتماءاتهم (القومية والدينية).
3-فتحت مجال للحوار مابين (الموقعين والوفد من جهة –والوفد والسلطة من جهة أخرى).
4-حققت نوع من الاحتكاك مابين العامة وأصحاب الحملة ونشطائها.
5-أحست جميع الشرائح بأنها غير مهملة في هذه الحملة من خلال توقيع العمال والفلاحين والمثقفين والتجار وكل منهم بصفته على هذه العريضة.
إن الحملات هي من الوسائل السلمية التي يمكن اللجؤ إليها ومخاطبة أصحاب القرار من خلال امتلاك أوراق القوة وعدد المؤيدين لها، وبخاصة للمؤسسات الوطنية (مجلس الشعب –مجلس الوزراء –رئاسة الجمهورية….جهات أخرى صاحبة القرار)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى