المبادرات الأمريكية قد تضطر سوريا لاختيارات صعبة
دمشق (رويترز) – أشار الرئيس الامريكي باراك أوباما الى رغبته في إجراء حوار مع سوريا مما قد يُعيد دمشق للساحة الدولية بصورة أكبر ولكن في نفس الوقت قد يضطرها لاختيار ما اذا كانت ستتحرر من علاقاتها الوثيقة بايران وجماعات معادية لاسرائيل.
وقال ديفيد شنكر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الادني في بحث “اذا تمكنت ادارة (اوباما) بشكل ما من توجيه عودة سوريا الاستراتيجية للصف -بعيدا عن ايران وتجاه معسكر السلام- ستكون ضربة حقيقية للمتشددين في المنطقة.”
وستجد سوريا صعوبة أكبر في مواصلة دعمها لجماعات متشددة وتحالفها القديم مع ايران اذا قامت الولايات المتحدة بتطبيع العلاقات معها وسعت للتوسط في عملية السلام بين اسرائيل وسوريا كما كان الحال طيلة عقد تقريبا من الزمان حتى عام 2000 .
وفي الاسبوع الماضي اعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان من السابق لأوانه التنبوء بتحسن في العلاقات عقب اجتماع مسؤول امريكي بارز مع عماد مصطفى سفير سوريا في واشنطن.
غير ان مصطفى صرح بان الاجتماع قد يكون بداية صفحة جديدة في العلاقات وان سوريا مستعدة لمناقشة جميع القضايا.
وكان الرئيس السوري بشار الاسد أعلن أن المشاركة الامريكية المباشرة حيوية في أي محادثات سلام مع اسرائيل تهدف لضمان عودة مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وفي بادرة على حسن النوايا أفرجت ادارة أوباما عن تبرعات حجمها 500 الف دولار جمعتها جميعة خيرية سورية تدعمها زوجة الاسد في واشنطن. غير ان أوباما أبقى على ستيورات ليفي مسؤول الخزانة الذي عينه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش من اجل زيادة فعالية العقوبات المفروضة ضد ايران وسوريا.
وفرض بوش عقوبات ضد سوريا في عام 2004 واتهمها بمساعدة مسلحين على السفر للعراق ومساندة حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله البناني اللتين تصنفهما واشنطن على انهما جماعتان ارهابيتان بينما ترى دمشق انهما يقاتلان من أجل الحرية.
وقال دبلوماسي في العاصمة السورية “ربما يكون احتضان سوريا لحماس ميزة في الوقت الحالي ولكن قد يتحول لعبء اذا ما اظهرت الولايات المتحدة جدية تجاه اتفاق سوري اسرائيلي.”
وسحبت واشنطن سفيرها من دمشق عام 2005 عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. وتنفي سوريا تورطها في قتله. وبدأت محكمة خاصة تابعة للامم المتحدة مكلفة بالقضية عملها أمس الاحد ولكن توجيه الاتهام للمشتبه بهم قد يستغرق شهورا.
وقد تحبط مواجهات محتملة بين سوريا والامم المتحدة بشان المحكمة الخاصة باغتيال الحريري وبشأن عمليات تفتيش نووية التقارب مع الولايات المتحدة ولكن دمشق تشهد نشاطا دبلوماسيا كبيرا في الوقت الحالي.
ومنذ تنصيب اوباما في 20 يناير كانون الثاني زارت اربعة وفود من الكونجرس الامريكي سوريا وضم احد هذه الوفود السناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
ويتوقع دبلوماسيون في دمشق ان يوفد أوباما جورج ميتشل مبعوثه لمنطقة الشرق الاوسط لسوريا وعودة السفير الامريكي عقب الانتخابات البرلمانية في لبنان في السابع من يونيو حزيران.
وكانت الاولوية في مهمة ميتشل حتى الان تهدئة التوتر عقب الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس في ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني وهو النزاع الذي عمق الخلاف بين سوريا وكل من مصر والسعودية الحليفين الرئيسيين لواشنطن في العالم العربي. وساندت سوريا حماس خلال الهجوم.
غير ان سوريا استجابت لجهود عربية لرأب الصدع مع السعودية وزار وزير الخارجية السوري وليد المعلم الرياض الشهر الماضي لمناقشة الخلافات بما في ذلك ما يخص حماس.
وقال كيري عقب اجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد ان سوريا أبدت استعدادها للمساعدة في تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تضم حماس.
وتجري في القاهرة محادثات لاقتسام السلطة بين حماس وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقاطعت واشنطن حكومة سابقة قادتها حماس ويقول مسؤولون سوريون انهم يجدون ارضا مشتركة مع الامريكيين في الوقت الحالي فيما يتعلق بايجاد دور سياسي لحماس الى جانب جهود تحقيق الاستقرار في العراق ولبنان ومكافحة الارهاب .
وقال دبلوماسيون انه في حالة موافقة حماس على الانضمام للحكومة الفلسطينية التي قد تستأنف محادثات السلام مع اسرائيل فان ذلك سيساعد سوريا على تصوير جهودها للتوصل لاتفاق مع اسرائيل كجزء من مساعي سلام شاملة.
وعلقت المفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل بوساطة تركية في ديسمبر بسبب الهجوم على غزة.
وقال مصدر غربي في دمشق ان بعض المسؤولين الاسرائيليين يضغطون من اجل تقارب امريكي سوري لان ذلك قد يسهل توصل اسرائيل لاتفاق سلام مع سوريا يهمش حلفاء سوريا الرئيسيين مثل ايران وجماعات متشددة.
وقال المصدر ان واشنطن قد تسعى في نهاية الامر لعقد اجتماعات رفيعة المستوى بين سوريا واسرائيل لبدء محادثات السلام.
وانهارت المحادثات التي اجريت تحت اشراف مباشر من الولايات المتحدة واستمرت نحو عشرة اعوام في عام 2000 بعدما رفض الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد عرضا من اسرائيل لا يعيد ما يعتبره جميع اراضي الجولان.
ويقول جوشوا لانديس الخبير في الشؤون السورية المقيم في الولايات المتحدة ان السوريين قلقون من الدخول في مفاوضات جديدة مع واشنطن دون تحقيق مكاسب حقيقية مستندين لخبرتهم مع ادارة الرئيس الاسبق بيل كلينتون.
وأضاف “يقلق سوريا ان يستغل اوباما العملية لتخديرها والابقاء على سلوكها الحسن في لبنان ولا يحدث شيء بينما يجني هو ثمار القضية الفلسطينية.
“لن تسترد الجولان وتصبح في موقف أضعف.”
من خالد يعقوب عويس