قمة المصالحة: سورية الرابح الأكبر
تضاربت الأنباء حول طبيعة قمة المصالحة العربية التي ستعقد في الرياض اليوم بدعوة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فهناك من يقول انها ستكون ثلاثية تقتصر على زعماء كل من مصر وسورية والسعودية الدولة المضيفة، وهناك من يؤكد انها ستكون خماسية حيث سينضم إليها أميرا الكويت وقطر.
وكالة الأنباء السعودية الرسمية قالت ان العاهل السعودي وجه دعوة إلى كل من الرئيس السوري والرئيس المصري لاجراء محادثات في الرياض، تتطرق إلى العلاقات الثنائية وكيفية تعزيزها، ولم تتحدث الوكالة مطلقاً عن قمة مصالحات ثلاثية أو خماسية، بل لم تربط بين زيارتي الرئيسين المصري والسوري.
هذا التضارب يمكن تفسيره على عدة أوجه، أولها ان هناك خلافات على صعيد المصالحة السورية – المصرية ما زالت بحاجة إلى المزيد من المشاورات لتذليلها قبل التقاء الزعيمين، ولهذا تريثت الحكومة السعودية في الاعلان عن قمة مصالحة ثلاثية، وثانيها ان طبيعة الحكم السعودي التي يغلب عليها التحفظ، لا تريد تصعيد الآمال بشكل مبالغ فيه حول المصالحة، نظراً لصعوبة القضايا الخلافية المطروحة على جدول الأعمال.
اللقاء في حد ذاته، حتى لو كان شكلياً، ينطوي على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة إلى النظام الرسمي العربي الذي يترنح من شدة الأزمات التي يعاني منها، فمن مصلحة هذا النظام وأقطابه الظهور بمظهر المتماسك قبيل انعقاد قمة الدوحة العربية الدورية، وبما يوفر فرص الحد الأدنى من نجاحها، بعد ظهوره، أي النظام الرسمي العربي، بمظهر مخجل أثناء حرب القمتين الأخيرتين اللتين تزامن انعقادهما في كل من الدوحة (طارئة) والكويت (اقتصادية) مع العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
اعلام الدول الثلاث الرئيسية التي ستكون محور قمة المصالحة هذه، ركز كثيراً على ان المطلوب مصالحة حقيقية وليس مجرد ‘تبويس لحى’، وهو مطلب منطقي لا شك في ذلك، ولكن بالنظر إلى الهوة الواسعة بين مواقف الدول الثلاث حول القضايا الرئيسية المطروحة على جدول الأعمال، فإن هذه المصالحة لا يمكن إلا ان تكون شكلية.
فما تتطلع اليه كل من مصر والمملكة العربية السعودية من هذه القمة هو ابعاد سورية عن ‘محور الشر الايراني’، واعادتها الى الخيمة العربية، ولكن دون ان تقدم لها اي شيء ملموس في المقابل، اي ضمان استعادة هضبة الجولان بالكامل مثلاً في اطار عملية سلمية تحفظ الحد الادنى من الكرامة الوطنية وباقل الشروط صعوبة، مثل التبادل الدبلوماسي والتطبيع الاقتصادي والتجاري.
القيادة السورية تتحسب جيداً للمنزلق الذي يمكن ان تجرها اليه هذه القمة، وتدرك جيداً الهدف الذي يتطلع اليه الطرفان الآخران المشاركان فيها، ولذلك حرصت على ايفاد السيد فاروق الشرع نائب الرئيس السوري، المعروف بتشدده فيما يتعلق ببقاء محور الممانعة على حاله دون تغيير، الى طهران للقاء القيادة الايرانية.
الرسالة السورية واضحة، مفرداتها تقول نحن مستعدون للمصالحة، وكسر الجمود في العلاقات، ولكننا لسنا بصدد تقديم تنازلات مجانية، والتخلي عن سياسات أجبرت الآخرين على النزول من عليائهم، والاعتراف بفشل سياساتهم في عزلنا.
التاجر السوري الدمشقي يعرف كيف يناور ويخرج بالربح الذي يتطلع اليه في نهاية المطاف، ومجرد ذهاب الرئيس الاسد الى الرياض وجلوسه مع عاهلها والرئيس مبارك خصميه التقليديين هو مكسب كبير في حد ذاته، واي ‘فكة’ اخرى يحصل عليها هي ‘زيادة على البيعة’ مثلما يقول السوريون في ادبياتهم.
القدس العربي