صفحات الحوار

أميمة الخليل: ما يسمّونه موسيقى شبابية تشويه فاضح

null
عناية جابر
يكفيها أن تغني بصدق والالتزام أسلوب حياتها
أميمة الخليل فنانة مغنية لها حضورها الآسر لدى جمهورها. تابعناها في مرافقات غنائية مع مرسيل خليفة، ومغنية منفردة في شراكة زوجية وفنية مع الموسيقي هاني سبليني. صوت شجي، صاف لا يتنازل لمتطلبات السوق الراهنة، وهي هنا ضيفة على »مسرح بابل« في برمجة خارج سياق الأماسي الرمضانية التي استضافت فنانين عربا ولبنانيين، فحفلاتها الثلاث (أمس الجمعة واليوم السبت وغدا الأحد) في قلب معنى الاحتفال بعيد الفطر، وبإطلالتها معاً.
اطلالاتك الغنائية قليلة، هل هذا ينسجم مع تطلبك في الظهور الناجح أم هي عوائق مادية تحول دون تكثيف حضورك عربيا ولبنانيا؟
﴿ الإثنان معاً: إذ أصبح الجمهور يتجه أكثر نحو الملاهي والمطاعم، وأنا شخصياً لم آخذ هذا المنحى في مسيرتي منذ انطلاقتها، ولن أفعل الآن. المسرح مكلف أكثر كتقنيات، وهنا الصعوبة، أي ان أجد ممولاً لظهوري المسرحي، فرعاية نشاطات تقدم في الملاهي أسهل بكثير للمنتج كمتطلبات لإنجاح العمل. وعليه فإني أنتظر إيجاد منتج مهتم جدياً بما أقدّمه وأنتجه ليسمعه الناس. شخصياً أنا راضية عن حجم حضوري على الساحة الغنائية، آخذة بعين الاعتبار ما ذكرته آنفاً. لكن طموحي أكبر بكثير بطبيعة الحال، وبالوقت نفسه لست مستعدة للتنازلات على حساب المستوى والتقنية المطلوبة لظهوري الذي أؤمن به.
ما هو برنامجك لسهرتي مسرح بابل؟ بالأحرى أصبحت ثلاث سهرات في برمجتكم المستجدة، واحدة أمس الجمعة لم يتسن لنا حضورها. هل من اختلافات بين السهرات ومن هي الفرقة المصاحبة لك، ولماذا اخترت برنامجك وكأنه يُذكر الجمهور ببدايات الغناء مع مارسيل خليفة، وبدايات الغناء منفردة؟
﴿ سأقدم ثلاث أمسيات فعلياً على مسرح بابل وذلك بعد ان أضفنا واحدة على الأمسيتين اللتين كانتا مقررتين. أسميت العمل »في ذاكرتي« لتضمينه عدة أغنيات قديمة كنت قد غنيتها في مناسبات عدة مهمة في مسيرتي كـ: جارة الوادي + ليت للبرّاق + ليالي الأنس + قل للمليحة + بين الرضا… اضافة لأغنيات طرب كتبت لصوتي من مرسيل خليفة وهاني سبليني: لبسوا الكفافي + أحبك أكثر + إنت والغنية + نامي يا زغيري + يا سيدي… الفرقة هذه المرة عبارة عما يعرف بالتخت الشرقي مع اضافة آلة البيانو لضرورة وجودها في بعض الأغنيات. هاني سبليني (بيانو) سمير سبليني (ناي) عبود السعدي (باص) طوني خليفة (كمان) حسين خليل (عود) دافيد أبو عتمة (قانون) فريد بو سعيد (طبلة وكاتم) وسلمان بعلبكي (دف).
شراكة
عدا العلاقة الزوجية مع العازف، والموسيقي الناجح هاني سبليني ما مدى الشراكة الفنية التي تجمعكما، والى أي حد يصل تعاونكما وهل يساعدك في وضع برنامجك لسهراتك الفنية؟
﴿ شراكتنا الفنية أنا وهاني عميقة ومتينة حسب رأيي. فهاني لديه دائماً هم إيجاد فكرة موسيقية جديدة وصوت موسيقي جديد يخدم فكرته قبل كل عمل. أما أنا فهمّي منذ البداية هو قول اضافة جديدة في الفن الغنائي العربي مرتكزة أصلا على الذاكرة الجميلة ولا أكتفي بتردادها. وهذا أهم ما يميز تجربتي الفنية مع هاني، فلا استسهال، ولا اتكال، على ما هو موجود أصلا، نستعمله لنصل الى مسامع الناس، بل إصرار على تقديم أفكارنا وشخصياتنا الموسيقية المستقلة بغض النظر عن مدى وضع هذه التجربة في موقعها الصحيح من قبل وسائل الاعلام اولا والناس بشكل عام ثانيا. بالنسبة لبرامج حفلاتي، فهاني لا يفرض شيئا، بل ينتظر مني أن أختار ليأتي دوره لاحقا. قد نعدّل البرنامج حسب اقتراح منه لضرورات تقنية. مثلا: عدم توفر مجموع آلات موسيقية قد تُفقد بعض المقطوعات جمالياتها المسجلة أصلا فنستعيض عنها بمقطوعات أخرى…
تتميز تأليفات هاني بالديناميكية، بينما صوتك يطبعه شجن، الى أي مدى يمكن لتعبيرية صوتك التوافق والانسجام مع ايقاعات هاني المضبوطة على روحه المتحركة والمرحة احياناً في موسيقاه؟
﴿ صحيح . ولكن يمكن تعديل الأمور بين موسيقاه وإيقاعه وبين إيقاع حسي أنا وصوتي. ومما لا شك فيه ان نجاح أعمالنا الغنائية ليس بالضرورة بالمستوى نفسه فهناك مقطوعات تلاقي نجاحا أكثر من أخرى كتعبير، وهذا طبيعي ولا يزعجني حقيقة بل يحثني على العمل دائماً لتحسين ما يمكن أن يضيف لهذه التجربة جمالاً وغنى وعمقاً.
الموسيقى الشبابية
ما رأيك في الموسيقى السائدة حالياً التي تحاول الى دمج الثقافات (الشرقية والغربية) في نسيج واحد، أغلبه متعثر برأيي حتى اللحظة؟
﴿ ان نتعرف الى موسيقى الشعوب شيء بديع وفيه من الغنى ما ينير الحياة ويمتع الروح. قد نعمل على موسيقى من روحية بلد آخر او ثقافة غير ثقافتنا العربية، ولكني لست مع الغرق في هذا الموضوع لحد فقدان روحيتي المكتسبة أصلا عبر أجيال وأجيال. وهنا أجزم ان ما يروج حاليا من موسيقى يسمونها »شبابية« هو تشويه فاضح للموسيقى، وتسخيف كبير لدور الموسيقي البناء في المجتمع. فدمج الغربي بالشرقي في الموسيقى لا يعني ايقاعات غربية نضعها على أغانينا وموسيقانا، وهذا ما هو سائد، بل يتخطاه ليغوص في تركيب جملة موسيقية جديدة تتناسب مع ايقاع غربي مثلا بروح عربية واضحة لا لبس في هويتها ومنشئها. أما ان نحوّل أغانينا العربية الى أغان راقصة تتناسب مع طبيعة العصر فهذا ما لا أؤمن به لا أنا ولا هاني ولن نفعل يوما، لاقتناعنا بأن النتيجة سوف تكون هزيلة الحجم والمعنى.
هل يناسبك لقب فنانة ملتزمة على ما يقال، وكيف تصنفين مساحة صوتك، الأمر اللازم للغناء الشرقي الأصيل؟
﴿ أحب إليّ ان أنادى بأميمة الخليل صراحة والألقاب في مجال الفن حاضرا أصبحت مجانية برأيي. واللقب مرده تراكم نتاج فني ذو دلالة وتأثير إيجابي نوعي بالأصل أما اليوم، فلقب فنانة يطلق على أناس لا علاقة لهم بمعنى الالتزام، وهم يعطون دروساً بالالتزام ميمنة وميسرة! فماذا سيعنيني هذا اللقب إن وجد؟ سيغير مستوى فني أو أدائي او التزامي الحقيقي بالإنسان وقيمته عندي؟ لا أعتقد. اذن أنا شخص يختار نصوص أغانيه بصدق ويؤدي بصدق والنتيجة ألمسها في تبني الناس لتجربتي وحضوري ومتابعة أعمالي. أما الالتزام، فهو عندي أسلوب عيشي يغلّف حياتي ويحكمها، وهنا لا أفصل التزامي الفني عن التزامي الإنساني. عن مساحة صوتي، فهو يصنف كـ (Mezzo soprano)، وآسف لعدم ذكر المصطلح بالعربية، فهو مجهول التعريف، وأعتقد ان السبب في ذلك هو اعتماد غنائنا الشرقي على العِرب الصوتية والحس التعبيري اللذين يختلفان بين مغن وآخر. كمغنية تؤدي الشرقي التراثي فإني أستطيع تطويع طبقاتي الصوتية لما يلزمني في تأدية مقطوعة ما. ويبقى الأهم بالنسبة لي هو متانة هذا الصوت وقدرته على إيصال النبرة المقصودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى